كشفت مصادر عبرية، اليوم السبت، أن القطيعة تتفاقم بين "إسرائيل" وروسيا بعد إسقاط الطائرة الروسية، فيما وجهت الأخيرة رسالةً حادّةً مفادها أنّ قواعد اللعبة في سوريّة قد تغيّرت بشكلٍ كبيرٍ.
وقال المُحلّل المُخضرَم في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، النقاب، نقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، أنه منذ إسقاط الطائرة الروسيّة في أيلول (سبتمبر) الماضي، لم نسمع عن “نشاطاتٍ عسكريّةٍ” إسرائيليّةٍ في سوريّة، لا من مصادر أجنبيّةٍ، ولا من مصادر عربيّةٍ أوْ إسرائيليّةٍ.
وأضاف: إنّ موسكو وجهّت مؤخرًا رسالةً حادّةً كالموس، مفادها أنّ قواعد اللعبة في سوريّة قد تغيّرت بشكلٍ كبيرٍ، الأمر الذي يعني أنّ الروس ماضون في منع حريّة الطيران لسلاح الجوّ الإسرائيليّ في الأجواء السوريّة، كما كان الحال في الماضي، أيْ قبل إسقاط الطائرة الروسيّة من قبل الدفاعات الجويّة السوريّة، وتحميل موسكو مسؤولية الحادث الذي راح ضحيته 15 عسكريًا روسيًا، لدولة الاحتلال.
وتابع المُحلّل قائلاً، نقلاً عن المصادر ذاتها، إنّ الرسالة الروسيّة للحكومة الإسرائيليّة كانت فظّة للغاية، ولا تحتمل التأويل: “ما كان في سوريّة لن يكون بعد الآن"، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ما أسماها بالمُشكلة الروسيّة يجب أنْ تُقلِق كثيرًا رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، لأنّ تداعياتها وإسقاطاتها على الأمن القوميّ للدولة العبريّة كبيرةً وخطيرةً جدًا، على حدّ تعبيره.
وأشار بارنيع إلى أنّه في افتتاح الدورة الشتويّة للكنيست، تباهى نتنياهو بأنّ إسرائيل تُواصِل نشاطها العسكريّ في سوريّة ضدّ التمركز الإيرانيّ في بلاد الشام، كما كان الحال قبل إسقاط الطائرة الروسيّة، وصوّر العلاقات بين تل أبيب وموسكو بألوانٍ ورديّةٍ، مؤكّدًا على أنّ إسرائيل تقوم، كما كان في الماضي غير البعيد، بتنسيق عملياتها العسكريّة في سوريّة مع الروس.
وشدّدّ بارنيع، نقلاً عن المصادر الرفيعة في تل أبيب، على أنّ الوصف الذي ساقه نتنياهو في الكنيست لم يكُن دقيقًا، إذْ أنّ الروس وجّهوا له رسالةً هذا الأسبوع، تضمنّت فحوى فظًا جدًا بأنّ ما كان لن يكون في الحاضر أوْ المُستقبل، أيْ أنّ قواعد اللعبة تغيّرت، وأنّ الروس لن يسمحوا لإسرائيل بالقفز عن الخطوط الحمر التي وضعوها بعد إسقاط طائرتهم، على حدّ قول المُحلّل.
إلى ذلك، ذكر مُحلّل الشؤون الأمنيّة في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أليكس فيشمان، أنّه منذ إسقاط الطائرة الروسيّة، تسود قطيعةً كاملةً بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ووزير الأمن الإسرائيليّ أفيغدور ليبرمان، مؤكّدًا أنّ كل محاولات ديوان نتنياهو، من أجل ترتيب لقاءٍ مع الرئيس بوتين، باءت بالفشل، ولم يأتِ أيّ رد على الطلبات الإسرائيليّة المُتكررة من الكرملين.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ نتنياهو كان قد ذكر خلال وجوده في نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامّة للأمم المتحدة، أنّه سيلتقي فور عودته بوتين من أجل تسوية الأزمة بين الجانبين، لكن مرّت خمسة أسابيع، وبوتين لم يرفع (لنتنياهو) سماعة الهاتف، بحسب وصفه.
وكانت إسرائيل، كما ورد أخيرًا من تسريبات مكتب نتنياهو عبر الإعلام العبريّ، أملت أنْ يجري العمل على تعويض “عدم اللقاء” مع بوتين، من خلال لقاءٍ يتّم العمل على الإعداد له على هامش زيارة الرؤساء لباريس في 11 من الشهر الجاري، لكن يبدو أنّ هذا الحديث سابق لأوانه، بعد تأكيد موسكو أنّ اللقاء الوحيد لبوتين على سيكون مع ترامب، فيما يمكن لبوتين أنْ يتحدث ويتبادل بضع كلمات، مع زعماء آخرين، بمن فيهم نتنياهو.
وأكّدت مصادر أمنيّة بتل أبيب للصحيفة العبريّة أنّ الأزمة مع روسيا مستمرّةً، لأنّ الروس يُحاوِلون فرض قواعد جديدةٍ على إسرائيل، من شأنها أنْ تحد بشكلٍ كبيرٍ جدًا من فعالية الهجمات الإسرائيليّة في سوريّة، مُوضحةً أنّ تل أبيب غيرُ مستعدّةٍ بعد للامتثال الكامل للمطالب والشروط الروسيّة، لأنّ فيها خطرًا لا يُحتمل على سلاح الجو، خاصّةً مع تسريب معلومات حول الهجمات إلى الأعداء: الإيرانيين والسوريين.
وبحسب الصحيفة، يتأكّد أنّ أجواء القطيعة بين الجانبين تؤثر سلبًا على اتفاقات وتفاهمات الفترة الماضية، قبل إسقاط الطائرة الروسيّة، حيثُ اتضحّ صعوبة توقّع جدوى لأيّ اتصالٍ بين الجيش الإسرائيليّ والقيادة العسكريّة الروسيّة في سوريّة، وتحديدًا ما يتعلّق بالوجود العسكريّ الإيرانيّ في الجنوب السوريّ، وهو الموضوع الذي يُقلِق إسرائيل ومؤسستها الأمنية.
واختتمت الصحيفة أنّ القطيعة بين المؤسسة السياسيّة الإسرائيليّة ونظيرتها الروسية، تُلقي بظلالٍ سيئّةٍ على مجمل التفاهمات المعقودة مع الجانب الروسيّ، مع صعوبةٍ بارزةٍ في دفع الروس إلى الإيفاء بالتزاماتهم، خاصّةً ما يتعلق بالوجود الإيرانيّ، بعد تلّمس انتشار واسع في الجنوب السوريّ، إلى جانب الوحدات العسكريّة السوريّة، وصولاً إلى الحدود مع إسرائيل.