سُحِب القرار قبل أن يجف الحِبْر!

ريما كتانة نزال.jpg
حجم الخط

قبل أن يجف الحبر الذي كُتِبَ به قرار المجلس المركزي 16 /8 /2018، الخاص بتمثيل عضوات الأمانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في المجلس المركزي، استدرك رئيس المجلس الوطني معتبراً القرار "باطلاً ويحتاج إلى تصويب"، في رسالة موجهة من رئيس المجلس إلى رئيس دولة فلسطين، يبلغه فيها بوقوع رئاسة المجلس في خطأ نظامي وقانوني، بسبب عدم حصول القرار على أصوات الأغلبية المطلقة كما تنص عليه المادة 11 من اللائحة الداخلية.
قبل الدخول في السِجال القانوني وفقاً للائحة المشار لها أعلاه، لا بد من التوقف لرفع القبعة لرئيس المجلس الوطني على سابقة الاعتراف بالخطأ، وهي فضيلة نادرة الوقوع في الطبقة السياسية الفلسطينية، إنْ لم تكن مستحيلة. أضع الفضيلة جانباً لرؤية الجانب الإيجابي الثاني من الرسالة، بأن تصويب القرار لجهة عدم حصر التطبيق بعضوات الأمانة العامة لاتحاد المرأة، مطالباً الالتزام بالنص الأصلي، يصب في صالح توسيع دائرة "فرجار" التطبيق أمام جميع عضوات المجلس الوطني، وجهة بالاتجاه الصحيح وعين التصويب. لأن القرار ينص على تخصيص مقاعد للمرأة دون تخصيص أي إطار بعينه للتطبيق. استدراك مهم يصل إلى مقاربة نسبة الثلاثين بالمائة المنتظرة منذ ثلاثة أعوام.
تنص المادة 11 من اللائحة الداخلية على أن "النصاب القانوني لانعقاد المجلس الأغلبية المطلقة لأعضائه، وتتخذ القرارات بالأغلبية المطلقة لكامل الحضور إلا في الحالات الخاصة التي نص فيها على خلاف ذلك". وعليه، وباللغة العملية والرقمية للحالة التي نحن بصددها، فإن النصاب القانوني للحضور يصبح 55 عضواً وفقاً لعدد الذين حضروا الجلسة الأولى البالغ عددهم (108) أعضاء.
على ما سبق نَبْني، تصبح الجلسة التي ناقشت وأقرت عضوية 21 عضوة من اتحاد المرأة صحيحة وشرعية، فقد أيَّد القرار 37 عضواً وعارضه 19 عضواً، بينما امتنع عن التصويت خمسة أعضاء، بما يعني توفر النصاب بالعدّ بحضور (61) عضواً في القاعة أثناء التصويت، أكثر من النصف. بذلك، ينتفي عن القرار؛ صفة البطلان أو الحاجة إلى طرحه للنقاش والتصويت مرة أخرى في الدورة القادمة. بل المطلوب من الاجتماع القادم للمركزي أن يصوِّب العضوية كما جاء في رسالة رئيس المجلس وإضافة عضوات جديدات، انطلاقاً من منهجية التدرج في تطبيق نسبة الثلاثين بالمائة المقرة والمتبعة.
وفي نطاق التطبيق التدرجي، لا بد من الاعتراض على منهجية تقسيط التطبيق وتسجيل مخالفتها لنص المادة السادسة من اللائحة الداخلية للمجلس التي تنص على: "يلتزم المجلس المركزي في ممارسة اختصاصاته وفي أعماله بوجه عام بقرارات المجلس الوطني، ولا يجوز له تعديلها أو إلغاؤها أو تعطيلها أو اتخاذ قرارات تتناقض معها أو تتجاوزها، وتكون جميع قراراته في إطار مقررات المجلس الوطني التي هي الفيصل الوحيد الذي يحتكم إليه في هذا الشأن".
ماذا يعني اختيار قرار خاص بالمرأة ليحكم عليه بالبطلان دوناً عن باقي القرارات المتخذة في دورة المجلس المركزي؟! كيف يمكن تحليل تأجيل تطبيق قرار متخذ منذ أكثر من ثلاثة أعوام؟! ألا يعني ذلك انتقاصاً من مبدأ المشاركة واحترام التعددية؟! ألا يعني سلوكاً استقوائياً على المرأة؟!
لنكن أمام مواجهة الحقائق. مواجهة السقف الزجاجي غير المرئي، النظام غير العادل الذي يضع "الفيتو" في وجه مشاركة النساء بمراكز القرار. وفي الحقيقة نحن أمام أكثر من حاجز، منها على سبيل المثال استدخال مفاهيم وآليات جديدة على مفهوم التطبيق، اتخاذ القرارات لا يعني تطبيقها، بل على القرار المُتّخذ الخضوع للدراسة و"الفَلتَرة"، المرور من تحت وابل من الجمل المجوّفة التي تحيلنا إلى خطاب ووضع اللايقين.