واصلت وسائل إعلام عبرية خصوصًا الناطقة باللغة الإنكليزية، التحذير من التداعيات السلبية التي قد تترتب على تورط نظام الحكم في السعودية في اختفاء الصحافي جمال خاشقجي.
واعتبر رون كامبيس مدير وكالة "Jewish Telegraphic" أن قضية خاشقجي ستشكل تحديًا للتقارب الإسرائيلي السعودي لأنها ستمثل اختبارًا لمستقبل العلاقة بين جاريد كوشنر صهر وكبير مستشاري الرئيس دونالد ترمب، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وفي مقال نشره مساء أمس موقع "TIMES OF ISRAEL" أشار كامبيس-بحسب "العربي الجديد"- إلى أن قدرة كوشنر على مواصلة العلاقة مع بن سلمان ستتأثر بتهاوي صورة الأخير في الولايات المتحدة "كمصلح تحديثي" في أعقاب تزايد المؤشرات على أنه هو الذي أصدر الأمر بتصفية خاشقجي بوحشية.
وتساءل كامبيس بشأن ما إذا كان كوشنر سينتظر حتى تهدأ العاصفة ويوصي ترمب باستعادة العلاقة مع بن سلمان، أم أنه سيوصي بالحفاظ على مسافة عنه، مشيرًا إلى أن الاعتبارات الاقتصادية تعد محددا مهما في تصور ترمب للعلاقات الخارجية مما يرجح أنه سيحاول عدم المس بالعلاقة مع بن سلمان.
وأكد على أنه على الرغم من أن كوشنر سوّغ سعيه لتعزيز العلاقات مع بن سلمان برهانه على دوره في دفع تسوية سياسية للصراع بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، إلا أن الهدف الرئيس لتحركه هذا تمثل في سعيه لـ"استنفاذ الفرص في العلاقة مع ولي العهد السعودي، من خلال التوصل لمزيد من عقود بيع السلاح والتوافق على تعاون استراتيجي أوسع بين الجانبين".
وأوضح أن صهر ترمب ومستشاره وولي عهد السعودية عمدا إلى تعزيز العلاقة بينهما "من خلال إجراء عدد كبير من المحادثات الهاتفية"، مشيرًا إلى أن كوشنر حصل على "رخصة فقهية" من حاخامه لكي يسمح له بمرافقة ترمب في زيارته للسعودية التي تصادفت يوم السبت العام الماضي.
وحسب كامبيس، فإن هناك ما يبعث على الشك بأن كوشنر منح بن سلمان موافقة ضمنية لاحتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ودفعه للاستقالة على أمل أن يفضي الأمر إلى تقليص هامش المناورة أمام مؤيدي إيران في لبنان، مشيرًا إلى أن كوشنر قام بزيارة الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قبيل احتجاز الحريري في الرياض.
ولفت إلى أنه حتى قبل تفجر اختفاء خاشقجي فإن الكثير من الأوساط في الولايات المتحدة كانت مقتنعة بأن "الإصلاحات" التي يروج لها بن سلمان مجرد "مسرحية أكثر من أنها واقع على الأرض".
ونوه إلى أن "النساء بتن حقا قادرات على قيادة السيارة، لكن الناشطات اللواتي سعين على مدى سنين لإنجاز هذا الحق يقبعن حاليًا في سجون بن سلمان، إلى جانب توسعه في تنفيذ الاعتقالات وممارسة التعذيب".
وبين أنه "على الرغم من أن كثيرين مرتاحون لحرص بن سلمان على تعزيز العلاقة مع إسرائيل، إلا أن هؤلاء يرون أن هذا يمثل سببا كافيا للتغاضي عما يفعله في اليمن".
من ناحيتها، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" في عددها الصادر اليوم إن صناع القرار في تل أبيب يرون في قضية خاشقجي تحديًا كبيرًا على اعتبار أنها تحمل في طياتها "المس بفرص مواصلة تطوير العلاقة مع السعودية".
وكشف سيث فرانسمان المعلق في الصحيفة أن المسؤولين الإسرائيليين ينطلقون من افتراض مفاده أن تراجع مستوى العلاقة بين واشنطن والرياض سيؤثر سلبًا على العلاقة السعودية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن "استعادة العلاقات الأميركية السعودية زخمها في عهد ترمب هي التي أسهمت في التقارب السعودي الإسرائيلي".
وحسب فرانسمان فإن تل أبيب "تخشى أن يضطر نظام الحكم في السعودية للتراجع عن تطوير العلاقة مع إسرائيل في حال تعمقت عزلته الدولية بعد تفجر قضية خاشقجي".
وحذر المعلق في "جيروزاليم بوست" من أن تراجع العلاقة بين الرياض وتل أبيب سيضر كثيرا ببيئة إسرائيل الإقليمية، لأنه سيقلص من قدرة تل أبيب على مواجهة تركيا التي يسود توتر كبير العلاقة بينها وبين "إسرائيل".
ويرى فرانسمان أن إخفاء خاشقجي سيزيد مكانة نظام الحكم السعودي تدهورا، مشيرا إلى أن "هذا النظام في حالة مواجهة مع قطر، تركيا، إيران، كندا، إلى جانب أن سلوكه أفضى إلى خيبات أمل قوية لدى حلفائه".
وأعاد المعلّق ذاته للأذهان حقيقة أن خاشقجي كان معارضا قويا للتقارب والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، مبرزا أنه "كان يرفض رهان الرياض على قوة وحضور إسرائيل في تأمين مصالحها، لا سيما في مواجهة إيران، حيث كان يشكك في استعداد تل أبيب للتصدي لإيران".
وقال إن "خاشقجي كان يرى في أية محاولة سعودية للتقارب مع إسرائيل مسا بمكانتها المحورية في العالمين العربي والإسلامي، إلى جانب تشديده على إن إسرائيل لا يمكنها أن تكون حليفا "يمكن الوثوق به والاعتماد عليه".
وأردف المتحدث ذاته أن "خاشقجي كان ينتقد بشكل لاذع الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، علاوة على أنه كان يتهم تل أبيب بممارسة القتل ضد المدنيين الفلسطينيين العزل".
وتابع "خاشقجي أعرب عن امتعاضه من سماح الحكم في الرياض لوسائل الإعلام التي تدور في فلكه بمهاجمة الفلسطينيين"، مشيرا إلى أن الصحافي السعودي المختفي منذ أكثر من عشرة أيام، عقب زيارته لقنصلية بلاده في إسطنبول، "حرص بشكل خاص على توجيه انتقادات للقمع الذي تمارسه أنظمة الحكم العربية ضد حركات الإسلام السياسي، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين".