استعرضت ورقة بحثية إسرائيلية، بدائل ثلاثة معروضة أمام حكومة الاحتلال الإسرائيلي؛ لمواجهة القنبلة الموقوتة في قطاع غزة بين خيارات الهجوم الجوي والتسوية السياسية، وشرح إيجابيات وسلبيات كل خيار منها.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم السبت، الورقة والتي ذكر فيها الخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، أن هذه البدائل الثلاثة تخفي خلفها انقساما استراتيجيا داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلي، يتمثل في جدال عميق داخل المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، رغم أن هناك اتفاقا حول مسألة واحدة، وهي أن المعاناة المستمرة في غزة ستعني استمرار حالة الاستنزاف منذ خمسة أشهر لمستوطني الجنوب والجيش الإسرائيلي.
وأوضح بن يشاي، أن أول الخيارات المتاحة أمام "إسرائيل" في غزة "تتمثل في عملية عسكرية واسعة النطاق استعد لها الجيش جيدا، ولها كلمة سر مركزية هي إضعاف حماس، وتتمثل في المراحل التالية:
ضربات جوية، بما فيها اغتيالات موجهة.
اجتياح بري بقوات كبيرة تهدف لتقطيع أوصال القطاع لعدة مناطق، بحيث تعمل على إخضاع القوات المسلحة لحماس.
مرحلة جديدة تستمر عدة أسابيع، يتخللها قيام الجيش وجهاز الأمن العام الشاباك بعمليات تفتيش دقيقة، وتدمير كل البنى التحتية ومصانع إنتاج السلاح والقذائف الصاروخية في غزة.
تنفيذ حملات اعتقالات واسعة في صفوف كوادر حماس والبحث عن الجنود الأسرى".
وأشار، إلى أنه "بعد انتهاء المهمة العسكرية سوف تأتي الخلافات الداخلية في إسرائيل، فقيادة الجيش تقترح الاكتفاء بهدم البنى التحتية لكل القدرات العسكرية لحماس، ثم الخروج من غزة بعد أن يتم الترتيب لوقف إطلاق النار بوساطة مصر والأمم المتحدة، مما يعني أن نهاية كل معركة سابقة في غزة سيتكرر في المعركة القادمة".
وأكد ، علىأن "الجيش لن يكتفي بتدمير الأنفاق، وإنما التعامل مع كل معامل إنتاج الوسائل القتالية والأنفاق والقوة البحرية لحماس، مما سيتطلب المزيد من الوقت، ويجب التذكر جيدا أننا سننتهي قريبا من إقامة العائق المادي على حدود القطاع، فوق الأرض وتحتها، مما لن يدع أمام حماس المزيد من الخيارات للعمل، على أن نوفر جهازا مدنيا لترميم القطاع بتمويل عربي ومراقبة أممية".
وختم الحديث عن هذا الخيار بالقول أن "مثل هذه المعركة لها عدة إيجابيات، من بينها:
توفر لنا هدوءا يستمر عدة سنوات، مما سيترك آثاره الإيجابية الاقتصادية على مستوطنات غلاف غزة.
الثمن المتوقع سيكون معقولا لأننا لن نقيم في القطاع فترة طويلة من الزمن، مما سيؤدي لتقليص الخسائر البشرية في صفوف الجيش، رغم وجود بعض الفرص لاختطاف الجنود.
قدرات القبة الحديدية ستوفر حماية جيدة لمستوطني الغلاف".
ينتقل بن يشاي، وهو خبير عسكري مخضرم، يرتبط بعلاقات وثيقة مع جنرالات الجيش، بالحديث عن الخيار الثاني تجاه حماس ويتمثل بـ"العملية العسكرية اللامحدودة وفق خطة وزير التعليم نفتالي بينيت عبر هجوم جوي وبري وبحري بطريقة لم يشهدها قطاع غزة من قبل، ولا مكان آخر، وتستمر لعدة أيام حسب خطة معدة لمهاجمة بنك أهداف، بالتنسيق بين الشاباك والاستخبارات العسكرية "أمان" وقيادة المنطقة الجنوبية في الجيش".
وأضاف أن "هذه المعركة تشمل مهاجمة جميع المواقع العسكرية في غزة، بما فيها المباني المدنية، ومن خلالها ستطلب حماس وقف إطلاق لنار لمدة زمنية طويلة، لأنه ما لم يأت بالقوة يأتي بمزيد من القوة، دون أن تسفر العملية عن إسقاط حماس كليا، لأنه يريد لها أن تبقى حاكمة في غزة ومنفصلة عن السلطة الفلسطينة في الضفة الغربية".
واستدرك بالقول أن "هذه الخطة لها سلبيتان خطيرتان:
أنها ستأتي على "إسرائيل" بانتقادات دولية ستعزلها سياسيا، وربما فرض عقوبات عليها، صحيح أن الرئيس ترمب سيدافع عنا في الأمم المتحدة، لكن الرأي العام العالمي في أوروبا والدول الديمقراطية سينهال علينا بالانتقادات، كما أن حركة المقاطعة العالمية بي دي إس ومجالس الطلاب على مستوى العالم، ستنظم فعاليات فكرية وتظاهرات ستحول إسرائيل من خلالها كما لو كانت مريضة بالجذام.
استخدام النار المكثفة سيؤدي لوقوع إسرائيل في أخطاء وورطات قانونية، بعضها سيعني تجاوزا لأخلاقيات القتال، حتى لو تم اختيار الأهداف بعناية، مع أنه لا أحد يضمن بألا ينجح الفلسطينيون في استدراجنا لمحاكم الجنايات الدولية.
الخيار الثالث، كما يتحدث بن يشاي، هو التسوية مع حماس، حيث يتشجع لها ثمانية وزراء من الكابينت المصغر، وتوصية من الجيش والشاباك ومجلس الأمن القومي، ولهذا الخيار عدد من الإيجابيات التالية:
التهدئة تعمل على توفير الهدوء في الجنوب، ولو لفترة زمنية محدودة، دون إصابة القوات الإسرائيلية ووقف محاولات اختطافهم.
التهدئة تفسح المجال أمام الجيش لاستكمال إقامة العائق المادي بسرعة على حدود غزة، وتسهل للجيش والحكومة مواجهة التهديد الإيراني في سوريا، لأنه في حال خرج إلى معركة مع غزة فقد يستغلها الإيرانيون بفتح جبهة ثانية أو ثالثة على إسرائيل.
التهدئة تمنح إسرائيل على الصعيد السياسي والدبلوماسي فرصة الحصول على شرعية في الساحة الدولية والإعلام العالمي للعمل عسكريا في حال فشلت التهدئة، وكانت هناك حاجة ماسة لعملية عسكرية واسعة.
التهدئة ستمكن من إعاشة مليوني فلسطيني في غزة، وتقلص الحاجة لمخاطر اندلاع أزمة إنسانية تتهم إسرائيل بالتسبب فيها، وسيكون للغزيين ما يخسرونه في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع إسرائيل، وتقلل فرص مشاركة الفتيان الصغار في الخط الراديكالي الذي ينتهجه الجناح العسكري لحماس.
ستحفظ التهدئة سلطة حماس في غزة، وسيكون من الأفضل لإسرائيل وجود نظام ذي سيطرة قوية، أفضل من حالة فوضى مسلحة، كما أن بقاء حماس في غزة يعني انفصالها عن سلطة أبي مازن في الضفة الغربية، بما يخدم الأيديولوجيا اليمينية الحاكمة في تل أبيب.
الانتخابات تقترب في "إسرائيل"، ومن مصلحة نتنياهو-ليبرمان عدم زعزعة الاستقرار الأمني في الجنوب
من خلال عملية عسكرية قد تورطهما في غزة.
هذه التسوية في غزة من شأنها أن تقوي التعاون الاستراتيجي بين إسرائيل ومصر.
ويضيف بن يشاي، أنه "في المقابل هناك جملة سلبيات لهذه التهدئة لا تخفى على أحد، أهمها:
أي خطة قدمتها مصر أو الأمم المتحدة لا تشمل نزع قطاع غزة من سلاحه، ولا تمنع حماس من التقوي العسكري التسليحي.
هذه التهدئة لا تشكل ردعا أمام حماس بعدما أصابه من تآكل منذ ذار/مارس الماضي، ويجب الاعتراف أن حماس نجحت في مفاجأة إسرائيل في تحديد نقطة بداية أي تصعيد وإنهائه في الآونة الأخيرة.
هذه التهدئة لا تضمن إعادة جنودنا المفقودين في غزة، حيث تصر حماس أن يتم بحث قضيتهم في ملف منفصل".