نقل موقع واللا العبريّ، عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ، وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، أنّ الذي نفّذ العملية الفدائيّة في بركان، بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، أشرف نعالوة (23 عامًا)، لا يزال حرًا طليقًا، مؤكداً في الوقت عينه على أنّ المؤسسة الأمنية ترى أنّه "مُنفّذ مُنفرِد" قرّرّ من تلقاء نفسه تنفيذ عمليةٍ من دون بنيةٍ تحتيّةٍ تنظيميّةٍ تقف خلفه، على حدّ قوله.
واعتبر الموقع، نقلاً عن المصادر نفسها، أنّ عدم إلقاء القبض على مُنفّذ العملية حتى الآن بعد مرور أكثر من شهر، إذْ أنّ العملية نُفذّت في السابع من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، تشير إلى تغييرٍ نوعيٍّ في المنطقة وتصاعد مستوى الانفجار الذي حذِّر منه رئيس الأركان في جيش الاحتلال، الجنرال غادي آيزنكوت في الأشهر الأخيرة، كما أنّ رئيس جهاز الأمن العّام الشاباك الإسرائيليّ، ندّاف أرغمان، تطرّق هو الآخر قبل يومين إلى الوضع في الضفّة الغربيّة وقال إنّ الهدوء الذي يُميّز المنطقة هو هدوء ما قبل العاصفة، وأنّ الأوضاع قد تنفجِر من لحظةٍ إلى أخرى، بحسب قوله.
وقال الموقع إن الضفّة الغربيّة المُحتلّة شهدت في السنة الأخيرة تغييرًا هامًّا على خلفية التصريحات السياسيّة بين السلطة الفلسطينية والدولة العبريّة، التي أدّت إلى تزايد التوتر، خصوصًا لعدم وجود أيّ أفقٍ سياسيٍّ في الخلفية.
وطرح الموقع العبريّ تساؤلات عديدة وصفها بالصعبة حول المنفذ المسّلح الطليق، منها على سبيل الذكر لا الحصر: هل استخلص جهاز "الشاباك" وبقية أجهزة الأمن، العبر من حقيقة أنّ الملف الشخصيّ لمخربٍ كهذا نجح في اختراق المنظومة والدخول إلى المنطقة التي يعمل فيها إسرائيليين وفلسطينيين؟.
عُلاوةً على ذلك، لفت الموقع العبريّ إلى أنّ قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال بقيادة الجنرال نداف بدان، أوكلت طاقم مهمة خاص يعمل على مدار الساعة خلال كلّ أيام الأسبوع لفحص كلّ قصاصة معلومات من "الشاباك" تُحضَر إلى الطاولة في إطار ملاحقة المخرب، مشيرًا إلى أنّه حتى الآن، تمّ تنفيذ مداهمات، وأقيمت حواجز، وشنت عمليات مركزة ترافقت مع اعتقالات وأُجري تحقيق للوصول إلى المُخرّب، لكن بدون نتائج تؤدّي إلى اعتقاله.
كما ذكرت المصادر الأمنيّة والعسكريّة، بحسب الموقع، أنّ القلق في المؤسسة الأمنيّة ليس فقط من حقيقة أنّ ما أسمته "مخربًا" منفردًا نجح في التحايل على منظومات الاستخبارات التابعة للشاباك والأجهزة العملانية في المنطقة، بل بسبب وجود ثغرةٍ خطيرةٍ في منظومة الردع، على حدّ تعبيرها.
وخلُص الموقع العبريّ إلى القول إنّ هذا الواقع يأخذ الحادثة إلى مكان أكثر حرجًا وهشاشةً، التنسيق الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة وبين نظيراتها من الاحتلال الإسرائيليّ، لافتًا إلى أنّه في واقعٍ يكون فيه أحد التحدّيات الأكثر تعقيدًا للشاباك هو المنفذين المنفردين، يجب على "إسرائيل" تعزيز التنسيق الأمنيّ والحفاظ عليه واعتباره إحدى الثروات الجليّة مع الفلسطينيين، على حدّ قوله.
في السياق عينه، حاول مُحلّل الشؤون العسكريّة في يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، إيجاد الأعذار للفشل "الإسرائيليّ" في اعتقال نعالوة، ناقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلّاع في تل أبيب قولها إنّ الشاباك قام بتغيير الرواية، وبدأ يتحدّث عن أنّ نعالوة، لم يعمل بشكلٍ مُنفردٍ، وأنّ هناك العديد من الجهات والأشخاص الذي يُوفّرون له الحماية، لافتًا إلى أنّ الشاباك فشل في إحباط العملية قبل حصولها، وأنّ الفشل ما زال مُستمّرًا بسبب عدم اعتقاله.
ولاحَظَ المُحلّل أنّ جهاز الأمن العّام بدأ يتحدّث عن تنظيمٍ محليٍّ، لا يتبع لتنظيمٍ فلسطينيٍّ، الذي أعّد العملية وطريقة إخفاء المُنفّذ، مُشدّدًا على أنّ تقييد الموظفة، التي قتلها فيما بعد بالمصنع، كان هدفه اختطافها وأخذها رهينةً، كاشفًا عن أنّ سيارةً فلسطينيّةً كانت بانتظاره، والتي فرّ فيها بعد تنفيذ العمليّة، بحسب تعبيره.
وبحسب المُحلّل فيشمان، يُثير بقاء نعالوة مُطاردًا المخاوف لدى قادة الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة خشية تنفيذه عملياتٍ أخرى، أسوةً بالشهيد أحمد نصر جرار الذي طاردته وحدات الاحتلال الخاصّة نحو ثلاثين يومًا في يناير (كانون الثاني) الماضي.
واختتم المُحلّل فيشمان قائلاً إنّ نعالوة، يُشكّل لغزًا لإسرائيل التي تُحاوِل من خلال كل أجهزتها الأمنيّة حلّه، مُوضحًا أنّ كثيرًا من الأسئلة حول نعالوة ما زالت بدون حلٍّ لها بعد مرور شهرٍ على تنفيذه العملية في منطقة "بركان" الصناعيّة الإسرائيليّة شمالي مدينة سلفيت، بالضفّة الغربيّة المُحتلّة.