النار .. علي دوابشة

e4ae3ae67d284e9dcf55b21f5a29aef0
حجم الخط

يوقظها بإصرار بين الفينة والأخرى ، يتشبث بصدرها بمنتهى العناد ، يرتشف أخر قطرات حليبها ويدفن رأسه الصغير في جسدها ، يخبرها بعينيه المثقلتين بالخوف إنها آخر رشفاته. وآخر حضن سيحظى به ...

لم تنتبه هي أن الموت من أضجعه في حضنها ، وألقمه ثديها تلك الليلة وألقى على روحه الغضة أعذب تراتيل الوجع ، ومنحه لحظات من السبات واستراق الحنين ومناغاة عيون تشع بالحب والاحتياج ، وبعدها اشتعل جسد علي وجسدها الذي كان يحضنه ، لم يوقظهم الموت أو يلفت أنظارهم ، و يربت على أفئدتهم ويعدهم بالحياة..

بل جاءهم نار تشتبك مع أجسادهم وأرواحهم لتعبر بهم إلى خانات الحلم الجميل..

 اشتعل علي ونحن من احترقنا.. حاطه الدخان ونحن من اختنقنا, غادرنا علي عجل ونحن من تعثرنا, أتراك يا علي شعرت بسخونة النار والفراق!! ..

ترى هل حاولت أن تغطي صدرها بقلبك!. وهل صددت عن عينيها ألسنة الموت ولم تفلح!.. فأمسكت بك أنت, هل حاولت أن تطفئ بدموعك حقدهم, هل صرخت لتوقظ أمواتاً ما استيقظوا على رائحة شواء لحمك!!

أنت أصغر من أن تحمل وجع قضية, وأجمل من أن تحمل ملامحك لون الاحتراق, وأقوى من أن تمر مرور العابرين بدون أن ترتدي علماً وكوفية, وتحمل على أكتاف ما عادت تستطيع رفعك إلى أعلى..

سأذكرك يا علي وأرسمك مكللاً بالطهر والغار, وأرثيك بالدموع والثلج والأمطار, وحين أبكيك سأبكيك رماداً ونار ...