انطلق منذ الرابع من تموز عرض الفليم المصري "آخر أيام المدينة" للمخرج المصري تامر السعيد في قاعات السينما التونسية.
وكان جمهور قاعة سينما المدار بمدينة قرطاج التونسية على موعد ليلة البارحة مع عرض للفيلم، بحضور المخرج والممثل المصري خالد أبو النجا الذي يزور تونس حاليا، بالإضافة إلى كادر شركة التوزيع المشرفة على توزيع العمل في تونس، تلاه جلسة نقاش للفيلم بإشراف المخرج.
الفيلم من بطولة الفنانة مريم صالح المعروفة بأدائها لأغاني الشيخ إمام، صحبة عدد من الممثلين كان قد صرح المخرج بأنهم زملاءه في الحقيقة وهم يلعبون أدوارا شبيهة بواقعهم.
ويحكي الفيلم قصة صانع أفلام شاب يدعى خالد يحاول طيلة شهر كانون اول 2009 أن يصنع فيلما يلتقط فيه نبض المدينة في لحظة يكاد يفقد فيها كل ما يحبه في القاهرة، وتساعده الرسائل المصورة التي يرسلها إليه أصدقاءه من بيروت وبغداد وبرلين في البحث عن فكرة لكنه لا يجد طريقه ويضل ضائعا بين فقد يطارده و موت يأخذ منه أفراد عائلته واحدا تلو الآخر وقصص تهرب منه لا يقدر على مجاراته و تصويرها للآخر.
من جانبه، أكد المخرج تامر السعيد أن العمل كله انعكاس لما عاشه شخصيا في نفس الإطار الزماني والمكاني، فقد صور الفيلم في منزله ومكتبه والشارع الذي يمر منه يوميا مرتين على الأقل، وكل شخص شارك في العمل بوعي أو لا وعي منه هو موجود في حياة المخرج الحقيقية وهو مؤثر في أحداث الفيلم وفي واقع تامر السعيد أيضا.
وأضاف المخرج أنه قد استغرق العمل على الفيلم فترة زمنية طويلة نظرا لقلة الإمكانات المادية ولغياب الدعم من أي جهة رسمية أو خاصة ورغم أنه خرج من ضياعه الحقيقي لتصوير الفليم ب 365 ساعة تصوير إلا انه استطاع أخيرا صناعة فيلم من ساعتين.
وفي ما يتعلق بمنعه من العرض في مصر أكد المخرج أنه لم يتم منعه رسميا وإنما كان قد قدم العمل لجهاز الرقابة المصري منذ نوفمبر 2016 لكنه لم يتلق لغاية اللحظة الحالية أي إجابة رسمية كانت أو غير رسمية وهو ما اعتبره منعا صريحا للعمل من أن يرى النور دون تبين أسباب المنع، لذلك بحث تامر السعيد عن حلول ثانوية لترويج فيلمه وتمكن من الحصول على جائزتين من مهرجان قرطاج السينمائي للأفلام الغير مكتملة وهي جوائز مالية مكنته من حل المشكل المادي الذي كان عائقا لإتمام الفيلم وتمكن أيضا من الاتفاق مع شركة تونسية للتوزيع فتحت أمامه أبواب السينما التونسية ليبدأ "آخر أيام المدينة" أول أيام حياته من تونس، واخر أيام المدينة هو توثيق لفترة ما قبل الثورة المصرية وبحث في لحظة الضغط القصوى التي سبقت الانفجار، لحظة شعور المصري أن القاهرة تقهره بكل ضجيجها وصخبها والقهر الذي يختفي في كل تفاصيلها، هو أيضا انعكاس لحالة شبيهة بحالات عدة من الشباب الذين تملؤهم المدينة ضياعا ولم يعد لديهم القدرة على معرفة هل هي نعمة أم نقمة وهل حان وقت الصراخ والتحرر أم أن الحال سيستمر سيرا نحو الأسوأ.
ورسالة الفيلم أيضا أن المدن العربية تكاد لا تختلف كثيرا وهي شبيهة ببعضها فما يربط المواطن العربي بوطنه صار أمرا لا يدرك ماهيته، فهو اعتاد فقط العيش فيها رغم أن كل ما حوله ينذر بالموت والفقد وهو في أحيان كثيرة يمزق الإنسان بين تغيرات كبرى و تحولات جذرية تعكس ضياع المدن بمن فيها.