اختلف مع جميع من وضعوا قواعد لتحليلاتهم حول مباشرة اسرائيل المفاجئة في شمال فلسطين المحتلة والتي اسمتها "درع الشمال "منطلقين من ازمات نتنياهو وازمات اسرائيل الداخلية ،ولاجد نفسي خارج السرب كالعادة فلا تغلب على مقالاتي حالة وظيفية بل للمنطق والموضوعية المعتمد على ابجديات حالة الصراع ببعدها الامني الذي يمثل لاسرائيل حالة الوجود .
نعم اسرائيل لديها ازمات داخلية وهناك قضايا فساد تلاحق نتنياهو واستقالة ليبرمان ، تلك الازمات وحالات الفساد لن تكون دافعا ، وكذلك بخصوص امن اسرائيل ليس نتنياهو الوحيد الذي يمتلك قرار الحرب من عدمه او تكون دافعا لنتنياهو بان يقوم بعملا متهورا انتحاريا لينقذ حكومة الليكود او حكومة الائتلاف المتطرف ، فاسرائيل لديها كنيست ولديها احزاب معارضة قوية ولكن في كل الاحوال كلهم يعرفون ماذا يفعلون لحفظ امن ما يسمى دولة اسرائيل والحفاظ على امن مستوطنيها ، ولذلك اجد اي تحرك سياسي او عسكري للقادة الاسرائيلية ومهما يقال من خلافات داخل الكابينت او مع احزاب المعارضة فجميعهم لن يختلفوا استراتيجيا في خططهم وتوجهاتهم نحو جبهة غزة "" الجبهة الجنوبية "" وجبهة الشمال "" اللبنانية السورية .
عملية خانيونس وهي اختراق امني كبير وكما قال المحلل العسكري الاسرائيلي رولي دانيال"ستكون سرية لسنوات طويله" اسرائيل لم تفصح عن اي رواية محددة للعملية ولكنها قالت ليس بغرض الاختطاف او القتل ، حماس التي اطلقت على عملية التصدي للوحدة الخاصة الاسرائيلية " بحد السيف " ونشرت صور لاعضاء الوحدة الخاصة معتبرة ان هذا نصرا امنيا ، وهناك اصوات اسرائيلية دعت لتشكيل لجنة تحقيق لفشل العملية التي قتل فيها ضابط واصيب اخر وللان تفاصيل العملية واهدافها والوقت الذي استغرقته في غزة مجرد معلومات وتكهنات بكيفية الاختراق والوصول والاقامة والدعم اللوجستي من داخل غزة ، وهل فشل العملية الاسرائيلية ناتج عن يقظة ودقة امنية ومتابعة ام بمحض الصدفة والشكوك بافراد تلك العملية التي قيل انهم انتحلوا بطاقات وهويات افراد فلسطينيين من غزة ، ومارسوا انشطة انسانية كتغطية لنشاطاتهم ، بالتاكيد ان القدر قد افشل العملية ولكن عمقها وما حققته على الارض ربما للان سيبقى تحت البحث الامني المستمر والمتابع ويجب عدم اغفال بان الوحدة الاسرائيلية التي انسحبت لا يعني انها لم تقم بتنفيذ مهامها في داخل غزة .
البعض اعتبر ان لعملية سقوط امني لاسرائيل نعم صحيح وهم هذا السقوط اكتشاف تحركها ولكن هل هذا الاكتشاف كان من البداية ام في المنتصف ام في نهاية مهامها ..؟؟ اسئلة مهمة يجب الاجابة عليها ، المهم ان حماس وفصائل المقاومة كان ردها عسكريا قاسي باختراق الامن العسكري الاسرائيلي بصاروخ الكورنيت وصاروخ عسقلان الذي اعاد التفكير الى نصابه لقادة اسرائيل وقبلوا بوقف اطلاق النار والتهدئة بجهود مصرية ، ولكن نتنياهو قال لمستوطني غلاف قطاع غزة جملتين يجب ان تكونا محل دراسة امام قادة حماس والجهاد وفصائل المقاومة " المعركة لم تنتهي بعد"" وما اخفي كان اعظم ""!
تقديراتي للعملية بانها ليست للاغتيال بل ربما اسرائيل وما زالت تحضر لمواجهة شاملة لا تبدأ باجتياح بري بل بايجاد قواعد ارتكازية في غزة مع قصف شديد للطيران يلحقهما دخول بري لاحقا وهذا لا يتاتى وبعد فشل ثلاث حروب لاجتياح غزة الا بتغيير جذري من انشاء قواعد اسناد في غزة ومراكز استراتيجية ومعرفة منظومة الاتصالات واختراقها والتشويش عليها وابطالها وشبكة الانفاق الداخلية اعتقد فشل العملية لم يلغيها بل ربما تم تاجيلها لاسباب تكنيكية وسياسية وفرش ارضية دولية واقليمية لمثل تلك العملية ان لم تستجيب حماس لما يطرح عليها اقليميا ودوليا ، فنحن نرى تحرك امريكي ومشروع قرار امريكي يدين حماس في الجمعية العامة من بنوده ان توقف حماس الصواريخ وتنبذ الارهاب وتعيد السلطة الى قطاع غزة والالتزام بالتزاماتها واتفاقياتها مع اسرائيل ، وربما ان نجحت امريكا في تمرير المشروع ان يحال الى مجلس الامن ، وسيصوت على المشروع يوم الخمبس في نفس الوقت لقاء مفاجيء لنتنياهو مع وزير الخارجية الامريكي وسفن اسطول امريكي تتحرك للخليج والاعلان عن عملية درع الشمال لتدمير انفاق حزب الله داخل فلسطين المحتلة ، تلك العملية بعد تصاعدها اعلاميا تم تبريدها فلم تعلن اسرائيل الا عن وجود نفقين فقط تتعامل معهما في حين تحدثت اسرائيل عن انفاق حزب الله المخترقة لحدود ما يسمى اسرائيل منذ عام 2014 واسرائيل ما زالت ملتزمة بالقرار الدولي 1701 الذي ينص على هدنة ومنطقة عازلة 30 كيلو متر ، وعمليات الجيش الاسرائيلي تتوخى الحذر في استفزاز عناصر حزب الله ، معادلة الشمال اكثر تعقيدا من معادلة الجنوب ولكن اسرائيل تخشى ان تعمل في ان واحد في مواجهة شاملة مع الشمال والجنوب تفرض عليها ، اسرائيل تضع اهمية لجبهة الجنوب التي تعتبرها اكثر خطرا داخليا عليها من جبهة الشمال التي تحكمها ريا دولية واقليمية شديدة الحساسية .
اذا عملية خانيونس في اعتقادي ما زالت سر من الاسرار الامنية الفائقة فهي ليست تكتيكية بل استراتيجية يقترن عملها بالمسار السياسي في المنطقة والمشروع الامريكي وصفقة القرن وما هو مطلوب من فصائل المقاومة التي قد تجد نفسها امام حالة تدويل قطاع غزة ، ومن خلال مباديء جديدة معلنة وغير معلنة لحالة الصراع مع اسرائيل فالهدنة طويلة الامد التي تطرحها حماس لن تخرجها من حالة ومحاولة فرض الاملاءات على وجودها ووجود الجهاد ونوع التسليح والنشاط ، ولذلك ارى ان فصائل المقاومة لن تدفع اثمان سياسية وتنظيمية باهظة تعرف انها مصيدة لكي يعيد التاريخ نفسه للفلسطينيين في مسيرته الثورية والسياسية ، ولذلك ايضا المواجهة ما زالت قائمة ومحتملة بصور اخرى وهذا ما يجب ان تدركه حماس والجهاد والفصائل الاخرى اما السلطة فقد اعفت نفسها من مسؤلية تاريخية تحاسب عليها برفضها مشروع القرار الامريكي في الجمعية العامة الذي يدين حماس.