قال وزير الثقافة إيهاب بسيسو، إنّ تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزارة الثقافة للإشراف على تنفيذ البرنامج الرّسمي للقدس عاصمة الثّقافة الإسلاميّة للعام 2019، يشكل إضافة حقيقيّة للرّصد التاريخيّ والثقافيّ للشّعب الفلسطيني، ويلعب دورًا هامًا في تعزيز رسالة الرّواية الفلسطينية المحمولة على الحقّ والتجربة الواقعيّة التي يعيشها الفلسطينيّ، الراسخةُ بالحقّ، الحالمة بالحريّة والخلاص من نير الاحتلال المُظلم ونقلها كما هي إلى العالم أجمَع، ما يفضح ممارسة الاحتلال على الأرض والإنسان.
ويستند القرار إلى قرار المؤتمر الإسلاميّ الثامن لوزراء الثقافة لعام 2014، والذي تم فيه اعتماد القدس عاصمةً للثّقافة الإسلامية للعام 2019.
وأكّد بسيسو، في تصريح اليوم الأربعاء، على أنّ اختيار القدس عاصمة للثقافة الإسلاميّة هو امتدادٌ طبيعيّ للدّور الذي تلعبه القُدس في الحفاظ على الثّقافة الإسلاميّة، كونها مهبط أفئدة المُسلمين في العالم، وحاملة تراثهم وثقافتهم، مشيرًا إلى أنّ هذا يشكل أيضًا نافذة فلسطينيّة لإبراز الهمّ الفلسطينيّ، وتثبيت حقه وهويته لكسر العزلة التي يفرضها الاحتِلال على المدينة المقدّسة، وعلى فلسطين التي يحاول عزلها عَن عمقها العربيّ والإسلاميّ، وعلى الثّقافة الفلسطينيّة التي تتحدّى جدران الاحتلال وأسلاكه الشائِكة.
ولفت، إلى أنّ الصّمود الثقافي من أهمّ عوامل الصّمود في فلسطين، فهو يعبّر عن أصالة المقاومة كفكر، وحق، وممارسة، مشدّدًا على أهمية التّوأمة بين القدس كعاصمة دائمة للثقافة العربيّة، وكعاصمة للثقافة الإسلاميّة للعام 2019، وبين العواصم الثّقافية العربيّة والإسلاميّة، من خلال الفعل الثقافي المشترك، الذي يعزّز من الفعل الثقافي الفلسطينيّ بأبعاده الرّوحية والإنسانيّة والإبداعيّة.
وفي السياق ذاته، أكّد وكيل وزارة الثقافة والمدير التّنفيذي المكلّف للجنة الوطنيّة للقدس عاصمة دائِمة للثقافة العربيّة جاد الغزاوي، على أن الوزارة عملت على إعداد خطّة تفصيليّة مجملة من النّشاطات والفعاليّات المتكاملة داخل المدينة المقدّسة وخارجها؛ لما لهذا الحدث من أهميّة كبيرة في التأكيد على الهويّة الثقافيّة الإسلاميّة والوطنيّة للقدس، ومواجهة ادّعاء الاحتِلال لامتلاك الحقّ الديني والتاريخي.
وأوضح الغزاوي، أنّ خطّة الوزارة تقوم على إشراك المؤسّسات الوطنيّة الرّسميّة والشّعبيّة، والتّنسيق الكامل مع المؤسسات والجمعيات الثقافيّة في المدينة المقدّسة، والتي تعمل على الأرض مواجهةً كلّ عقبات الاحتلال، وإجراءاته القمعيّة، وسياسته الممنهجة في تغييب وإسكات صوت الثقافة الفلسطينيّة في القدس، وملاحقته للفنانين والكُتاب والمبدعين.
كما أكّد عددٌ من مثقفي وكتاب المدينة المقدّسة، على أنّ هذا يعتبر انتصارًا جديدًا للثقافة الفلسطينيّة العصيّة على الكسر والتّغييب، وانتصارا للحقوق الفلسطينيّة. فقال الكاتب والرّوائي المقدسي إبراهيم جوهر: أن تكون القدس عاصمةً للثقافة الإسلاميّة والعربيّة يعني أن تبرز لتكون في مكانِها اللائق والصحيح، مشيرًا إلى أنّ هذا الاختيار للقدس يعني حضورها في الوعي والثقافة والمسيرة الإنسانية، فالقدسُ في حقيقة وجودها هي عاصمةٌ لكلّ جميل وأصيل، و"العاصمة" بمعناها اللّغوي تعني التي تعصِم؛ لذا يجب أن تعصمنا القدس من الهوان والضّياع والابتعاد عن قضايانا وذاتنا الثقافية وهوية وجودنا.
وأكّد جوهر، على أنّه يجب تفعيل العمل لإعادة القدس إلى واجهة الصّراع والهوية والثقافة بمفهومها الشامِل، لافتًا إلى أنّه لا يخفى على أحد ما تعانيه المدينة ببشرها وحجرها ومستقبلها، فالمهمة تتطلب جهودًا جبّارة ليتمّ تطبيق وتفعيل هذا الإعلان للقدس عاصمة للثقافة الإسلاميّة، مؤكّدًا أنّ إجراءات الاحتِلال والحالة السّياسيّة للقدس قد تجعل تحقيق النّجاح أمرًا ليسَ بالسّهولة المتخيّلة، وتجربة القدس عاصمة دائِمة للثقافة العربيّة خير دليل.
وقال منسق لجنة الثّقافة والإعلام في الهيئة الإسلامية العليا-القدس، ورئيس الدائِرة الثقافيّة لنادي الموظفين في القدس الكاتب والباحث عزيز العَصا: إنّ القدس في العام 2019 هي المسؤولة عن إدارة الشّأن الثقافي لجميع الأقطار الإسلامية، ما يتطلّب تسليط الضّوء عليها وإعدادها لهذا الدور؛ بتحقيق احتياجاتها من النّواحي الثقافيّة بأبعادها الفكريّة والتراثيّة والمهنيّة، وتسليط الضّوء على التراكم الحضاري فيها، عبر الخمسة عشر قرنًا من الزمن، الذي هو نتاج إبداعات العلماء والمبدعين القادمين من الأقطار والأمصار التي تتوزع على اتجاهات الأرض الأربعة.
وأوضح الشاعر المقدسيّ الشاب بَكر زواهرة، أنّ هويّة القدس هي هويةٌ عربيّة إسلاميّة بامتياز، وبشكلٍ لا يقبل قليلاً من الجدل، قائلًا: بما أنّ الهوية بشكل عام تخضع لمتغيّرات أو تطورات فإنّ الهوية المقدسيّة عرضة لهجوم متواصل، من الاحتِلال وممارساته، وهنا تأتي أهميّة تتويج المدينة، بتاج الثقافة لعام 2019 .
وأكّد زواهرة، على أنّه لا بدّ مِن تعزيز الدّور الشّبابيّ في المدينة المقدّسة، ووفق رؤية جديدة ، قائِلًا: إنّ وزارة الثقافة الآن وزارة شابّة وفتيّة، وعلى قدر المسؤوليّة المنوطة بها، وذات طموح كبيرٍ يليق بالمدينة التي أثبتت صمودها على مرّ العصور ضدّ كل عمليات التّغيير الزائفة، وحافظت على شكلها كأنّه الثابت المطلق والوحيد لوجهٍ حضاريٍ مُعجِز، لافتًا إلى أهميّة إشراك المبدعين الشّباب من كُتاب وروائيين وفنانين في الفعل الثقافيّ، وفي فعاليّات القدس عاصمة الثقافة الإسلاميّة.