المجلس المركزي الفلسطيني... ثلاث قرارات مصيرية!

2b56b545609376410308f49b3f305dad.jpg
حجم الخط

 

استاذ علوم سياسية - غزة

بعيداً عن السفسطة والجدل السياسي الفلسطيني العقيم حول أحقية وشرعية تمثيل المجلس المركزي ، ومدى فاعليته في إطار الإستقطاب السياسي الذي ما زال يسيطر على المنظومة السياسية الفلسطينية، يبقى كأمر واقع التسليم أن منظمة التحرير ومؤسساتها ما زالت هي القائمة والفعلية، وهي من تتخذ القرار السياسي ، حتى أن الحكومة الحالية باتت أحد أدواتها التنفيذية.

المهم في اللقاء القادم وقد يكون الأخير في حياة المجلس المركزي وكل مؤسسات المنظمة، أن يكون هذا المجلس قادر على التعامل مع التحديات المصيرية التي تعصف بمستقبل القضية الفلسطينية، ومع التسليم بأن المجلس من يملك سلطة إتخاذ القرار لأنه يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، يبقى السؤال المصيري الذي قد يعطي للمجلس بعضا من المصداقية يتعلق بقدرته على إتخاذ القرارات الواضحة والحاسمة بل والمفصلية، والتي قد تخرجنا جميعا من النفق المظلم الذي أوقعنا أنفسنا فيه.

قرارات ثلاثة مطلوب من المجلس أن يملك الشجاعة السياسية لإصدارها وتنفيذها مهما كانت التداعيات.المطلوب أولا أن يتحول المجلس الى مجلس كفاحي وتكون عضويته مفتوحة لبقية الفصائل.و أول هذه القرارات السياسية تتعلق بالبنية السياسية الداخليه وإعادة بنائها وصياغتها بما يحقق التوافق الوطني ، وهذه المسأله تفاصيلها كثيرة، فالبنية السياسية الفلسطينية الشامله وخصوصا بنية منظمة التحرير تحتاج إلى مزيد من التفعيل السياسي ، وتجسيد شرعيتها ، على أساس ان المنظمة هي أساس البناء السياسي ـ وأساس المرجعية، وحتى تكون المنظمة هي الممثل الشرعي والحقيقي للشعب الفلسطيني ولا بد من ان تكون بنيتها مستوعبة وحاضنة للجميع.

ولا يجوز بقاء أي فصيل خارج هذه المنظومة، ومن المسائل الأخرى الحاسمة تحديد وحل مسألة خلافة الرئيس ، بعبارة أخرى وضع الآليات السياسية المناسبة والمتفق عليها، وتفعيل التواصل مع الشتات الفلسطيني في الخارج، وتفعيل الاليات للتواصل مع الجاليات الفلسطينية في كل مكان حتى يشعر الكل أن المنظمة هي فعلا تمثل شعبها، وهذه المسألة تحتاج لقرارات واضحة وقاطعة. على إعتبار ان البناء السياسي الديموقراطي يعتبر من أهم الخيارت لإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.

والتحدي الثاني الذي يحتاج لقرارات قوية ما يتعلق بتحديد العلاقة مع إسرائيل ، وهذا يحتاج فقط الى إعلان مرحلة الدولة، والتي تعني إلغاء إتفاقات أوسلو وكل ما ترتب عليها. ومرحلة إعلان الدولة لا تعني التراجع عن خيار السلام والتفاوض، بل هي دعوة تستند على الشرعية الدولية وقراراتها والإعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية ، ومخاطبة إسرائيل والولايات المتحدة لمراجعة كل الإتفاقات، وبناء إتفاقات جديد على أساس أن هناك دولة فلسطينية تحت الاحتلال، وإعلان الدولة يعني أيضا مطالبة الدول بالإعتراف بالدولة الفلسطينية، والتقدم بمشروع قرار باسم الدولة الفلسطينية لرفع مستوى العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لدولة تحت الاحتلال، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته ورفع الإحتلال عن دولة عضو. وتعني أيضا إلغاء كل المؤسسات السياسية الفلسطينية التي قامت على أساس إتفاقات أوسلو والإعلان عن مؤسسات الدولة ، وإلى حين إجراء قيام الإنتخابات تقوم المنظما بمهامها.

والتحدي الثالث الذي يحتاج لقرارات عقلانية موضوعية مقبولة بعيدا عن العقاب التعامل مع مسألة غزة والإنقسام والتقدم بتصور كامل للمصالح يكون مقبولا شعبيا، وعليه أرى ان على المجلس المركزي طرح رؤية سياسية للمصالحة ، ولا يكتفي القول المطالبة بتوقيع تفاهمات سابقة.

الشعب الفلسطيني من حقه أن يعرف تفاصيل المصالحة، وليس بعيدا أن تعر ض هذه المبادرة على الشعب للإستفتاء ، وعندها يتحمل كل طرف مسؤوليته ، وليكن معلوما أنه لن يسمح بفصل غزة ولن يسمح بقيام كيان منفصل فيها، ولن يسمح لأي تنظيم سواء "حماس" أو غيرها ان تبتعد بغزة عن الكلية الفلسطينية، وضرورة التعامل مع مشاكل غزة على أنها مشاكل فلسطينية.

هذا يتوقف على الرؤية والمشروع التصالحي الذي يحقق المصالحة ، ولا يقوم على الإقصاء لصالح طرف على حساب طرف آخر.

الأساس في هذه الرؤية التمكين السياسي ، وذلك من خلال نظام سياسي ديموقراطي تشاركي توافقي يشارك فيه الكل الفلسطيني من خلال إعتماد مبدأ دورية الإنتخابات وتداول السلطة.

ويبقى أن أحد أهم المهام المناطة بالمؤسسة التمثيلية الجديد تشكيل لجنة وطنية لصياغة مشروع وطني للدولة الفلسطينية.

ويتطلب ذلك تحديد ألاليات واهمها الإسراع في الانتخابات لتجديد شرعيىة كل المنظومة السياسية الفلسطينية، وبدون الإنتخابات سنبقى ندور كانسان فاقد بصيرته ويحتاج ليد تقوده، لكن الخوف هذه المرة أن اليد التي تقود لن تكون فلسطينية.

هذه القرارات والتحديات المطلوب من اجتماع المجلس المركزي إتخاذها. ولننتظر ونرى.