تطرقت صحيفة "لو جورنال دو ديمونش" الفرنسية، إلى أسباب فشل مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لحل الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ونشرت الصحيفة تقريرا حول أسباب فشل جهود الوساطة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قالت فيه إن الخطوة التي اتخذها ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلى جانب الانحياز المتزايد إلى "إسرائيل"، هي التي أفشلت جهود الإدارة الأمريكية، التي باتت تسعى لفرض خطة السلام بالإكراه على الجانب الفلسطيني.
وقالت الصحيفة الفرنسية، إن دونالد ترامب، لدى وصوله إلى البيت الأبيض، كان يستسهل حل القضية الفلسطينية ويقول: "بصراحة، أعتقد أن هذا الأمر أقل صعوبة مما اعتقده الناس منذ سنوات"، والآن تزامنا مع الذكرى 25 لتوقيع اتفاقات أوسلو، لا يزال ترامب يؤجل الإعلان عن خطته للسلام.
وأضافت الصحيفة أنه بعد العام ونصف العام، بات الرئيس الأمريكي مضطرا للاعتراف بأن استراتيجيته ليست أكثر فاعلية من سابقيه، رغم إصرارها على وصف الخطة بأنها "طموحة ورائعة، ولم يتم التخلي عنها بعد"، رغم التأجيل المتكرر لموعد الإعلان عنها.
واعتبرت الصحيفة أن أولى الأسباب وراء فشل الدور الأمريكي، تتمثل في نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، إذ أن دونالد ترامب ألقى بعرض الحائط كل الإجماع الدولي والعقود الطويلة من الدبلوماسية الأمريكية، معلنا في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، عن تحقيق أحد وعوده الانتخابية، بنقل السفارة الأمريكية، وهو ما يعني عملياً الاعتراف بالقدس كعاصمة لـ"إسرائيل".
وأشارت الصحيفة إلى أن افتتاح المقر الجديد للسفارة، في 14 أيار/ مايو الماضي، بحضور إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، أسعد الإسرائيليين وأثار حفيظة الفلسطينيين، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت العلاقات بين رئيس السلطة محمود عباس والإدارة الأمريكية.
وأوردت الصحيفة أن عباس أوضح موقفه بكل حدة في كانون الثاني/ يناير الماضي حين قال: "نقول لترامب إننا لن نقبل بخطته، إن صفقة القرن تحولت إلى صفعة القرن. وعلى نفس المنوال، أكد صائب عريقات من جانبه أن ما حدث هو عمل عدائي يخالف القانون الدولي ويضر بالشعب الفلسطيني، ويجعل من الولايات المتحدة شريكا في الاحتلال مع إسرائيل".
وأضافت الصحيفة أن السبب الآخر لفشل الدور الأمريكي، هو انحيازه المتزايد للجانب الإسرائيلي، حيث تعود تحفظات الجانب الفلسطيني على سياسة ترامب إلى أولى الأيام بعد دخوله البيت الأبيض. فبعد أيام قليلة من وصوله لمنصبه، رفض ترامب إصدار أي تعليقات حول إعلان إسرائيل بناء حوالي 2500 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات في الضفة الغربية. وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، اعتبر السفير الأمريكي في "إسرائيل"، ديفيد فريدمان، أن إسرائيل ليست دولة احتلال، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين.
وذكرت الصحيفة أن المتحدث باسم البيت الأبيض أعلن في بداية سنة 2017 عن اعتزام ترامب التقارب أكثر مع إسرائيل. ومنذ ذلك التاريخ، تم استقبال بنيامين نتنياهو في مناسبتين، إلى جانب الإعلان على إن حل الدولتين "ليس الطريق الوحيد للسلام"، فيما أعلنت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أن "تشويه إسرائيل سيتوقف".
وقد تلت هذه التصريحات سياسة أكثر تقربا من "إسرائيل"، وأكثر حدة تجاه الفلسطينيين، ففي بداية حزيران/ يونيو الماضي، رفعت واشنطن الفيتو في وجه مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو لحماية الفلسطينيين، وفي نهاية ذلك الشهر أيضا، أعلن واشنطن انسحابها من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بذريعة انحيازه ضد "إسرائيل".
وأضافت الصحيفة في نفس السياق أن واشنطن كانت قد أعلنت يوم السبت الماضي عن قرارها بإلغاء مساعدات بقيمة 25 مليون دولار، كانت توجه للمستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية. ويوم الاثنين، أعلنت الولايات المتحدة أيضا عن غلق السفارة الفلسطينية في واشنطن.
واعتبرت الصحيفة أن الهدف غير المعلن لهذه الإجراءات الأمريكية هو إجبار المسؤولين الفلسطينيين على الانصياع، وهو ما أكده دونالد ترامب حين قال: "الأموال موجودة، ولكن سوف ندفع لكم عندما نتوصل إلى اتفاق، إذا لم نتوصل إلى اتفاق لن ندفع".
وأوضحت الصحيفة نقلا عن الدبلوماسية الأمريكية ميشال دين، الباحثة في مركز كارنيغي للسلام الدولي، أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن نظراءهم الفلسطينيين سوف ينتهي بهم الأمر إلى الاعتراف بالهزيمة وبضرورة القبول بما يمنح لهم، مهما كانت الشروط، حتى لو كان ذلك في مقابل حكم ذاتي محدود وبعض التسهيلات الاقتصادية من أجل تمرير الاتفاق.
ونقلت الصحيفة عن آرون ديفد ميلر، الباحث في مركز ويلسون، قوله "إن واشنطن في الوقت الحالي خسرت كل حظوظها في لعب دور الوسيط الفعال في هذا الصراع".
وأشارت الصحيفة إلى أن دونالد ترامب نفسه كان قد أقر الأسبوع الماضي بأنه كان مخطئا حين قلل من صعوبة حل لهذه القضية، حيث قال: "خلال كل حياتي، كنت أسمع بأن التوصل لاتفاق في هذا الصراع صعب جدا، والآن بدأت أفهم أن هذا الكلام صحيح".