بقلم: د. اوري ملشتاين
في الوعي القومي هناك ثلاثة قادة في الجيش الاسرائيلي أنهوا حرب "الايام الستة" كمحررين للقدس: قائد الاركان في حينه اسحق رابين، قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس، وقائد وحدة الاحتياط للمظليين، موتي غور. من بين الثلاثة كان الاخير هو الاكثر شهرة: اضطر رابين الى مواجهة موجة من الشائعات حول انهياره النفسي في الفترة التي سبقت اندلاع المعارك؛ وفقد نركيس هالته بعد فشله في معركة الكرامة في الاردن بعد أقل من عام على الحرب؛ أما موتي غور فقد بقي مع "تقدم بنتسور، تقدم" و"الجبل في أيدينا"، وبقي هذا معه حتى مكتب قائد الاركان بعد ذلك بسبع سنوات.
من خلال البحث الذي أجريته تبين أن نجاح غور كان بالشراكة مع شريك خفي رفيع المستوى بخصوص تحرير القدس – وزير الدفاع موشيه ديان، الذي دخل الى منصبه قبل بدء الحرب بأربعة ايام. تولى ديان منصبه بعد أن وافق كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع، ليفي اشكول، على خطة الحرب، وخضع للضغط الجماهيري القوي ومنح ديان المنصب.
حسب البحث، الوظيفة الأساسية لكتيبة المظليين الاحتياطيين تحت قيادة موتي غور كانت النزول في العريش والانضمام الى فرقة المدرعات ليسرائيل طل، التي كان يفترض أن تتجه جنوبا عن طريق رفح في اطار عملية نحشونيم. وكان يفترض أن يعمل المظليون مع قوة المدرعات بشكل موحد، "عناقيد"، تهبط من البحر، إلا أنه في الساعة التاسعة صباحا يوم بدء الحرب، 5 حزيران 1967، حتى قبل انهيار الجيش المصري وقبل أن يتبين أن الاردن انضمت الى الحرب، نقلت القيادة العليا دبابات "العناقيد" الى لخيش لتعزيزها في حال قام الاردنيون بالهجوم.
في تلك الساعات وصلت معلومة استخبارية تقول إن فرقتي كوماندو مصريتين تخططان للدخول في الليل من الاردن الى اسرائيل من اجل تدمير مطارات في اسرائيل في محاولة يائسة لتحييد سلاح الجو الاسرائيلي. قسم العمليات في هيئة الاركان بقيادة الجنرال اسحق حوفي طلب من الكتيبة 55 التابعة لغور الانضمام لحماية المطارات وبالتالي حل الكتيبة وتوزيعها في البلاد.
حسب قول قائد استخبارات موتي غور، اريك أكمون: "كانت لموتي غور صلة بهيئة الاركان ومنها مع رئيس قسم العمليات الجنرال حاييم نادل وآخرين ولم يتوقف عن الحديث معهم في ذلك الصباح في الهاتف. لا أعرف عما تحدثوا".
يبدو أنه هكذا عرف موتي غور بالخطة التي ألغت دوره كقائد كتيبة وألغت أمله بالتقدم في سلم الرتب، وعمل على الغاء الخطة. وعندما توجهت الى الجنرال المتقاعد د. حاييم نادل وطلبت الحديث معه بخصوص الامر أجاب: "لا أريد الدخول في هذا".
في تحقيق سري لم يتم نشره كتب رئيس قسم التاريخ في حرب "الايام الستة،" العقيد ابراهام ايلون: "قائد الكتيبة 55 موتي غور أجرى الاتصالات من اجل الغاء القرار السيئ. جهوده نجحت، وفي نهاية المطاف تم القاء مهمة حماية المطارات على الوحدة الاساسية للكتيبة 4 والكتيبة 5 ووحدة حروب". وحسب أكمون: "في الساعة 12:00 قيل لنا ستذهبون الى القدس".
ليس من المنطق الافتراض أن نائب الجنرال حاييم نادل، "قد ألغى القرار الخاطئ". البحث الحالي يطرح احتمالا جديدا ودراماتيكيا، بأن السند الرئيس لموتي غور كان وزير الدفاع ديان، وكان موتي هو الأداة التي غير ديان بوساطتها خطة حرب هيئة الاركان، الهجوم على مصر فقط وامتصاص الضربة في الجبهات الاخرى، وبهذا عمل على تغيير تاريخ الشرق الاوسط كله. وقد استهدف الجيش الاسرائيلي القدس بالقصف منذ اليوم الاول للحرب، قبل النقاش في الامر في القيادة العليا، وليس هناك خطوة اكثر استراتيجية من هذه.
في كتاب سيرته الذاتية كتب ديان أن السؤال حول القدس كان "ليس اذا ما كان سيتم احتلالها، بل متى وكيف" (صفحة 437). في خطوة تآمرية كهذه، ميزت ديان ايضا في حرب 1956 وفي حرب "يوم الغفران"، استند وزير الدفاع الى التحالف بينه وبين موتي غور. ويبدو أن ديان اعتبر موتي غور بديلا لاريك شارون في كل ما يتعلق بتنفيذ مهمات أمنية حساسة. يمكن أن يكون شارون قد أخافه كمنافس وكشخص غير متوقع ولا يمكن الاعتماد عليه (مع ذلك في حرب "يوم الغفران" اضطر ديان الى التحالف مع شارون لأنه كان واحدا من اثنين يعرفان الميدان، ويبدو أنه لم يكن لدى وزير الدفاع البديل؛ فقد كان موتي غور في الولايات المتحدة ملحقا للجيش الاسرائيلي).
جبل المشارف أولا
إن وجود النية عند الاردنيين للسيطرة على جبل المشارف كان مصدره خطأ استخباريا صعبا: في الساعة 10:30 صباحا أعلن مذياع القاهرة أن "الاردنيين احتلوا جبل المكبر". وفي الاستخبارات العسكرية تمت ترجمة جبل المكبر الى جبل المشارف، وفي هيئة الاركان فسروا ذلك على أن الاردنيين ينوون السيطرة على جبل المشارف. السؤال الذي يطرح نفسه هو اذا كانت هذه نية الاردنيين فلماذا يعلنون عن ذلك مسبقا؟.
من اجل الدفاع عن جبل المشارف الذي كان المنطقة الاكثر حماية في الشرق الاوسط، فقد أرسل الجيش الاسرائيلي كتيبتين – الكتيبة 10 التابعة للمدرعات وكتيبة 55 التابعة للمظليين التي كانت الاحتياط لهيئة الاركان. وقد وضع ديان التعليمات أما المصادقة فتمت في النقاش لدى رئيس الحكومة اشكول الساعة 12:30 من ظهيرة اليوم الاول للحرب. السؤال كان هل من الصواب وضع كل الاحتياط للجيش الاسرائيلي للدفاع عن موقع صغير لم يتم استهدافه بتاتا – لم تتم مناقشة هذا السؤال على مدى 48 سنة مرت منذ الحرب.
بعد ذلك بنصف ساعة سيطرت فرقة اردنية على ارمون هنتسيف في جبل المكبر جنوب القدس. وبعد ذلك بربع ساعة تلقى قائد الكتيبة 10، اوري بن آري، أمرا باحتلال شمال القدس والسيطرة على تل الفول حتى الساعة الرابعة صباحا، الذي يمتد شمالا على طول المدخل الى العاصمة. في تلك الساعة تلقى موتي غور أمرا بارسال سرية واحدة لاحتلال القدس. التحقيق السري يقول إن "نية القيادة العليا كانت احداث تقدم نوعي من مدرسة الشرطة باتجاه جبل المشارف". لكن لنتس زعم أن موتي قال لقائد الكتيبة يوسي يافه، إن المهمة هي تعزيز الخط البلدي الذي يتصل بالمدينة العربية (صفحة 195).
وحسب اقوال ديان في القيادة العليا، فقد تلقى موتي أمرا بارسال كل الكتيبة الى القدس والاستقرار لدى قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس في قيادته في الرملة. في المقابل منع ديان طرد الاردنيين من ارمون هنتسيف، وكان العمل هناك حسب عاموس نئمان، بخلاف الأوامر. هنا ايضا يطرح السؤال – اذا احتل الاردنيون منطقة في جنوب المدينة فلماذا أمر ديان بقصف الوسط والشمال؟.
ألم تكن قضية جبل المشارف ذريعة وليست سببا؟ وهل يمكن أن الخطأ الاستخباري كان ايضا خدعة من اجل تغيير خطط هيئة الاركان والحكومة؟ من يريد البحث عن الدليل على ذلك فسيجده في شخصية ايلي زعيرا، رئيس مكتب قائد الاركان موشيه ديان في الخمسينيات، ورئيس جمع المعلومات الاستخبارية العسكرية (المسؤول عن متابعة الراديو والترجمة) في حرب "الايام الستة"، ورئيس الاستخبارات العسكرية في حرب "يوم الغفران". بكلمات اخرى: ثلاث حروب، ثلاث علامات استفهام استخبارية، ونفس الشخص.
"تقدم بنتسور، تقدم"
ما زلنا في 5 حزيران 1967 والساعة هي 2:50. يقول وزير الدفاع في هيئة الاركان، إنه "يجب الالتحاق بجبل المشارف عن طريق الشيخ جراح بشرط أن نسيطر على الجبل بواسطة القوات المتواجدة فيه". أمر الوزير الكتيبة 55 بتوسيع الاقتحام في منطقة مدرسة الشرطة. ويزعم الضابط عاموس نئمان أن الانضمام للجبل بواسطة مدرسة الشرطة كان بخلاف كل خطط الجيش في حينه. من هنا يمكن الافتراض أن خطوات موتي غور في القدس التي كانت بخلاف خطة هيئة الاركان العامة والتي تم انتقادها بعد الحرب، قد تم تنسيقها مع وزير الدفاع.
في تلك الساعة تقريبا جاء موتي غور مع ضباط الكتيبة الى الجنرال نركيس في الرملة. في كتاب "جبل الهيكل في أيدينا"، كتب موتي: "المهمة – احتلال مناطق مأهولة في القدس، مدرسة الشرطة والمندلبوم. طلبت من الجنرال عدم التوجه الى تل المفتار وتفضيل روكفلر والبلدة القديمة، وقد صادق الجنرال على ذلك. نحن، الاثنين، فهمنا أهمية الحدث التاريخية وقد منحني نركيس حرية العمل داخل المدينة. وعندما خرجت من اللقاء مع الجنرال التقيت مع حاخام القيادة. وقد احتضنني وقبلني. ووعدته: "سنحرر القدس...". وطلبت من ضابط الهندسة في القيادة يود دوري أن يجد لي طريقة لاقتحام البلدة القديمة وأن يقوم بتحضير المواد المتفجرة. آمل أن ننجح في الدخول الى البلدة القديمة". وفي وصف موتي للقائه مع نركيس لم يكن أي ذكر لجبل المشارف. وقد صدر الكتاب في 1974، ومن الصعب الافتراض أن موتي قد نسي في هذه الاثناء مهمة جبل المشارف.
أخمون، الذي كان موجودا في اللقاء عند نركيس، يزعم أنه ليس هناك أي صلة بين ما جاء في الكتاب وبين مضمون اللقاء، وأن الامر الرسمي للانضمام الى جبل المشارف قد أعطي لدى نركيس. وفي نهاية اللقاء قال قائد المنطقة: "آمل أن تكتشفوا عار العام 1948". وحسب قائد الكتيبة عاموس يارون الذي كان ايضا عند نركيس: "لم يتم الحديث هناك عن البلدة القديمة. لا أعرف بماذا فكر موتي، لكن الحديث عن البلدة القديمة بدأ بعد انضمامنا لجبل المشارف".
حسب يارون، في الليلة الاولى قلقوا من امكانية وقف اطلاق النار، لذلك يجب الاسراع في القصف والاحتلال. ولو تم الاعلان عن وقف اطلاق النار لكان توقف التهديد على جبل المشارف، ولما كانت هناك حاجة للقتال في تلة الذخيرة للوصول الى الجبل. من هنا فان جبل المشارف لم يشغل قائد الكتيبة. الجنرال المتقاعد دان زيف، الذي كان نائب قائد الكتيبة 71 ، قال للصحافي انشل بيبر إن "هدف الكتيبة كان احتلال البلدة القديمة".
اذا كان موتي قد كتب الحقيقة في كتابه فان عملية اتخاذ القرارات سيئة وفظيعة، كما حدث في الحربين في لبنان، حيث تسود المؤامرة. وهذا يشير الى وجود ما هو فاسد في مملكة الأمن لاسرائيل. واذا صدق أخمون ويارون فان موتي الذي نشر كتابه عندما كان قائدا للاركان، أراد أن ينسب لنفسه هالة تحرير القدس. وسواء كان هذا أو ذاك، فان السلوك يثير الكثير من التساؤلات.
أين قائد الكتيبة؟
تم القاء مهمة مستحيلة تقريبا على الكتيبة 55: في معركة سريعة جدا – استبدال مهمة النزول فوق رمال سيناء بمهمة القتال في منطقة مأهولة والهجوم على هدف محصن. المظليون الذين نفذوا المهمة لم تكن واضحة لهم وكان الثمن 97 قتيلا وأكثر من 400 مصاب – ثلث الكتيبة. في الوعي الوطني كان موتي بطلا، وفي الكتيبة 55 لم يكن كذلك.
استمرت معركة تلة الذخيرة ست ساعات. بقي موتي مع أركانه في الخلف، لم يعرف عن الاحداث، ولم يفعل شيئا لتقليل الثمن. ولسخرية القدر فان الاتهامات الصعبة التي وجهها موتي لشارون بعد معركة المطلة في 1956 كان يمكن توجيهها له بعد معركة تلة الذخيرة. قائد اللواء يورام زموش قال في مقابلة له مع بيبر: "لم نر قائد الكتيبة في أي لحظة". اوري بن آري، قائد الكتيبة 10، قال لبيبر: "لقد قدم المظليون معركة سيئة. كان يجب عليهم ترك التلة والذنب بين الارجل، والذهاب الى البيت". الجنرال المتقاعد دورون رؤوبين، من القادة البارزين للمظليين منذ انشاء الدولة، قال: "كان هناك فشل كبير في القدس، خدعة. المعركة على تلة الذخيرة كانت مزرية. أوري بن آري يقف على تلة المفتار ويقول لعوزي نركيس: أنزل المظليين وامنحني مجال الدخول بالدبابات. نركيس يجيبه: القدس لموتي. لا توجد معركة كتيبة، توجد حركة ألوية لا تغطي على بعضها. قصة المظليين في القدس مليئة بالبطولات، لكن المعركة فشلت. ومما يثير غضبي ايضا دخوله الدراماتي الى البلدة القديمة".
يرفض أخمون انتقاد موتي ويقول إن الظروف الصعبة التي واجهته في القدس، واجهها جيدا. ويقول عاموس يارون إن القدرات التكتيكية لموتي وبني دورو في "حرب الاستقلال" كانت ضعيفة. فلم يكونا مهنيين. لكن قدراته العملياتية كانت ممتازة وكان قائدا. يرفض يارون الانتقاد على تلة الذخيرة ويقول: "قاتلنا هناك كما هو مطلوب. كانت معركة صعبة، ولم يكن هناك حل آخر. دائما هناك قادة لا يقودون، وهذا يحدث في كل المعارك. دخلنا في الحائط الى تلة الذخيرة لأنهم ألزمونا بفعل ذلك. لم نقدر أن القتال الاردني سيكون كذلك. هذا هو الدرس الوحيد من معركة تلة الذخيرة".
صورة مع الجنرال
بعد "حرب الايام الستة" أشرف موتي على قطاع غزة وشمال سيناء. وهناك من قال إنه تم ارساله الى هناك كعقاب على أدائه السيئ في القدس. قدم خطة لهدم مخيمات اللاجئين وبناء البيوت الجديدة للسكان. ديان رفض الخطة.
في 1969 تم تعيينه قائدا للمنطقة الشمالية. والجنرال المتقاعد اوري سمحوني قاد في حينه وحدة اغوز التي نفذت في كل ليلة تقريبا كمائن واقتحامات على الحدود اللبنانية. وحسب قوله "كان موتي قائد منطقة جيدا في جميع المجالات. فقد تدخل في التفاصيل والتخطيط، وانتظرنا على الحدود وشارك شخصيا في التحقيقات بعد الانتهاء من كل عملية. في السنوات التي عملت فيها في الشمال تحت إمرته كان نجاحه 100 بالمئة. لقد عرف كيف يصادق المقاتلين بدون أي مسافة، بدون ألاعيب القادة. ولم يكن لدينا أي شك حول قدرته، وعرف بالضبط كم يساوي، وعرف كيف يشجع الجمهور، وبعد كل نجاح في المهمة استدعى المقاتلين الى مكتبه لمنحهم الأوسمة وصورة مع الجنرال".
قائد الاركان، دافيد اليعار، ونائبه، الجنرال اسرائيل طل، كان رأيهما مختلفا. فحسب طل اعتاد موتي على اعطاء هيئة الاركان تقارير غير صحيحة حول التحركات السورية من اجل الحصول على المصادقة لتنفيذ مهمات، وحينما حصل على المصادقة لم ينفذ. وتقرر حسب قول طل طرد موتي من الجيش الاسرائيلي. لكن من اجل اخفاء هذا الامر تم تعيينه قبل ذلك كملحق عسكري في الولايات المتحدة. رواية موتي كانت مختلفة، ففي كتابه "رئيس هيئة الاركان" كتب أن ديان طلب تعيينه قائدا للاركان في 1972 بعد حاييم بار ليف، وقد أجرى معه محادثات حول ذلك في 1971 عندما كان قائدا لمنطقة. في النهاية أبلغه ديان أنه سيعين دافيد اليعازر. عندها طلب موتي من ديان ارساله الى الولايات المتحدة كملحق عسكري. "بعد ذلك أعود للعب دور رئيس قسم العمليات".
أخمون: "موتي اتصل بي بانفعال وقال إن ديان اتصل به قبل ساعتين واقترح عليه أن يكون نائبا لبن اليعازر. وأجاب موتي: هاذان الاثنان لن يحرثا بالمحراث نفسه. أريد البقاء في الجيش. أرسلني كملحق الى واشنطن. تهمني المرحلة الدولية". وقال موتي لديان، اصدقائي يقولون إنني مجنون، لكني أعرف أنني لو كنت نائبا لدادو فسيحدث انفجار، ولن أكون أبدا قائدا للاركان. أفضل الانتظار. لدي طول نفس". وحسب اوري سمحوني: "لو طلب اليعازر وطل التخلص من موتي، لما كان ديان يسمح لهما بطرده من الجيش الاسرائيلي. فقد كانا قريبين من بعضهما".
بين عنتيبة والليطاني
يصعب التصديق أن الخدمة في اسرائيل في ايام "حرب الغفران" كانت سترسل موتي غور الى مكتب قائد الاركان. لكن لحسن حظه فقد كان في تلك الفترة في واشنطن. افيتار بن تسيدف، رئيس مجلة "الاجهزة" سابقا، يزعم أن وزير الدفاع الاميركي قال له "بسبب يهوديين فان ارساليات المساعدة الاميركية في الحرب لم تكن ناجعة: وزير الخارجية هنري كيسنجر والملحق موتي غور".
بعد الحرب عاد موتي الى فترة ثانية لقيادة الشمال. في كتابه "ضمير وماء" كتب "لا يوجد بديل لتحقيقات الحرب من اجل معرفة القادة والمقاتلين ومن اجل استخلاص الدروس الصحيحة للمستقبل". وبعد اربعة اشهر عينه ديان قائدا للاركان بدلا من اليعازر الذي استقال في اعقاب نشر تقرير لجنة أغرينات. مرت ثلاثة اشهر فقط منذ تعيينه قائدا للاركان ليعلن موتي في اجتماع للضباط رفيعي المستوى في بئر السبع "لن نقدم المزيد من الدروس... الجيش أنهى التحقيقات حول حرب يوم الغفران في الجنوب، وأنا لا أنوي التطرق لمزيد من الدروس، لأنه كان لدينا الكثير من الاجتماعات وقد لخصنا فيها الامور".
هذا اعلان اشكالي، والمستفيد الوحيد منه هو القائد الاعلى للجيش – موشيه ديان. ويزعم الجنرال المتقاعد اماتسيا حن أن قرار موتي عدم التحقيق في اخطاء حرب "يوم الغفران" لاستخلاص الدروس تسبب بالحاق الضرر بالجيش الاسرائيلي والدولة. وحسب اقوال باتشي: "لو كانوا استخلصوا الدروس من حرب يوم الغفران لكان وضع اسرائيل مختلفا جدا. مثال مؤلم جدا نبع من غياب التحقيق واستخلاص الدروس من حرب يوم الغفران: التعاون بين سلاح الجو وبين القوات البرية في حرب لبنان الاولى كان سيئا جدا قياسا مع حرب يوم الغفران. يمكن أن استخلاص الدروس بعد 1973 كان سيمنع سقوط القتلى في العام 1982.
كان موتي قائدا للاركان في عملية عنتيبة، إلا أنه عارض العملية وأيدها فيما بعد. كذلك عملية الليطاني التي كانت فشلا ذريعا، وبعد تركه منصبه بدأ الجيش الاسرائيلي التخطيط لحرب لبنان الاولى.
عن "معاريف"
في الوعي القومي هناك ثلاثة قادة في الجيش الاسرائيلي أنهوا حرب "الايام الستة" كمحررين للقدس: قائد الاركان في حينه اسحق رابين، قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس، وقائد وحدة الاحتياط للمظليين، موتي غور. من بين الثلاثة كان الاخير هو الاكثر شهرة: اضطر رابين الى مواجهة موجة من الشائعات حول انهياره النفسي في الفترة التي سبقت اندلاع المعارك؛ وفقد نركيس هالته بعد فشله في معركة الكرامة في الاردن بعد أقل من عام على الحرب؛ أما موتي غور فقد بقي مع "تقدم بنتسور، تقدم" و"الجبل في أيدينا"، وبقي هذا معه حتى مكتب قائد الاركان بعد ذلك بسبع سنوات.
من خلال البحث الذي أجريته تبين أن نجاح غور كان بالشراكة مع شريك خفي رفيع المستوى بخصوص تحرير القدس – وزير الدفاع موشيه ديان، الذي دخل الى منصبه قبل بدء الحرب بأربعة ايام. تولى ديان منصبه بعد أن وافق كل من رئيس الحكومة ووزير الدفاع، ليفي اشكول، على خطة الحرب، وخضع للضغط الجماهيري القوي ومنح ديان المنصب.
حسب البحث، الوظيفة الأساسية لكتيبة المظليين الاحتياطيين تحت قيادة موتي غور كانت النزول في العريش والانضمام الى فرقة المدرعات ليسرائيل طل، التي كان يفترض أن تتجه جنوبا عن طريق رفح في اطار عملية نحشونيم. وكان يفترض أن يعمل المظليون مع قوة المدرعات بشكل موحد، "عناقيد"، تهبط من البحر، إلا أنه في الساعة التاسعة صباحا يوم بدء الحرب، 5 حزيران 1967، حتى قبل انهيار الجيش المصري وقبل أن يتبين أن الاردن انضمت الى الحرب، نقلت القيادة العليا دبابات "العناقيد" الى لخيش لتعزيزها في حال قام الاردنيون بالهجوم.
في تلك الساعات وصلت معلومة استخبارية تقول إن فرقتي كوماندو مصريتين تخططان للدخول في الليل من الاردن الى اسرائيل من اجل تدمير مطارات في اسرائيل في محاولة يائسة لتحييد سلاح الجو الاسرائيلي. قسم العمليات في هيئة الاركان بقيادة الجنرال اسحق حوفي طلب من الكتيبة 55 التابعة لغور الانضمام لحماية المطارات وبالتالي حل الكتيبة وتوزيعها في البلاد.
حسب قول قائد استخبارات موتي غور، اريك أكمون: "كانت لموتي غور صلة بهيئة الاركان ومنها مع رئيس قسم العمليات الجنرال حاييم نادل وآخرين ولم يتوقف عن الحديث معهم في ذلك الصباح في الهاتف. لا أعرف عما تحدثوا".
يبدو أنه هكذا عرف موتي غور بالخطة التي ألغت دوره كقائد كتيبة وألغت أمله بالتقدم في سلم الرتب، وعمل على الغاء الخطة. وعندما توجهت الى الجنرال المتقاعد د. حاييم نادل وطلبت الحديث معه بخصوص الامر أجاب: "لا أريد الدخول في هذا".
في تحقيق سري لم يتم نشره كتب رئيس قسم التاريخ في حرب "الايام الستة،" العقيد ابراهام ايلون: "قائد الكتيبة 55 موتي غور أجرى الاتصالات من اجل الغاء القرار السيئ. جهوده نجحت، وفي نهاية المطاف تم القاء مهمة حماية المطارات على الوحدة الاساسية للكتيبة 4 والكتيبة 5 ووحدة حروب". وحسب أكمون: "في الساعة 12:00 قيل لنا ستذهبون الى القدس".
ليس من المنطق الافتراض أن نائب الجنرال حاييم نادل، "قد ألغى القرار الخاطئ". البحث الحالي يطرح احتمالا جديدا ودراماتيكيا، بأن السند الرئيس لموتي غور كان وزير الدفاع ديان، وكان موتي هو الأداة التي غير ديان بوساطتها خطة حرب هيئة الاركان، الهجوم على مصر فقط وامتصاص الضربة في الجبهات الاخرى، وبهذا عمل على تغيير تاريخ الشرق الاوسط كله. وقد استهدف الجيش الاسرائيلي القدس بالقصف منذ اليوم الاول للحرب، قبل النقاش في الامر في القيادة العليا، وليس هناك خطوة اكثر استراتيجية من هذه.
في كتاب سيرته الذاتية كتب ديان أن السؤال حول القدس كان "ليس اذا ما كان سيتم احتلالها، بل متى وكيف" (صفحة 437). في خطوة تآمرية كهذه، ميزت ديان ايضا في حرب 1956 وفي حرب "يوم الغفران"، استند وزير الدفاع الى التحالف بينه وبين موتي غور. ويبدو أن ديان اعتبر موتي غور بديلا لاريك شارون في كل ما يتعلق بتنفيذ مهمات أمنية حساسة. يمكن أن يكون شارون قد أخافه كمنافس وكشخص غير متوقع ولا يمكن الاعتماد عليه (مع ذلك في حرب "يوم الغفران" اضطر ديان الى التحالف مع شارون لأنه كان واحدا من اثنين يعرفان الميدان، ويبدو أنه لم يكن لدى وزير الدفاع البديل؛ فقد كان موتي غور في الولايات المتحدة ملحقا للجيش الاسرائيلي).
جبل المشارف أولا
إن وجود النية عند الاردنيين للسيطرة على جبل المشارف كان مصدره خطأ استخباريا صعبا: في الساعة 10:30 صباحا أعلن مذياع القاهرة أن "الاردنيين احتلوا جبل المكبر". وفي الاستخبارات العسكرية تمت ترجمة جبل المكبر الى جبل المشارف، وفي هيئة الاركان فسروا ذلك على أن الاردنيين ينوون السيطرة على جبل المشارف. السؤال الذي يطرح نفسه هو اذا كانت هذه نية الاردنيين فلماذا يعلنون عن ذلك مسبقا؟.
من اجل الدفاع عن جبل المشارف الذي كان المنطقة الاكثر حماية في الشرق الاوسط، فقد أرسل الجيش الاسرائيلي كتيبتين – الكتيبة 10 التابعة للمدرعات وكتيبة 55 التابعة للمظليين التي كانت الاحتياط لهيئة الاركان. وقد وضع ديان التعليمات أما المصادقة فتمت في النقاش لدى رئيس الحكومة اشكول الساعة 12:30 من ظهيرة اليوم الاول للحرب. السؤال كان هل من الصواب وضع كل الاحتياط للجيش الاسرائيلي للدفاع عن موقع صغير لم يتم استهدافه بتاتا – لم تتم مناقشة هذا السؤال على مدى 48 سنة مرت منذ الحرب.
بعد ذلك بنصف ساعة سيطرت فرقة اردنية على ارمون هنتسيف في جبل المكبر جنوب القدس. وبعد ذلك بربع ساعة تلقى قائد الكتيبة 10، اوري بن آري، أمرا باحتلال شمال القدس والسيطرة على تل الفول حتى الساعة الرابعة صباحا، الذي يمتد شمالا على طول المدخل الى العاصمة. في تلك الساعة تلقى موتي غور أمرا بارسال سرية واحدة لاحتلال القدس. التحقيق السري يقول إن "نية القيادة العليا كانت احداث تقدم نوعي من مدرسة الشرطة باتجاه جبل المشارف". لكن لنتس زعم أن موتي قال لقائد الكتيبة يوسي يافه، إن المهمة هي تعزيز الخط البلدي الذي يتصل بالمدينة العربية (صفحة 195).
وحسب اقوال ديان في القيادة العليا، فقد تلقى موتي أمرا بارسال كل الكتيبة الى القدس والاستقرار لدى قائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس في قيادته في الرملة. في المقابل منع ديان طرد الاردنيين من ارمون هنتسيف، وكان العمل هناك حسب عاموس نئمان، بخلاف الأوامر. هنا ايضا يطرح السؤال – اذا احتل الاردنيون منطقة في جنوب المدينة فلماذا أمر ديان بقصف الوسط والشمال؟.
ألم تكن قضية جبل المشارف ذريعة وليست سببا؟ وهل يمكن أن الخطأ الاستخباري كان ايضا خدعة من اجل تغيير خطط هيئة الاركان والحكومة؟ من يريد البحث عن الدليل على ذلك فسيجده في شخصية ايلي زعيرا، رئيس مكتب قائد الاركان موشيه ديان في الخمسينيات، ورئيس جمع المعلومات الاستخبارية العسكرية (المسؤول عن متابعة الراديو والترجمة) في حرب "الايام الستة"، ورئيس الاستخبارات العسكرية في حرب "يوم الغفران". بكلمات اخرى: ثلاث حروب، ثلاث علامات استفهام استخبارية، ونفس الشخص.
"تقدم بنتسور، تقدم"
ما زلنا في 5 حزيران 1967 والساعة هي 2:50. يقول وزير الدفاع في هيئة الاركان، إنه "يجب الالتحاق بجبل المشارف عن طريق الشيخ جراح بشرط أن نسيطر على الجبل بواسطة القوات المتواجدة فيه". أمر الوزير الكتيبة 55 بتوسيع الاقتحام في منطقة مدرسة الشرطة. ويزعم الضابط عاموس نئمان أن الانضمام للجبل بواسطة مدرسة الشرطة كان بخلاف كل خطط الجيش في حينه. من هنا يمكن الافتراض أن خطوات موتي غور في القدس التي كانت بخلاف خطة هيئة الاركان العامة والتي تم انتقادها بعد الحرب، قد تم تنسيقها مع وزير الدفاع.
في تلك الساعة تقريبا جاء موتي غور مع ضباط الكتيبة الى الجنرال نركيس في الرملة. في كتاب "جبل الهيكل في أيدينا"، كتب موتي: "المهمة – احتلال مناطق مأهولة في القدس، مدرسة الشرطة والمندلبوم. طلبت من الجنرال عدم التوجه الى تل المفتار وتفضيل روكفلر والبلدة القديمة، وقد صادق الجنرال على ذلك. نحن، الاثنين، فهمنا أهمية الحدث التاريخية وقد منحني نركيس حرية العمل داخل المدينة. وعندما خرجت من اللقاء مع الجنرال التقيت مع حاخام القيادة. وقد احتضنني وقبلني. ووعدته: "سنحرر القدس...". وطلبت من ضابط الهندسة في القيادة يود دوري أن يجد لي طريقة لاقتحام البلدة القديمة وأن يقوم بتحضير المواد المتفجرة. آمل أن ننجح في الدخول الى البلدة القديمة". وفي وصف موتي للقائه مع نركيس لم يكن أي ذكر لجبل المشارف. وقد صدر الكتاب في 1974، ومن الصعب الافتراض أن موتي قد نسي في هذه الاثناء مهمة جبل المشارف.
أخمون، الذي كان موجودا في اللقاء عند نركيس، يزعم أنه ليس هناك أي صلة بين ما جاء في الكتاب وبين مضمون اللقاء، وأن الامر الرسمي للانضمام الى جبل المشارف قد أعطي لدى نركيس. وفي نهاية اللقاء قال قائد المنطقة: "آمل أن تكتشفوا عار العام 1948". وحسب قائد الكتيبة عاموس يارون الذي كان ايضا عند نركيس: "لم يتم الحديث هناك عن البلدة القديمة. لا أعرف بماذا فكر موتي، لكن الحديث عن البلدة القديمة بدأ بعد انضمامنا لجبل المشارف".
حسب يارون، في الليلة الاولى قلقوا من امكانية وقف اطلاق النار، لذلك يجب الاسراع في القصف والاحتلال. ولو تم الاعلان عن وقف اطلاق النار لكان توقف التهديد على جبل المشارف، ولما كانت هناك حاجة للقتال في تلة الذخيرة للوصول الى الجبل. من هنا فان جبل المشارف لم يشغل قائد الكتيبة. الجنرال المتقاعد دان زيف، الذي كان نائب قائد الكتيبة 71 ، قال للصحافي انشل بيبر إن "هدف الكتيبة كان احتلال البلدة القديمة".
اذا كان موتي قد كتب الحقيقة في كتابه فان عملية اتخاذ القرارات سيئة وفظيعة، كما حدث في الحربين في لبنان، حيث تسود المؤامرة. وهذا يشير الى وجود ما هو فاسد في مملكة الأمن لاسرائيل. واذا صدق أخمون ويارون فان موتي الذي نشر كتابه عندما كان قائدا للاركان، أراد أن ينسب لنفسه هالة تحرير القدس. وسواء كان هذا أو ذاك، فان السلوك يثير الكثير من التساؤلات.
أين قائد الكتيبة؟
تم القاء مهمة مستحيلة تقريبا على الكتيبة 55: في معركة سريعة جدا – استبدال مهمة النزول فوق رمال سيناء بمهمة القتال في منطقة مأهولة والهجوم على هدف محصن. المظليون الذين نفذوا المهمة لم تكن واضحة لهم وكان الثمن 97 قتيلا وأكثر من 400 مصاب – ثلث الكتيبة. في الوعي الوطني كان موتي بطلا، وفي الكتيبة 55 لم يكن كذلك.
استمرت معركة تلة الذخيرة ست ساعات. بقي موتي مع أركانه في الخلف، لم يعرف عن الاحداث، ولم يفعل شيئا لتقليل الثمن. ولسخرية القدر فان الاتهامات الصعبة التي وجهها موتي لشارون بعد معركة المطلة في 1956 كان يمكن توجيهها له بعد معركة تلة الذخيرة. قائد اللواء يورام زموش قال في مقابلة له مع بيبر: "لم نر قائد الكتيبة في أي لحظة". اوري بن آري، قائد الكتيبة 10، قال لبيبر: "لقد قدم المظليون معركة سيئة. كان يجب عليهم ترك التلة والذنب بين الارجل، والذهاب الى البيت". الجنرال المتقاعد دورون رؤوبين، من القادة البارزين للمظليين منذ انشاء الدولة، قال: "كان هناك فشل كبير في القدس، خدعة. المعركة على تلة الذخيرة كانت مزرية. أوري بن آري يقف على تلة المفتار ويقول لعوزي نركيس: أنزل المظليين وامنحني مجال الدخول بالدبابات. نركيس يجيبه: القدس لموتي. لا توجد معركة كتيبة، توجد حركة ألوية لا تغطي على بعضها. قصة المظليين في القدس مليئة بالبطولات، لكن المعركة فشلت. ومما يثير غضبي ايضا دخوله الدراماتي الى البلدة القديمة".
يرفض أخمون انتقاد موتي ويقول إن الظروف الصعبة التي واجهته في القدس، واجهها جيدا. ويقول عاموس يارون إن القدرات التكتيكية لموتي وبني دورو في "حرب الاستقلال" كانت ضعيفة. فلم يكونا مهنيين. لكن قدراته العملياتية كانت ممتازة وكان قائدا. يرفض يارون الانتقاد على تلة الذخيرة ويقول: "قاتلنا هناك كما هو مطلوب. كانت معركة صعبة، ولم يكن هناك حل آخر. دائما هناك قادة لا يقودون، وهذا يحدث في كل المعارك. دخلنا في الحائط الى تلة الذخيرة لأنهم ألزمونا بفعل ذلك. لم نقدر أن القتال الاردني سيكون كذلك. هذا هو الدرس الوحيد من معركة تلة الذخيرة".
صورة مع الجنرال
بعد "حرب الايام الستة" أشرف موتي على قطاع غزة وشمال سيناء. وهناك من قال إنه تم ارساله الى هناك كعقاب على أدائه السيئ في القدس. قدم خطة لهدم مخيمات اللاجئين وبناء البيوت الجديدة للسكان. ديان رفض الخطة.
في 1969 تم تعيينه قائدا للمنطقة الشمالية. والجنرال المتقاعد اوري سمحوني قاد في حينه وحدة اغوز التي نفذت في كل ليلة تقريبا كمائن واقتحامات على الحدود اللبنانية. وحسب قوله "كان موتي قائد منطقة جيدا في جميع المجالات. فقد تدخل في التفاصيل والتخطيط، وانتظرنا على الحدود وشارك شخصيا في التحقيقات بعد الانتهاء من كل عملية. في السنوات التي عملت فيها في الشمال تحت إمرته كان نجاحه 100 بالمئة. لقد عرف كيف يصادق المقاتلين بدون أي مسافة، بدون ألاعيب القادة. ولم يكن لدينا أي شك حول قدرته، وعرف بالضبط كم يساوي، وعرف كيف يشجع الجمهور، وبعد كل نجاح في المهمة استدعى المقاتلين الى مكتبه لمنحهم الأوسمة وصورة مع الجنرال".
قائد الاركان، دافيد اليعار، ونائبه، الجنرال اسرائيل طل، كان رأيهما مختلفا. فحسب طل اعتاد موتي على اعطاء هيئة الاركان تقارير غير صحيحة حول التحركات السورية من اجل الحصول على المصادقة لتنفيذ مهمات، وحينما حصل على المصادقة لم ينفذ. وتقرر حسب قول طل طرد موتي من الجيش الاسرائيلي. لكن من اجل اخفاء هذا الامر تم تعيينه قبل ذلك كملحق عسكري في الولايات المتحدة. رواية موتي كانت مختلفة، ففي كتابه "رئيس هيئة الاركان" كتب أن ديان طلب تعيينه قائدا للاركان في 1972 بعد حاييم بار ليف، وقد أجرى معه محادثات حول ذلك في 1971 عندما كان قائدا لمنطقة. في النهاية أبلغه ديان أنه سيعين دافيد اليعازر. عندها طلب موتي من ديان ارساله الى الولايات المتحدة كملحق عسكري. "بعد ذلك أعود للعب دور رئيس قسم العمليات".
أخمون: "موتي اتصل بي بانفعال وقال إن ديان اتصل به قبل ساعتين واقترح عليه أن يكون نائبا لبن اليعازر. وأجاب موتي: هاذان الاثنان لن يحرثا بالمحراث نفسه. أريد البقاء في الجيش. أرسلني كملحق الى واشنطن. تهمني المرحلة الدولية". وقال موتي لديان، اصدقائي يقولون إنني مجنون، لكني أعرف أنني لو كنت نائبا لدادو فسيحدث انفجار، ولن أكون أبدا قائدا للاركان. أفضل الانتظار. لدي طول نفس". وحسب اوري سمحوني: "لو طلب اليعازر وطل التخلص من موتي، لما كان ديان يسمح لهما بطرده من الجيش الاسرائيلي. فقد كانا قريبين من بعضهما".
بين عنتيبة والليطاني
يصعب التصديق أن الخدمة في اسرائيل في ايام "حرب الغفران" كانت سترسل موتي غور الى مكتب قائد الاركان. لكن لحسن حظه فقد كان في تلك الفترة في واشنطن. افيتار بن تسيدف، رئيس مجلة "الاجهزة" سابقا، يزعم أن وزير الدفاع الاميركي قال له "بسبب يهوديين فان ارساليات المساعدة الاميركية في الحرب لم تكن ناجعة: وزير الخارجية هنري كيسنجر والملحق موتي غور".
بعد الحرب عاد موتي الى فترة ثانية لقيادة الشمال. في كتابه "ضمير وماء" كتب "لا يوجد بديل لتحقيقات الحرب من اجل معرفة القادة والمقاتلين ومن اجل استخلاص الدروس الصحيحة للمستقبل". وبعد اربعة اشهر عينه ديان قائدا للاركان بدلا من اليعازر الذي استقال في اعقاب نشر تقرير لجنة أغرينات. مرت ثلاثة اشهر فقط منذ تعيينه قائدا للاركان ليعلن موتي في اجتماع للضباط رفيعي المستوى في بئر السبع "لن نقدم المزيد من الدروس... الجيش أنهى التحقيقات حول حرب يوم الغفران في الجنوب، وأنا لا أنوي التطرق لمزيد من الدروس، لأنه كان لدينا الكثير من الاجتماعات وقد لخصنا فيها الامور".
هذا اعلان اشكالي، والمستفيد الوحيد منه هو القائد الاعلى للجيش – موشيه ديان. ويزعم الجنرال المتقاعد اماتسيا حن أن قرار موتي عدم التحقيق في اخطاء حرب "يوم الغفران" لاستخلاص الدروس تسبب بالحاق الضرر بالجيش الاسرائيلي والدولة. وحسب اقوال باتشي: "لو كانوا استخلصوا الدروس من حرب يوم الغفران لكان وضع اسرائيل مختلفا جدا. مثال مؤلم جدا نبع من غياب التحقيق واستخلاص الدروس من حرب يوم الغفران: التعاون بين سلاح الجو وبين القوات البرية في حرب لبنان الاولى كان سيئا جدا قياسا مع حرب يوم الغفران. يمكن أن استخلاص الدروس بعد 1973 كان سيمنع سقوط القتلى في العام 1982.
كان موتي قائدا للاركان في عملية عنتيبة، إلا أنه عارض العملية وأيدها فيما بعد. كذلك عملية الليطاني التي كانت فشلا ذريعا، وبعد تركه منصبه بدأ الجيش الاسرائيلي التخطيط لحرب لبنان الاولى.
عن "معاريف"