الأسير المحرر حسام التميمي .. اعطوه عينا ثالثة

التقاط.PNG
حجم الخط

 

نائب في المجلس التشريعي

رئيس هيئة شؤون الاسرى سابقا

الفتى الأسير المحررحسان عبد الخالق مزهر التميمي «18 سنة», سكان قرية دير نظام قضاء رام الله , اعتقل يوم 7/4/2018 وهو مريض قبل الاعتقال , يعاني من مشاكل صحية في الكلى والكبد نتيجة خلل في عملية امتصاص البروتينات منذ ان كان طفلاً , وهو يعيش على نظام غذائي وعلاج محددين وعدم الالتزام بهما يتسبب بمخاطر صحية كبيرة .

خلال وجوده في سجن عوفر العسكري ومنذ اعتقاله تعرض لاهمال طبي من قبل اطباء السجن بعدم تزويده بجرعات الدواء اللازمة له , مما ادى الى تدهور حالته الصحية بشكل متسارع , نقل على عجل الى مستشفى تشعار تصيدق الاسرائيلي يوم 27/5/2018 وكان قد فقد بصره ودخل في حالة غيبوبة .

أطباء سجن عوفر كانوا على علم تام بحالة الفتى حسان التميمي , وبين ايديهم التقارير الطبية والفحوصات والادوية ونوعية الغذاء المطلوبة له , ولكنهم تخلوا عن مسؤولياتهم الطبية والاخلاقية , وتركوا الفتى التميمي يصارع المرض حتى أصبح أعمى .

عندما زرته في مستشفى المجمع الطبي في رام الله لم يرني , ظل يبحث بعيونه عن ظلالنا وملامحنا وشكل كلماتنا واصواتنا التي جاءت متاخرة , لا ضياء ولا شعاع في غرفته التي تحولت الى سواد , كل شيء معتم حتى الضوء والشرشف الابيض وحبة الدواء .

هذا الفتى اليافع المتحرك المندفع الذي لم يمنعه مرضه عن مقاومة الاحتلال , يريد ان يمشي ويتحرك ويلمس ويعانق ويعرف وجوه الناس , كان يعرف شكل الشجرة التي اختفت , وهو يعرف الطريق التي ضاعت , وهو يعرف مقاعد المدرسة , والكتب والطلاب والمدرسين التي جميعهم دخلوا في الظلال .

هي اكبر من مجرد اهمال طبي , انها جرائم طبية متعمدة عن سبق اصرار خلف القضبان بحق مئات الاسرى المرضى , جرحى ومعاقين ومصابين بامراض خطيرة , فهناك اما ان يصبح الاسير مشلولا مقعدا مثخنا بالامراض , واما ان ينكمش ويذوب ويصير شبحا وجثة ترسل في كيس اسود بعد انتظار وغياب .

عندما التقيت مع المقرر الخاص لحقوق الانسان في الامم المتحدة , طلبت منه ان يتحرك ويعمل على وضع حد لاستمرار اطباء مصلحة السجون بانتهاك القواعد الدولية في معاملة الاسرى المرضى , وان يلاحق قانونيا هؤلاء الاطباء الذين تحولوا الى جلادين وخانوا قسم ابو قراط الطبي , واصبحوا شركاء فاعلين في الاهمال بحياة الاسرى واساءة المعاملة , وعدم القيام بواجباتهم المهنية والطبية .

كان واضحا ان المقرر الخاص ومؤسسات الامم المتحدة عاجزة عن ايقاف الجريمة , وعندما ذكرت له حالة الاسير حسان التميمي صمت قليلا وسالني ما العمل ؟ قلت له : ان لم تحاسبوا دولة الاحتلال فعليكم ان تعطوه عينا ثالثة لكي يرى , لقد اخذوا بصره الذي يدله على احلامه , سرقوا بصره الذي يرى فيه عمره القادم . انهم اطلقوا سراحه من سجونهم , لكنهم سجنوه بقسوة مرة اخرى في ظلمة ابدية داكنة .

اعطوا الفتى حسان التميمي عينا ثالثة لكي يرى , صارت الحديقة بلا تراب , الهواء ثقيل , النور ثقيل , يتحدث معنا بعروقه ودموعه , يتشنج , كلماته تتارجح في الظلام , ينظر الى الفجر ولكنه لا يراه , ينظر الى الشمس فيسالنا لماذا دائما تغيب ؟ الحائط ينهض وهو قاعد , الوقت يقعد كسيحا على وجهه الجميل .

اعطوا الفتى حسان التميمي عينا ثالثة لكي يرى , من يكون هذا الولد الاعمى , شاهدا على احتراق البياض , شاهدا على الموت في الزنازين , شاهدا على رائحة الصرخات والاوجاع في اجساد محطمة من يكون هذا الفتى الاعمى ؟ مدوا اصابعكم العشرة والمسوه , اعطوه جفونكم كي يحلم بالحياة .

اعطوا الفتى حسان التميمي عينا ثالثة لكي يرى , من يقول له ان في السماء غيمة وليس طائرة حربية تطلق القنابل والرصاص لتقتل الاولاد على حدود غزة , من يقول له ان الحقول سنابل خضراء وليست مستوطنات ومعسكرات مسلحة ؟ من يفك القيود وينتزع الاسلاك من عينيه , يفتحهما واسعة لكي يشرق على صباه ؟

كتب الفتى حسان التميمي لنا :

كنت أود أن أرى..

ماذا وراء القمم..

كنت أود أن أرى..

البحر وأمي ورفرفة العلم

لكنني ما زلت أرى ما لا يُرى ..

مثلما يرى جرحه الألم..