القتلة هم وزراء حكومة نتنياهو!!

هاني-حبيب
حجم الخط

قبل أيام قليلة تنادى جمهور المستوطنين للوقوف في وجه الجرافات وقوات الجيش والشرطة الإسرائيلية لمنع هدم كوخين ومنزلين تم بناؤهما عشوائياً في إحدى مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، وذلك تنفيذاً لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، ولم تتمكن قوات الشرطة من صد المستوطنين إلاّ بعد تدخل من نتنياهو الذي اتخذ قراراً إضافياً ببناء وحدات إضافية في المستوطنة إرضاءً للمستوطنين، وأثناء النقاش بين المستوطنين وقادة الجيش، هدد رئيس مجلس مستوطنات شومرون، الذي كان يقود المستوطنين، وهو يوسي داغان رئيس مجلس مستوطنات شومرون، حكومة نتنياهو، بأنها إذا لم تسمح باستخدام الجيش القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، فإن المستوطنين سيقومون بذلك بأنفسهم.. بعد ساعات قليلة فقط، قام المستوطنون بحرق منزل الفتى الرضيع الدوابشة، وباقي القصة النكراء باتت معروفة!
ما كان لهذا الحدث الجسيم أن يفاجئ أحداً، إشارات متوالية منذ أشهر كان يجب أن تدق ناقوس الخطر، من حرق لمزارع، ولأشجار الزيتون، وحرق المساجد والكنائس، وحرق الطفل الشهيد محمد أبو خضير بعد خطفه، هي إشارات قليلة من إشارات أكثر، تشير إلى أن أعمال المستوطنين، ليست مجرد أعمال عصابات مسلحة، بل هي عصابات منظمة، ساعدت على قيامها الدولة العبرية من خلال دعمها من ناحية، ومن خلال تجاهلها في ملاحقتهم، ومن خلال القضاء الإسرائيلي الذي يبدع في إيجاد المخارج والتبريرات لعدم محاسبتهم، هذه العصابات المنظمة ليست مجرد جيش احتياط، بل هي جيش عامل من ناحية المهام والتنفيذ، إلاّ أن عملها يقتصر على الداخل، وخصوصاً في الضفة الغربية المحتلة، وهذا ما يشير إلى أن هذه العصابات باتت تهدف ليس فقط إلى العمل على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم بهدف إقامة المستوطنات بديلاً عنها، ولكن، تشكل هذه العصابات المنظمة، الأداة الرئيسة في مواجهة أي احتمال لقيام انتفاضة فلسطينية ثالثة، ولكي يخلي الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن أعمال القتل فيما لو حدثت هذه الانتفاضة، فإن هذه العصابات المنظمة، ستبدو وكأنها هي البديل عن مهام الجيش في هذا السياق، الأمر الذي يبدو وكأن دولة الاحتلال لا تتحمل مسؤولية ردود الفعل على أعمال الانتفاضة الثالثة المحتملة، أمام الرأي العام العالمي، ونعتقد أن هذه هي المهمة الأساسية لهذه العصابات المنظمة.
ردود الفعل الإسرائيلية على هذه الجريمة، تعود إلى أن هذا الحدث الصاعق أدى إلى ردود فعل، ليست تقليدية من حيث تسليط الأضواء على طبيعة الدولة العبرية العنصرية، وعلى الدور المناط بالمستوطنين كعصابات منظمة، وانكشاف هذا الدور على صعيد الرأي العام العالمي، كما تعود إلى الخشية من عدم القدرة على السيطرة على الموقف، وجر الدولة العبرية إلى حرب جديدة، ليست مستعدة لها في الوقت الراهن، إلاّ أن الأهم من ذلك كله ـ ربما ـ هو أن هذه العصابات المنظمة باتت تشكل خطراً على ما يسمى الديمقراطية الإسرائيلية، فقد تزايدت مخاوف بعض القوى الإسرائيلية من تزايد قوة هذه العصابات التي باتت تملي سياساتها وقوانينها على الدولة العبرية، وبحيث أطلقت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية وكتّاب رأي على هذه الجماعات «داعش اليهودية» التي باتت تهدد التكوين الداخلي للقوى الاجتماعية في الدولة العبرية، خاصة أن هذه العصابات، من الناحية الرمزية على الأقل، باتت تشكل حكومات نتنياهو المتتالية، من خلال تأثيرهم على عملية الانتخاب، معظم وزراء حكومة نتنياهو هم إما من المستوطنين، أو من يشجع ويدعم الاستيطان والمستوطنين، وبالتالي يمكن القول، إن زعماء هذه العصابات المنظمة هم في سدة الحكم لدى حكومة نتنياهو!!
هذه العصابات، هي عصابات عقائدية تتبنى أيديولوجيا عنصرية فاشية أطلق عليها المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» رون بن يشاي «الجهاد اليهودي الداعشي» لافتاً إلى أخطار هذه العصابات على مكونات ما سماه المجتمع الإسرائيلي، محملاً القضاء الإسرائيلي والقوانين الإسرائيلية، تجاهل هذا الخطر الداهم وعدم ملاحقة هؤلاء المجرمين.
إلاّ أن أبرز الانتقادات للقضاء الإسرائيلي حول هذا الملف، جاء من قبل الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين الذي اعترف صراحة في بيان خاص، بأن تعامل إسرائيل مع ظاهرة الإرهاب الإسرائيلي كان هشاً، وان التعامل مع هذه الظاهرة بالتساهل أدى إلى ما جرى في «دوما»! لكن اعتراف الرئيس الإسرائيلي هذا، ينفي أن هذه الظاهرة ما كان لها أن تبدأ وتستمر لولا رعاية أجهزة الدولة العبرية الرسمية، بشكل غير رسمي، لهذه الظاهرة، وكأن في الأمر تقصيراً أو خطأ، وليس سياسة مخططا لها بإحكام، تعول عليها قوى اليمين المتطرف في استمرار العملية الاستيطانية وتهجير الفلسطينيين، ومواجهة أية انتفاضة ثالثة محتملة.
قيام يهودي متطرف بطعن بعض المتظاهرين اليهود من المثليين، قبل أيام قليلة، يؤكد الطابع الأيديولوجي لهذه الظاهرة، بما يجعل القول إنها حركة جهادية يهودية عنصرية، تتبنى أفكاراً تكفيرية داخل الدولة العبرية، وأفكاراً عنصرية فاشية تجاه الفلسطينيين، قولاً له دلالاته وتأثيراته، وهو ما يفسر ردود الفعل الإسرائيلية على هذه الجريمة النكراء!!