نشر موقع "ميديابار" الفرنسي تقريراً تناول فيه تسريبات بخصوص "صفقة القرن" التي تقدم بها كوشنر في محاولة منه لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال في تقرير له، إن "الخطة التي وضعها مستشار ترامب وصهره للتوصل إلى "صفقة القرن" بين الإسرائيليين والفلسطينيين تنحاز بشكل كبير إلى الجانب الإسرائيلي، كما يتجاهل هذا المشروع، الذي وعد به الرئيس الأمريكي، المكاسب التي تحققت خلال عقدين من المفاوضات بين الطرفين، والمعطيات التاريخية، علاوة على السياق الجيوسياسي".
وتطرق الموقع إلى أنه بعد أن تم اطلاعهم على الخطوط العريضة "لخطة السلام" هذه، وعلى الرغم من علاقاتهم الجيدة مع كل من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، إلا أن العديد من القادة العرب وجدوا في هذا الصفقة ميلاً واضحاً نحو الاستجابة للطموحات الإسرائيلية، كما تبين لهم أن هذه الخطة تبعد كل البعد عن الوقائع والحقائق الميدانية. والأهم من ذلك، أنه من الصعب على هذه الأنظمة العربية دفع شعوبها، المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، إلى تقبل ما يتضمنه هذا المشروع.
وأشار إلى أن "مصر والأردن، الدولتان اللتان تواجهان أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، دعتا ممثلي ترامب إلى ضرورة التروي بشأن تطبيق هذه الخطة، وفي الواقع، لا يرغب هذان الطرفان في إثارة غضب شعبي داخل البلدين بسبب هذا الاتفاق غير العادل، ومن خلال هذا المشروع، الذي وافق عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونظيره الإماراتي محمد بن زايد، خلق صهر ترامب مشاكل ديبلوماسية حقيقية في منطقة الشرق الأوسط".
وبين الموقع أن "مشروع هذه الصفقة قد صُمم بشكل أساسي من قبل ثلاثة أشخاص وهم جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان؛ ولا يمتلك هذا الثلاثي أي خبرة دبلوماسية ولا معرفة بخصوصيات المنطقة العربية، إذ أنه ليس مدركاً سوى للمصالح الإسرائيلية".
كما أورد، أنه "خلال النقاشات بين قادة الشرق الأوسط، تم تسريب بعض المعلومات التي تُعطي لمحة أولى عن هذه الوثيقة الصادمة، وتتمثل أولى أساسيات هذه الوثيقة في عدم إشارتها بشكل مباشر إلى حل قيام دولتين، المبدأ الذي يقبل به الفلسطينيون وحتى بعض الدول الصديقة لإسرائيل وتؤيده الأمم المتحدة".
وبدلاً من هذا الحل، تقترح خطة كوشنر أن تكون الضفة الغربية "شبه دولة" منزوعة السلاح، وذات سيادة محدودة، كم لن تكون عاصمتها القدس، وبناء على ذلك، سيشغل الفلسطينيون مساحة تقل عن نصف 22 بالمئة من "دولة فلسطين" التاريخية، وباختصار، لن يتم الاعتماد على حدود سنة 1967 لوضع حدود الكيان الإقليمي الفلسطيني الذي سيتم إنشاؤه وفقاً لما ورد في هذه الخطة.
وأفاد الموقع أنه بالنسبة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، يبدو أن هذه الوثيقة لا تعترف بالمصير المأساوي ولا تقبل بعودة هؤلاء الفلسطينيين، حتى بشكل رمزي. ومن المفترض أن تتم تسوية هذا الملف عن طريق دفع منحة الاستقرار في بلد المنفى أو إعادة التوطين في بلد آخر، في هذا الصدد، ستتكفل الممالك الخليجية بدفع تكاليف هذه العملية، كما لو أن أموال الثروات النفطية ستكون قادرة على محو ذكرى "كارثة" سنة 1948 وتخفيف آلام وعذاب المنفى.
وفي الوقت الحالي، يتمثل الموقع المقترح لعاصمة "شبه هذه الدولة الفلسطينية"، التي يغيب التواصل أو التماسك الجغرافي بين مناطقها، في مدينة أبو ديس المهمشة والواقعة شرق القدس. ولإخفاء ما تتضمنه هذه الخطة من تنازلات فلسطينية لصالح إسرائيل، فضلاً عن التخفيض من حدة رفض القيادات الفلسطينية لها، عمد جاريد كوشنر ومستشاروه إلى نشر إشاعة يُطالبون فيها إسرائيل بالانسحاب من أبو ديس وثلاث ضواحي فلسطينية أخرى واقعة في القدس الشرقية.
وأورد الموقع أنه، وفي إشارة منه إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي يعيشها سكان قطاع غزة، الذين يُعانون من البطالة بسبب الحصار الإسرائيلي والمصري ويفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والكهرباء على امتداد اليوم، تطرق صهر ترامب إلى الحديث عن واجب تقديم المساعدة "الإنسانية" لسكان القطاع.
وحسب ما جاء في هذا المشروع، يجب أن تُلبي الدفوعات الأولى، التي لم يتم تحديد طرق وتواريخ دفعها بوضوح، الاحتياجات الملحة وأن تُستثمر في تهدئة الوضع الأمني وتوفير الكهرباء وخلق مناخ ملائم للنظر في خطة البيت الأبيض الجديدة بخصوص الشرق الأدنى.
وأضاف الموقع أنه من خلال استثمار جديد تصل قيمته إلى مليار دولار، الذي ستدعمه الدول الخليجية، تحدث فريق كوشنر عن إنشاء "منطقة حرة" ظل وضعها القانوني غامضاً إلى حد الآن، في سيناء المصرية، بين حدود غزة ومدينة العريش المصرية.
وبحسب "ميدياربار" فستشمل هذه المنطقة محطة لتحلية مياه البحر ومحطة توليد الطاقة الكهربائية اعتماداً على الطاقة الشمسية، فضلاً عن خمس مناطق صناعية سيعمل فيها آلاف الأشخاص، كما ستضم أيضاً ميناء، يحل محل الميناء الذي لم تسمح إسرائيل أبداً ببنائه في غزة، ومطاراً دولياً.
ومن الواضح أن خطة كوشنر قد وأدت مشروع دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة، كما توقعتها اتفاقيات أوسلو، وفي تعليق له على اقتراح جاريد كوشنر، وصرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه "لا وجود لدولة داخل غزة، ولا لغزة دون دولة فلسطينية، وهناك إجماعاً فلسطينياً وعربياً ودولياً على هذا الأمر".
وعرج الموقع على أن العاهل الأردني عبد الله الثاني، كان قد أعرب عن قلقه من استنتاجه أنه باستثناء المال، لم تتضمن الخطة أي اقتراحات حلول لقضية اللاجئين، أما العاهل السعودي سلمان، فقد عبر من جانبه عن عدم موافقته لا على الخطة الأمريكية ولا على الدعم الذي منحه ابنه ووريثه لهذا المشروع. ويعود ذلك إلى سبب بسيط يتمثل في تعارض خطة كوشنر بشكل تام مع المبادرة العربية، التي قُدّمت في سنة 2002 في بيروت، باسم الملك السعودي.