شدد رئيس الوزراء رامي الحمد الله، على حرص الحكومة على حماية حرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية، ضمن منظومة الحريات والحقوق التي تعمل على تكريسها، مؤكدا رفض المساس بهذه الحقوق ومحاسبة من يثبت انتهاكه لها.
يأتي ذلك، في كلمة الحمد الله، امام المؤتمر الاعلامي الدولي لدعم الصحفيين الفلسطينيين، بعنوان: "صحفيون في مرمى النيران"، الذي يقام برعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس، للمرة الأولى في فلسطين، بحضور عدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة "فتح"، والمشرف العام على الإعلام الرسمي الوزير أحمد عساف، ورئيس الاتحاد الدولي للصحفيين فيليب لوروث، ونقيب الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر، وعدد من أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين، وممثلي وسائل الاعلام، وشخصيات إعلامية ورسمية واعتبارية.
وقال الحمد الله، في كلمته في مدينة رام الله، إنه من اجل حماية حقوق الصحفيين في إطار الحرية المسؤولة وفق القانون، وللوصول إلى بيئة عمل إعلامية مناسبة، توجهنا إلى تحديث منظومة القوانين المتعلقة بالعمل الصحفي، مثل قانون المطبوعات والنشر 1995، وقانون حق الحصول على المعلومات الذي أصبح في مراحله الأخيرة تمهيدا لإقراره من مجلس الوزراء.
وأضاف ان جهود الحكومة انصبت في هذا السياق على تنظيم عمل وسائل الإعلام ومحطات الإذاعة والتلفزة والبث الفضائي بالتنسيق مع الوزارات المختصة، وفي خط مواز، على رفد الإعلام الحكومي، ليقوم بدوره في التنسيق بين قطاعات ومؤسسات الدولة، وليسهم، بالشراكة والتكامل مع نقابة الصحفيين ومختلف مؤسسات الإعلام، ووفق القواعد المهنية والأخلاقية، في تطوير الإعلام وبناء استراتيجية إعلامية فعالة نواجه بها التحريض والتزييف الإسرائيلي، ورصد الاعتداءات الإسرائيلية ونشرها، لدعم جهود القيادة الفلسطينية في حشد رأي دولي ضاغط لإنهاء الاحتلال وحماية أبناء شعبنا وصحفييه ومحاسبة الاحتلال، معربا عن ثقته بأن وزير الإعلام، سيقود مسيرة تنظيم هذا القطاع والنهوض به على أكمل وجه.
وأوضح الحمد الله أن الصحفيين الفلسطينيين يواجهون التهديدات والقيود الإسرائيلية، وينتصرون لمهنتهم بمهنيتهم وإنسانيتهم، وحيا الإعلاميات والإعلاميين الفلسطينيين والمراسلين وممثلي وسائل الإعلام الدولية، وشكر العاملات والعاملين في الاعلام الرسمي.
كما توجه بالتقدير من حراس الحقيقة في الخان الأحمر، وفي عوريف، وجب الذيب وكفر قدوم وفي مسيرات العودة، وفي كل أرض مهددة من الجدار والاستيطان، وقال: "استوقفتني أمس صورة الصحفي الشاب شادي جرارعة وهو يترك كاميرته جانبا ليساهم في إخلاء أطفال من منزل حاصرته قنابل الغاز في عوريف، في صورة أخرى لإنسانية الصحفي".
وأكد رئيس الوزراء، أهمية العمل الموحد والمشترك لمواجهة المؤامرات التي تتهددنا، فالإعلام، هو أحد جبهات هذا العمل، وواجب الحكومة حمايته وتطويره وتذليل العقبات أمامه، كما هو واجبكم تطويعه وتسخيره لخدمة الوطن والمواطن.
وقال: "في فلسطين، لا يصنع الإعلام فقط الرأي العام، ويراقب كسلطة رابعة، على عمل وأداء المؤسسات ويساهم في اجتثاث الفساد والجريمة، بل يضطلع أيضا بمهام استثنائية وجوهرية، في تدويل قضية شعبنا ورصد وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية، لهذا فقد كان دوما ساحة مواجهة مباشرة مع الاحتلال، حيث يعتقل الصحفيون وينكل بهم ويتعرضون لإصابات بالعيارات المعدنية والمطاطية وبقنابل الغاز وتغلق مؤسساتهم، ليس لشيء سوى لإرهابهم لأنهم سفراء وحراس الحقيقة التي تحاول إسرائيل طمسها، وفي غزة، حيث تتفاقم المعاناة، تقصف المؤسسات الإعلامية، ويمنع الصحفيون من التنقل والسفر حتى للعلاج من إصابات ميدانية أصيبوا بها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى استهدافهم بالرصاص الحي، حتى وإن ارتدوا شارات الصحافة، حيث استشهد هذا العام خلال مسيرات العودة، الصحفيين ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين، وأصيب العشرات بجروح، ولعلكم شهدتم أمس جبروت الاحتلال الإسرائيلي الذي أمطر بالغاز المسيل للدموع مسيرتكم السلمية على حاجز قلنديا، التي نظمت أساسا لإسناد حق الصحفيين الفلسطينيين بالحركة".
وأضاف أن ما يتعرض له الصحفيون ووسائل الإعلام هنا في فلسطين، هو جزء من معاناة مستمرة تزداد اليوم ضراوة وقسوة، فالصمت الدولي وإفلات إسرائيل من المحاسبة والمساءلة شجعها على التمادي في ارتكاب الجرائم والانتهاكات الممنهجة وواسعة النطاق.
وأشار إلى أن إسرائيل، التي تحظى بانحياز كامل من الإدارة الأمريكية، تواصل توسعها الاستيطاني رغم الإدانة الدولية الواسعة للاستيطان، وصادقت حكومتها مؤخرا، على بناء مستوطنة هي الأولى منذ ستة عشر عاما في الخليل، وتمت المصادقة أيضا على بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس، إضافة إلى الحصار الذي تفرضه على غزة، وأعمال القتل والتنكيل والاعتقال التي تمارسها سيما ضد أطفالنا وشبابنا، في تحد صارخ لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني، بل أنها تمعن أيضا في مخططات التهجير في الأغوار، وفي الخان الأحمر، وفي سائر التجمعات البدوية، خاصة في محيط القدس، وفي وقت تقطع فيه الإدارة الأمريكية التمويل عن البنى والمؤسسات التي يعول عليها الفلسطينيون في صمودهم وبقائهم، كمستشفياتنا في القدس ووكالة الأونروا. لتشتيت حقوق شعبنا وفرض وقائع جديدة على الأرض وتدمير حل الدولتين.
وأكد رئيس الوزراء انه في ظل كل هذا، عملت حكومة الوفاق، بمؤسساتها وموظفيها، متحدين أيضا انخفاض المساعدات الدولية، لتطور وتوسع خدماتها، في ذات الوقت الذي تعمل فيه على تعظيم الإيرادات وترشيد النفقات وتوجيه الموارد لاستنهاض القطاعات، واستطاعت التحول باقتصادنا ليصبح اقتصادا مقاوما منفتحا على العالم، وببنى فلسطين، لتعمل كمؤسسات دولة تضاهي أداء مؤسسات دول قائمة.
وقال: "ولإدراكنا أن المربع الأول لتعزيز الصمود والحفاظ على هذه الإنجازات، هو بتكريس الأمن وبسط القانون واجتثاث الجريمة والفساد، شرعنا في تطوير البنى التشريعية والقانونية لكافة القطاعات، ولمكافحة الانتهاكات ضد المواطنين وحقوقهم الشخصية والمالية فيه، وضمان سلامة الدولة الأمنية والمالية، أصدر رئيس دولة فلسطين قرار بقانون الجرائم الالكترونية بتاريخ 29/4/2018، بناء على تنسيب مجلس الوزراء، لتحقيق التوازن بين حماية الحقوق ومكافحة الجريمة التي ترتكب من خلال وسائل تكنولوجيا المعلومات".
ورحب رئيس الوزراء، نيابة عن الرئيس محمود عباس، بالحضور الإعلامي المميز والحاشد في المؤتمر، في إطار اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحفيين، الذي يعقد لأول مرة في رحاب فلسطين، في حراك قوي ومؤثر للتضامن مع شعبنا وحقوقه المشروعة، وإسنادا لصحفيي فلسطين الذين يعملون، تحت الأخطار وفي مرمى النيران والقصف، وفي ظل استهداف وتنكيل إسرائيلي.
وأعرب عن تطلعه بأن يؤسس هذا المؤتمر، لعمل دولي جاد وموحد للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الصحفيين ورفع القيود والظلم عنهم لضمان ممارسة عملهم الصحفي، بأمن ودون تهديدات.
ودعا الحمد الله، المشاركين، إلى نقل معاناة شعبنا المتفاقمة، لشعوبهم وحكوماتكم ولبقية أعضاء الاتحاد الذين منعهم الاحتلال من الدخول إلى فلسطيني والمشاركة في فعاليات المؤتمر.
وقال: "انقلوا لهم ما شهدتموه وتعرضتم له أمس على حاجز قلنديا، انقلوا لهم صورة شادي جرارعة، وإصرار الفلسطينيين على بناء دولتهم، وأخبروهم عن الأخطار التي تتهدد الصحفيين وعن القيود الإسرائيلية على العمل الإعلامي بكافة مكوناته".
وثمن إصرار القائمين على المؤتمر على عقده في فلسطين، ونعول على جهودكم لتفعيل الحماية الدولية لشعبنا والصحفيين وللمؤسسات الإعلامية في فلسطين، وإنهاء الصمت الدولي إزاء الجرائم التي تمارس ضدهم.