كان مركز شرطة في ستوكبورت البريطانية على موعد مع مفاجأة ربما لم تمر على عناصره من قبل، حين دخلت باربرا كومبس (63 عاما) وأخبرت الضباط أنها قتلت والدها قبل 12 عاما.
وبعد يومين من اعترافها بالجريمة مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، عثرت الشرطة على جثة والدها كينيث كومبس، المحارب القديم في الحرب العالمية الثانية والذي كان في السابعة والثمانين من العمر لحظة وفاته.
تزعم باربرا أن والدها اعتدى عليها جنسيا على مدى أكثر من أربعين عاما، منذ أن كانت في الخامسة من عمرها، واغتصبها مئات المرات طوال حياتها.
وتضيف للشرطة أنها حينما كانت بين السادسة والتاسعة من عمرها، أخذها والدها إلى ناد للتصوير الفوتوغرافي حيث أجبرها على التقاط صور إباحية لها.
وذات يوم بينما كانت تعتني باربرا كومبس (51 عاما آنذاك) بحديقة المنزل الذي تقيم فيه مع والدها في ضاحية قرب مدينة مانشستر في إنجلترا، عثرت على صندوق داخل أحد أركان الحديقة.
فتحت الصندوق، فهالها ما رأت: مجموعة من الصور الإباحية لأطفال، من بينها صور واضحة لها عندما كانت طفلة، وفقا لما جاء في جلسة المحكمة التي نقلتها صحيفة "مانشستر إيفننغ نيوز".
كانت هذه الصور تذكيرا مؤلما بما عانته في طفولتها من عقود من الإساءات على يد والدها. وعن هذه اللحظة، تقول باربرا أمام المحكمة "شعرت بسحابة سوداء تظهر فوقي".
في غمضة من الاشمئزاز وعدم التصديق، التقطت باربرا فأسا كانت تعمل بها في الحديقة، وسارت إلى غرفة المعيشة حيث يقف والدها، وضربته على مؤخرة رأسه، وعندما التفت نحوها، ضربته مرة أخرى. ثم استخدمت النصل الحاد وقطعت حنجرته ووقفت تشاهده ينزف حتى الموت.
لفّت باربرا جثمان والدها في سجادة قديمة وسحبتها إلى الحديقة الخلفية، وفي اليوم التالي اشترت نحو ألفي رطل من التربة، لاستخدامها في دفن الجثة في قبر هناك ظل سريا أكثر من عقد من الزمان.
سلسلة أكاذيب
تقول محامية باربرا إن والدها كومبس ربما كان والد طفل باربرا الأول الذي توفي بعد الولادة بوقت قصير.
وفي عام 2006، أخبرت باربرا المقربين منها أن والدها قد توفي بشكل مفاجئ، وابتكرت "سلسلة من الأكاذيب المتقنة" للتغطية على عملية القتل، وكتبت رسالة لأخيها تخبره أن والدهما مات بسبب نوبة قلبية. وألغت جميع مواعيد والدها الطبية، وأخبرت ابنتها أن جدها لم يكن يريد "جلبة" في تشييعه.
تقول الشرطة إنها كانت تعيش في المنزل نفسه طوال 12 عاما، ولم تكن نافذة غرفتها تبعد سوى خطوات عن جثة والدها الميت.
لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في قتل باربرا والدها ولا في إخفاء جثته على مدى 12 عاما، بل في أنها ظلت تتربح منه على مر السنين. ووفقا للشرطة، فقد تلقت بشكل مخادع أكثر من 180 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل اليوم نحو 236 ألف دولار(.
الدائرة تضيق
والأربعاء الماضي، حكم قاض في مانشستر على باربرا كومبس بالسجن تسع سنوات بتهمة القتل غير العمد، بعد أن أقرت أمام المحكمة بأنها غير مذنبة بقتل والدها لكنها مذنبة بتهمة أقل وهي القتل الخطأ بسبب تناقص المسؤولية.
وقال القاضي تيموثي كينغ إنه لا يقبل أنها تصرفت دفاعا عن النفس. ومع ذلك، فقد خفف الحكم لأنها كانت تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب الشديد نتيجة "40 عاما من الاعتداء العقلي والجسدي والجنسي الشديد".
وأكد القاضي أنه لا يعتقد أن باربرا كانت ستعترف أبدا بقتل والدها لولا أن الدائرة بدأت تضيق حولها، بعد أن اشتبه مسؤول من جمعية الإسكان المحلية بمكان وجود كينيث كومبس، حيث حاول مرارا تحديد موعد لفحص رفاهيته، لكن باربرا كانت تتحايل على ذلك، وكان من المقرر أن يقوم بزيارة منزله في اليوم التالي لاعترافها.
وقد زعمت في إحدى المرات أن والدها -الذي من المفترض أنه يبلغ 99 عاما- كان في منتجع بوذي في مانشستر.
بعد صدور الحكم بحبسها، قال كبير ضباط التحقيق في القضية دنكان ثورب إن باربرا "لم تبد أي ندم إطلاقا على قتل والدها ودفنه في حديقته الخاصة على بعد أمتار فقط من نافذة غرفة نومها، لكنها اعترفت للشرطة فقط عندما لم يكن لديها خيار آخر".