قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الإرهاب الذي يمارسه تنظيم "الدولة" في العراق وسوريا يحوله إلى دولة فاعلة تتمتع بالكثير من المقومات، متساءلة في الوقت ذاته إن كانت "الدولة الإسلامية" ستتمكن من الصمود فترة أطول لتتحول فيما بعد إلى دولة معترف بها.
وتقارن الصحيفة بين تنظيم "الدولة" وتحكمه بالأراضي التي يسيطر عليها وبين كل من الحكومتين العراقية والسورية، لتخلص إلى أن تنظيم "الدولة" لا يعد دولة فاسدة مقارنة بحكومتي بغداد ودمشق.
وتنقل الصحيفة عن شخص اختار لنفسه اسم بلال قوله: "بإمكانك أن تحمل معك مليون دولار أمريكي، وتنتقل من الرقة إلى الموصل دون أن يسألك أحد عنها، أو أن يجرؤ على أخذ دولار واحد منك".
وتتابع الصحيفة أن تنظيم "الدولة"، وبعد سيطرته على مزيد من الأراضي في كل من العراق وسوريا، تحول إلى دولة فاعلة باستخدام العنف الشديد، "الإرهاب" كأداة.
وتشير الصحيفة إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذها التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها ليثبت للناس أنه يتعامل بطريقة الدولة؛ ومنها إصدار بطاقات هوية للسكان، وأيضاً إصدار تعليمات بشأن عمليات الصيد للحفاظ على المخزون، بالإضافة إلى التشديد على أصحاب السيارات بضرورة حمل عدة الحالات الطارئة، تحول ترى الصحيفة أنه يستوجب من الغرب إعادة النظر في خطط مكافحة هذه الجماعة.
يقول ستيفن أم آلت، أستاذ العلاقات الدولية في كلية جون كينيدي للدراسات الحكومية بجامعة هارفارد: "لا شك أن التنظيم يسعى لبناء دولة ثورية، إلا أن العديد من الخبراء يؤكدون أن شر هذه الدولة يضمن تدميرها في نهاية المطاف".
ويرى آلت، أنه بعد عام من بدء التدخل الجوي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" فإنه أصبح من الواضح أن التدخل الأجنبي على نطاق واسع فقط هو ما سيؤدي إلى تراجع التنظيم والقضاء على "الدولة".
ويؤكد آلت أنه من دون مصالحة سياسية مع السنة فإن كل الحلول تبقى غير كافية لهزيمة هذا التنظيم.
أحمد، بائع التحف الذي فر مؤخراً من الرقة التي يسيطر عليها التنظيم قال: "كلاهما قذر"، في إشارة إلى التنظيم والنظام السوري، إلا أنه عاد واستدرك "تنظيم الدولة أكثر قبولاً في الرقة".
ويضيف: "صحيح قد تكون الحياة وحشية، ولكن على الأقل هي مستقرة، المهم أن تطبق لوائح التنظيم وقوانينه".
العنف كأداة لتحقيق دولة، لا يبدو أنه مقتصر على تنظيم "الدولة"، حيث تستعرض الصحيفة عشرات من النماذج التاريخية لدول قامت على أساس العنف؛ ومنها دول في أوروبا إبان القرون الوسطى؛ ممّا يجعل تنظيم "الدولة" امتداداً لمثل هذه النماذج التاريخية.
ورغم أن البعض يرى أن كلا الشعبين العراقي والسوري عاش في ظل أنظمة قمعية، ممّا يعني أنهما اعتادا على العنف الذي يمارسه التنظيم، إلا أنها تشير إلى أن طبيعة ما تعرض له سكان المناطق التي يسيطر عليها التنظيم من أساليب قمع وقتل وتعذيب على يد الأنظمة، جعلتهم يرحبون أو على الأقل يتعاطفون مع التنظيم.
الآن تبدو شوارع المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في كل من العراق وسوريا نظيفة، بعد سنوات من الحرب والفوضى.
يقول المحلل السياسي حسن حسن إن على الأرض هناك منطق الهمجية؛ فالناس تتجنب أية معارضة التنظيم أو أي من قوانينه خشية على حياتهم، الناس تريد أن تعيش بسلام، إنهم يشعرون في ظل سيطرة التنظيم أن هناك دولة فاعلة.
ورغم كل ما ساقته الصحيفة الأمريكية من وجود دولة فاعلة اسمها "الدولة الإسلامية"، إلا أنها ختمت تقريرها بالقول: "من الصعب أن نتصور "الدولة" دولة شرعية لديها مطارات وجوازات سفر".