من أجل نجاح الحوار السياسي بين فلسطين والاتحاد الأوروبي!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

لعلنا ما زلنا نتذكر خديعة نتنياهو للاتحاد الأوروبي أواخر العام الماضي، عندما قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إنه دعا نفسه إلى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل، في اطار خديعة نسقها مع وزير خارجية ليتوانيا، إثر رفض الاتحاد الأوروبي حضوره للاجتماع المذكور، إذ فوجئ هؤلاء بإعلان نتنياهو في اجتماع لحزب الليكود، أنه سيلتقي وزراء خارجية الاتحاد في اجتماع بروكسل، الأمر الذي أوقع الاتحاد في حرج تمت معالجته من خلال صفقة أدت إلى دعوة الرئيس عباس لحضور اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماع لاحق، من ناحية، وعلى أن يتم التركيز خلال حضور نتنياهو على القضية الفلسطينية وتوجيه أسئلة صعبة لسياساته الاستيطانية. مع ذلك لم يحضر نتنياهو الاجتماع المشار إليه إلاّ في اطار «إفطار غير رسمي» في ذلك الوقت سخرت وسائل الإعلام الأوروبية بالقول إن نتنياهو يعتقد أن مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد يشابه الكونغرس الأميركي المفتوح دائماً لنتنياهو، بينما شعرت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالقول إن نتنياهو دعا نفسه لحضور هذا الاجتماع.
ما دعا الى استرجاع دعوة نتنياهو لنفسه لحضور اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أواخر العام الماضي، الإهانات التي تعرض لها قبل يومين آفي ديختر عضو الكنيست من الليكود ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أثناء الحوار السنوي بين لجنتي الأمن والخارجية لكلا الطرفين في بروكسل.
إثر إنهاء ديختر كلمته، صدرت صرخات حادة من قبل أعضاء في البرلمان الأوروبي موجهة له: أنت مجرم حرب، بعد ذلك وفي لقاءات مع وسائل الإعلام، قالت عضوة البرلمان الأوروبي البرتغالية انا غوميس، مفسرة صرخاتها في وجه ديختر، إن هذا الأخير كان مطلوباً في بريطانيا عام 2007 باعتباره مجرم حرب وكان على وشك أن يعتقل، وهو الذي بادر إلى سن قانون القومية اليهودية العنصري.. أستطيع أن أتحدث مع الشيطان وليس مع ديختر بوصفه مجرم حرب والمسؤول عن سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين.
عضو البرلمان الأوروبي، الإسباني فواير فراموي، قال انه ليس لديه أسئلة يوجهها إلى ديختر، ذلك أنه يجب أن تسأله محكمة الجنايات الدولية لقيامه بتعذيب الفلسطينيين وتفجير منازلهم، بينما تقوم الحكومة الإسرائيلية بمنعنا من زيارة قطاع غزة.
على الدوام، كان هناك توتر في العلاقات الإسرائيلية ـ الأوروبية، إلاّ انها الآن أشد توترا بالنظر إلى المواقف المعلنة من قبل الاتحاد الأوروبي على ضوء الخطوات والقرارات التي اتخذتها الإدارة الأميركية في اطار صفقة القرن، واعتراض الاتحاد الأوروبي على هذه القرارات، سواء من خلال تصويتها ضدها في الأمم المتحدة، مجلس الأمن والجمعية العامة، أو من خلال بياناتها وتصريحاتها، فيما يظل الموقف الأوروبي من الإبقاء على الاتفاق النووي بين إيران في اطار اتفاق 6+1، رغم خروج الولايات المتحدة منه، سبباً إضافياً لهذا التوتر المتزايد، إلاّ أن إقرار الكنيست «قانون القومية» كان من شأنه أن يشعل حرب البيانات والخلافات بين حكومة نتنياهو والاتحاد الأوروبي، وترجمة الموقف الأوروبي بهذا الشأن من خلال موافقة الاتحاد الأوروبي مؤخراً على نقاش مجموعة من المقترحات الفلسطينية، تتعلق بالاعتراف بفلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وتأييد حصولها على مقعد دائم العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلغاء اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على خلفية العملية الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، واستمرار دعم الاتحاد الأوروبي لوكالة الغوث وعودة السلطة الوطنية الفلسطينية الكاملة لقطاع غزة.
مع ذلك، هناك مساع مستمرة ونشطة من قبل نتنياهو وحكومته للتدخل في أعمال ومواقف الاتحاد الأوروبي من خلال نجاحه في عدة اختراقات من قبل بعض دول أوروبا الشرقية ودول البلطيق الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مع ذلك ليس هناك سوى نجاحات محدودة في هذا السياق، فقد بشر نتنياهو بأن هناك عدة اعترافات بالقدس عاصمة للدولة العبرية على غرار القرار الأميركي من قبل عدة دول أوروبية شرقية، إلاّ أن ذلك لم يحدث، بل كانت بعض الدول تنفي أي نية لها بالخروج عن موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لهذا الأمر.
إن الاتحاد الأوروبي مدعو للإسهام في عملية التسوية بين فلسطين وإسرائيل، خاصة بعد أن أُخرجت الولايات المتحدة من دورها في هذا السياق بعد قراراتها الأخيرة حول القدس وحق العودة، ومبادرة الرئيس عباس البديلة عن الدور الأميركي والتي أطلقها مجدداً في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والقاضية بتشكيل اطار دولي موسع بمرجعية دولية لتحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطين، ما يعني أن للاتحاد الأوروبي دوراً يتجاوز التقدم بمنح وتمويل للسلطة الفلسطينية إلى دور سياسي يوازي قدراتها ونفوذها على الصعيد الدولي.