ثمة فرق شاسع بين الدول التي تتضامن مع القضية الفلسطينية وترفض التطبيع مع إسرائيل بكافة أشكاله وأوقاته ودول أخرى تنساق وتهرول إلى عقد لقاءات مباشرة مع الاحتلال بذريعة اتفاقيات سلام من جهة والمشاركة في مسابقات الأولمبياد الرياضية.
ما لفت انتباهي قبل أيام هي صورة تحمل من معاني المحبة والتأييد للقضية الفلسطينية وهي أثناء رفع الماليزيون علم فلسطين في ملعب شاة عالم خلال المباراة النهائية لكأس ماليزيا وسط حضور كبير من المشجعين.
ما أبهاها من صورة جميلة تعكس عمق العلاقة والتأييد بين فلسطين وماليزيا على مدار الأعوام السابقة! والتأكيد على أن فلسطين حاضرة في قلوب المشجعين وكل حر يرفض التطبيع بكافة أشكاله!
ليست هي المرة الأولى التي تتضامن ماليزيا مع شعبنا فلسطين، ولم يقتصر فقط على الجانب الرياضي، بل ساندتها سياسيًا وتعليميًا واقتصاديًا، وكانت تساند الحق الفلسطيني، وترفض الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحقه.
صورة ثانية، ولكن لدولة أخرى، وهي الجزائر الشقيقة التي تعشق فلسطين، فلا تكاد للحظة تفرق بين الجزائر وفلسطين؛ وذلك من شدة حبهم للقضية الفلسطينية ورفضهم للاستعمار والغطرسة الإسرائيلية.
قبل عدة أيام كانت هناك مسابقة لأفضل ملكة جمال في الوطن العربي وحصلت عليها فتاة من دولة الجزائر، فحين وجهت صحافية لها سؤالًا بعد فوزها بالجائزة، لو أتيحت الفرصة لمنحك جنسية أخرى فماذا تختارين؟ فقالت دون تردد لاخترت الجنسية الغزاوية، وتقصد فلسطين.
ليس غربيًا على دولة الجزائر هذا الحجم من التأييد والحب للوطن فلسطين، فلا تخلو مناسبة أو محاضرة أو مسابقة إلا وكانت فلسطين حاضرة في القلب والوجدان.
هذا هو الضمير العربي الذي ننتظره من دولنا العربية والإسلامية لمساندة فلسطين في كل المحافل الدولية وإعادة الاهتمام والأولوية للقضية الفلسطينية كما كانت في الأعوام السالفة، فالقدس بحاجة لدعمكم ومساندتكم لها من التهويد الإسرائيلي والهجمة الأمريكية.
خلال الأيام الماضية القليلة شهدنا تطبيعًا غير مسبوق من عدة دول خليجية كقطر والإمارات وسلطنة عمان، فاختلفت وتنوعت أشكال التطبيع مع إسرائيل فشهدنا زيارة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وزوجته لسلطة عمان لبحث السلام في المنطقة والزيارة الأخيرة التي أجرتها وزيرة الثقافة لمسجد في العاصمة أبوظبي.
هذه الزيارات التطبيعية أثارت موجة من التساؤلات عن أسباب الزيارة وأهدافها في الوقت التي يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليات قتل واستيطان وتهويد بحق الإنسان والحجر والشجر؛ ما يطرح تساؤلًا: متى يصحو العرب من غفلتهم؟ ويعودون إلى أصالتهم؟
في حين كشفت صحيفة The Financial Times البريطانية، عن أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية الخليجية، التي لطالما اعتبرت إسرائيل عدوًا لها، في جهدٍ علنيّ على غير المعتاد، يُركّز على سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة.
الواضح مما سبق أننا نفهم من الزيارات التي أجرتها إسرائيل لعدد من الدول في الخليج العربي أننا أمام أعتاب تطبيع إسرائيلي خليجي علني وفتح علاقات وطيدة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية.
ويبقى التساؤل الأبرز: هل تتراجع دول الخليج عن تطبيعها مع إسرائيل؟ والذي يرفضه كل إنسان عربي حر يرى جرائم الاحتلال والغطرسة الإسرائيلية على القدس والأماكن والمدن الفلسطينية كافة.
هناك دولة خليجية وحيدة لم نشهد زيارة وفود إسرائيلية لها في الفترة الأخيرة، وهي الكويت التي تزال واقفة إلى جانب الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة من الاحتلال الإسرائيلي.
وأخيرًا، المطلوب من دول الإمارات وقطر وعمان أن يعودوا إلى صوابهم، ورفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة البوصلة للقضية الفلسطينية للتصدي للقرارات الإسرائيلية والأمريكية التي تعصف بقضيتنا.