سلسلة الفشل للحكومة الاسرائيلية في مجال الاسكان فرضت على نحو مليون شخص واقعا حياتيا صعبا: هل عليهم استثمار رواتبهم الشهرية المربكة في مواجهة ارتفاع غلاء الاسعار المتواصل في دفع اجرة الشقة، ام ربما لتخصيص جزء منها للانفاق على حاجات اخرى مثل الطعام والعلاج والتعليم؟ ربما لو ان الوزراء وسائر الموظفين الكبار، ممن تقع على عاتقم المسؤولية عن هذا الفشل، كانوا مضطرين لمواجهة مسائل مماثلة، لعملوا أكثر وتكلموا أقل، لكنهم، هم وابناؤهم، وعلى ما يبدو أبناء أبنائهم مستقرون ماليا.
يكشف تقرير مراقب الدولة عن وضع معروف من مجالات أخرى أهملت وأبعدت عن واجهة المسؤولية الحكومية: العقد المبدأي بين الحكومة وجمهور ناخبيها، والذي يشتمل من بين امور اخرى مسؤولية الحكومة عن توفير السكن، تم خرقه. وهكذا وجد الانفصال بين الحكومة والناخبين.
اما المعطيات العامة – ارتفاع بنحو 55% في اسعار الشقق وبنحو 33% في مستوى اجرة الشقة فهي معطيات من شأنها التضليل. الجميع يعاني، ولكن هناك من يعاني أكثر. يشير المراقب بصدق إلى ان الارتفاع في معدل الانفاق على الشقق يبرز اكثر ما يكون في الاعشار الستة السفلية. في الاعشار الثلاث الدنيا، معدل الانفاق على السكن يتراوح بين 30% و 45%. هذه المعطيات «تشير إلى تضرر محتمل لنفقات البيت الاعتيادية لصالح النفقات الاكثر اساسية، السكن»، كما كتب في التقرير.
ومن بين حالات الفشل المختلفة يخصص المراقب مكانا لواجبات الحكومة، من مستوى نتنياهو فما دون، بعدم متابعتها لقراراتها. «سكرتارية الحكومة لم تقم بمتابعة منهجية للقرارات التي اتخذت داخل الحكومة بين السنوات 2005 – 2012 والمتعلقة بسياسات الاسكان الحكومي، بما في ذلك قرارات كثيرة لم تطبق أو أجل تطبيقها بشكل متواصل» كما أشار المراقب.
الملاحظات السابقة لمراقب الدولة تثبت أنه خلف ثرثرة نتنياهو على الفعالية والتحكم تختفي فوضى ادارية: لا، بدون اقلاع (start up)، بصعوبة دولة (nation). وفقا للتقرير، «الحكومة وكافة اداراتها قررت هذه السياسات وفقا لمصطلحات غير موحدة وعرَّفوا بطريقة غير ملائمة اهداف هذه السياسات وطرق تنفيذها. آليات التنسيق بين الوزارات المختلفة والرقابة على تحقيق الاهداف كانت هي الاخرى غير سليمة».
قبل نحو ثلاثة اسابيع نشر في «هآرتس» مقال في الموضوع ذاته. في مكتب رئيس الوزراء اختاروا ألا يجيبوا على الأسئلة، ومنها كيف ومتى سيتم متابعة قرارات الحكومة، نسبة القرارات التي تم تنفيذهاأ والفترة الزمنية التي يتطلبها التنفيذ وغيرها من الأسئلة. إجابة مدير عام مكتب رئيس الوزراء، هارئيل لوكر، لمراقب الدولة كانت اكثر وضوحا: «متابعة تنفيذ قرارات الحكومة يحمل طابعا ’تقريريا’، ليس أكثر من ذلك. لم تمتلك اي جهة صلاحية فرض تنفيذ قرارات الحكومة، التي لم تنفذ». في هذا المجال يشير المراقب إلى ما هو مفهوم بذاته، بأن نتنياهو ومدراءه صدوا عملية التطبيق: «الحكومة ملزمة بمتابعة تطبيق قراراتها كي تتحكم بصورة الوضع الشاملة فيما يخص أعمالها.»
يمكن الركون الى الأمل بأن ملاحظات المراقب سوف يجري تطبيقها، ولكن من الصعب الاعتقاد بان التغيير سيحدث دون ضغط شعبي. قبل بضعة شهور تقرر في مجلس الوزراء عدم نشر خطط العمل المختلفة لوزارت الحكومة المختلفة. هذه الخطط يمكن استخدامها كوسيلة، حتى لو كانت جزئية وليست تامة، لمتابعة انشطة الحكومة. في العام 2013 لم تنشر الخطط بسبب الانتخبات التي تلتها، واستقبالا للعام 2015 تم اعدادها بشكل حذر بسبب تقديم موعد الانتخابات وعدم المصادقة على الموازنة: لا وجود لوثيقة حكومية يمكنها ان تعبر عن التزام الحكومة أمام جمهورها.
عن «هآرتس»