" محمود شقير " سداسيّة للأطفال والبعد التّربويّ

1.PNG
حجم الخط

عن مركز أدب الأطفال "براعم أدب الزّيتون" في مكتبة كل شيء الحيفاويّة، صدرت ستّ قصص أطفال، للأديب الفلسطينيّ الكبير محمود شقير، وهذه القصص هي: في المسجد والكنيسة، مهدي وجمانة والمطر، الفراشة الملوّنة، ورد للخالة مريم، نداء الفجر، وطيور الخريف. وقد صاحب القصص التي صمّمها ومنتجها شربل الياس رسومات للفنّان العراقيّ رعد عبد الواحد.

 

ويلاحظ أنّ بطلي هذه القصص هما الطّفلان مهدي وجمانة، وهنا لا بدّ أن نعرف أنّ مهدي هو حفيد الأديب شقير، ويكاد يكون الحفيد الأقرب إلى قلب جدّه، ويظهر ذلك بوضوح لمن يتابع صفحة الكاتب في "الفيسبوك" حيث تكثر كتاباته عن مهدي، أمّا جمانة فلا أعرف مدى علاقتها بالكاتب، حيث أنّ اسم جمانة تردّد كثيرا في كتابات أديبنا للأطفال ولليافعين.

والقارئ لهذه القصص سيجد فيها قيما تربويّة وتعليميّة، ففي قصّة "في المسجد وفي الكنيسة" نجد أنّ القدس مدينة التّعدّدية الثّقافيّة، فجمانة ووالدتها زارتا مسجد الصّخرة المشرّفة وكنيسة القيامة، ومهدي ووالدته، زاراهما أيضا، وهناك عرفا أنّ سيدنا محمّد كان في قبّة الصّخرة، وأنّ سيّدنا المسيح كان في كنيسة القيامة، وبما أنّ القدس مهد الدّيانتين السّماويّتين "الاسلام والمسيحيّة"، فإن أطفالها ينشدون:" نحن الشعب المخلّد، رسولنا محمّد. نحن الشّعب الجريح، مخلّصنا المسيح". وبما أنّ الاحتلال يهدّد الوجود الإسلاميّ والمسيحيّ في المدينة، إلا أنّ "المدينة باقية هناك على مدى الأيّام والشّهور والأعوام"ص25، وهذا يعني أنّ الاحتلال إلى زوال.

 

وحبّذا لو أنّ الكاتب أشار في هذه القصّة بأنّ مسجد الصّخرة المشرّفة جزء من المسجد الأقصى.

 

وقصّة "مهدي وجمانة والمطر" تتحدّث عن الطبيعة، فالسّماء زرقاء اللون، والغيوم الصّيفيّة بيضاء، والغيوم القاتمة هي التي تحمل الأمطار، وعندما ينزل المطر يحمل النّاس المظلّات لتحميهم من البلل، لذا فإنّ جمانة ومهدي وبقيّة الأطفال ينشدون أثناء تساقط الأمطار:"أمطري وزيديني/ مظلتي تحميني/مظلتي تحميني". وهذا النّشيد يتناصّ مع الأغنية الشّعبيّة:" امطري وزيدي، بيتنا حديدي، عمنا عبدالله، ورزقنا على الله."

 

وقصّة "الفراشة الملوّنة" فيها دعوة للحفاظ على البيئة، فالفراشة هذه الحشرة ذات الألوان الجميلة، جزء من جمال الطّبيعة، والكلّ يتمتّع بجمالها، لذا يجب تركها تعيش كما تشاء.

 

وقصّة "ورد للخالة مريم" فيها دعوة لبرّ الوالدين، حيث يقدّم كلّ من مهدي وجمانة الورد لوالدتيهما في "عيد الأمّ"، كما يقدّمان هما وأقرانهما الورد بهذه المناسبة أيضا للخالة مريم، التي وكما يبدو لا أبناء لها، وكأنّي بالكاتب هنا يريد القول بأنّ من لا ابن لها فكلّ الأطفال أبناؤها، كما أنّه يعطي الأطفال معلومة بأنّ يوم الأمّ هو الواحد والعشرون من آذار كل عامّ.

 

وقصّة "نداء الفجر" تبيّن أنّ الليل للسّكينة والرّاحة والنّوم للبشر وللحيوانات، بينما "الأشرار في هذا العام لا ينامون، ينتظرون غياب الشّمس لكي يمارسوا شرورهم في الظّلام" وهذا تناصّ مع المثل الشّعبيّ" مثل اولاد الحرام لا بناموا ولا بخلّوا الناس يناموا"، وبما أنّ الأطفال ينامون مبكرا، أو يرغمون على ذلك، فإنّهم أول من يستيقظ، وبالتّالي يوقظون الآخرين.

 

وفي قصّة "طيور الخريف" حديث عن هجرة الطّيور، وهي قضيّة معروفة ويشاهدها الجميع، حيث تقطع الطّيور آلاف الأميال في هجرتها طلبا للدّفء ومن أجل التّزاوج، ومن حقّ البشر أيضا أن يتنقّلوا كيفما يشاؤون في هذا العالم، تماما مثلما تفعل الطّيور، وفي النّهاية سيعود كلّ منهم إلى وطنه الأمّ، تماما مثلما تفعل الطّيور، لذا فإن جمانة ومهدي وأقرانهما يغنّون :"العالم موطننا الكبير، وفلسطين موطننا الصّغير."

 

ويلاحظ في هذه القصص قيمة تربويّة تعليميّة تتمثّل في تربية الأطفال على المساواة عدم التّمييز بين البنات والأولاد، وهذا ما يفعله الأطفال بعفويّة تامّة، فما كان يقوم به مهدي من فعل أو قول، كانت جمانة تقوم به أيضا.

 

الرّسومات والاخراج: الرّسومات التي أبدعها الرّسّام العراقيّ رعد عبد الواحد جميلة وتناسب المضمون، وتألّق شربل الياس في التصميم والمونتاج حيث توافقت الرّسومات مع المضمون، ممّا يساعد الأطفال على استيعاب القصص.