صادف، أمس الأربعاء، الثامن عشر من يوليو، الذكرى المئوية لميلاد الزعيم الروحي والمناضل ضد العنصرية والاستبداد في جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا.
ورحل مانديلا بهدوء، مساء الخميس، في الخامس من ديسمبر عام 2013، في منزله في جوهانسبرغ بعد معاناته من مرض في الرئة.
رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما السابق الذي أعلن وفاته، وقال: "مواطني جنوب أفريقيا.. رحل حبيبنا نيلسون مانديلا الرئيس المؤسس لبلدنا الديمقراطي.. فاضت روحه إلى بارئها بسلام في منزله".
وانتخب مانديلا، الذي أمضى نحو ثلاثة عقود في السجن، رئيسا لجنوب أفريقيا في انتخابات وصفت بالتاريخية عام 1994، لكنه تقاعد عام 1999، وحصل على جائزة نوبل للسلام في 1993.
وأفرج عنه يوم التاسع من فبراير 1990، وفي اليوم الأول من الإفراج عنه طلب الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات من مستشاره بسام الشريف، أن يحاول الوصول إليه حيث وصف هذا الحدث بالعظيم وبداية للتحول الاستراتيجي في القارة الأفريقية.
كان الحدث الهام ليس في استقبال زعماء أفريقيا للزعيم مانديلا بعد الإفراج عنه عام 1990 فقط، بل كان الحدث الأكثر أهمية هو لقاء مانديلا وعرفات حسب رهان قطعه مستشار الشهيد بسام الشريف، لمدير مكتب مجلة "تايمز" في جنوب أفريقيا سكوت ماكلاود، وهذا ما كان بالفعل.
كان استقبال الزعماء للمناضل الأممي يوم 15 فبراير 1990 عاطفيا جدا، وعزفت الموسيقى الأفريقية وقام مئات من الشابات والشبان بتقديم عروض للرقص الشعبي من مختلف أنحاء أفريقيا، وكانت جميعها رقصات الفرح والاحتفال، وفي اليوم التالي من الاحتفالات اتصل سكوت ببسام الشريف: "لقد كسبت الرهان".
يذكر القائد الأممي نيلسون مانديلا، في مقال بعنوان: "عرفات نقل قضية شعبه من قضية لاجئين إلى قضية أمة"، إنه كان يتابع نشاط الرئيس الشهيد ياسر عرفات من غياهب السجن، وكم أثار اهتمامه في ثباته ومثابرته، حيث التزم بالكفاح من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وسيبقى عرفات إلى الأبد رمزا للبطولة بالنسبة لكل شعوب العالم التي تقاتل من أجل الحرية والعدالة.
وقال عن أبو عمار: عرفات المقاتل من أجل الحرية، عرفات رجل الدولة، وعرفات الحائز على جائزة نوبل، ومع ذلك، فإن ضلوعه تحتضن قلب إنسان بسيط يحمل بإخلاص عميق تطلعات الشعب الفلسطيني وآماله".
وأضاف: "أبدى ياسر عرفات شجاعة نادرة في مواجهة أدق ظروف الاختبار التي يمكن لمناضل من أجل الحرية أن يواجهها، ولا يأتي هذا الاختبار في ساحة المعركة بقدر ما يأتي حين يواجه المرء بتحدي التنازل من أجل السلام، ومن أجل وجود شعبه، ورفاهيته بعيدة المدى. وهنا أيضا، نستطيع أن نقول إن ياسر عرفات قد اثبت نفسه، ليس فقط كمحارب عظيم في ساحة المعركة، إنما أيضا، وبالقدر نفسه، كرجل دولة عظيم في البحث عن السلام".
وختم: "إنه لشرف لي أن أحيي أخا، ورفيقا في النضال من أجل الحرية، ووطنيا عظيما محبا لوطنه. ودعونا نأمل في أن يكون يوم إقامة الدولة الفلسطينية، وانعتاق الشعب الفلسطيني، قد صار في متناول اليد، موشكا على التحقق".
وبعثت عائلة مانديلا رسالة إلى الشعب الفلسطيني بعد عامين على رحيله وذكرت في فحوى الرسالة: روح نيلسون مانديلا تقف مع نضالكم العادل، وأن التضامن مع فلسطين لن يكون عبر الكلمات والخطابات المكتوبة على الورق فقط، إنما سيكون من خلال ترجمة فعلية لقناعتنا بالتضامن مع الشعب الفلسطيني على الأرض، من خلال المشاركة الفاعلة في حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها".
وتابعت: "نضال شعب جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، الذي قاده الأجداد، له تكملة هذا اليوم عنوانها الوقوف في وجه نظام الأبرتهايد الإسرائيلي".
زار مانديلا قطاع غزة عام 1999 وكان في استقباله الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وجماهير غفيرة، وسط احتفالات شعبية بحريته.
في شهر آذار مارس 2009 رفع لوحة للزعيمين ياسر عرفات ونيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، تخليدا للشراكة النضالية والصداقة التي جمعت الزعيمين، وذلك في العاصمة بريتوريا بمبادرة من سفارة فلسطين هناك، وتظهر اللوحة صورة التقطت في تسعينيات القرن الماضي، يحتضن فيها الزعيم نيلسون مانديلا الرئيس الراحل ياسر عرفات، خلال مشاركتهما في أحد مؤتمرات القمة الأفريقية.