بقلم: سميح خلف

خيبات مؤجلة وبعضها غير مؤجلة

سميح خلف
حجم الخط

نظرة استرتيجية على نتائج التصويت على مشروع القرار الامريكي.

في10 نوفمبر عام 1975 كان قرار الجمعية العامة رقم 3379 يدين الحركة الصهيونية كحركة عنصرية تقوم على التمييز العنصري وطالبت العالم بمقاومة ايديولوجيا الحركة الصهيونية باعتبارها خطرا على السلم والامن العالميين ، وفي عام 1973 واستنادا لقرار اتخذته الجمعية العامة عام 1963 والذي ادان التحالف بين الصهيونية وانظمة التمييز العنصري ومرجعية قرار مؤتمر منظمة الوحدة الافريقية وما اقره رؤسائها ورؤساء حكوماتها بأن(النظام العنصری الحاكم فی فلسطین المحتلة والنظامین العنصریین الحاكمین فی زیمبابوی وجنوب أفریقیا ترجع إلى اصل استعماری مشترك، وتشكل كیانا كلیا، ولها هیكل عنصری واحد وترتبط ارتباطا عضویا فی سیاستها الرامیة إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته).

وقرار وزراء دول عدم الانحياز في اغسطس عام 1975م والذي نص على (أدان الصهیونیة بوصفها تهدیدا للسلم والأمن العالمیین وطلبا مقاومة هذه الأیدیولوجیة العنصریة (الإمبریالیة) وفي 13\11\ 1974 القى ابو عمار خطابا في الجمعية العامة فاتحا الطريق امام اي عملية سلام مع الاسرائيليين مطالبا العالم التعاون من اجل احقاق الحق الفلسطيني المقر ببرنامج منظمة التحرير قائلا ( لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي ) ، ذهب ابو عمار الى الامم المتحدة ببرنامج مرحلي +والنقاط العشر المقر من المجلس الوطني في دورته الثانية عشرة بتاريخ 1\6\1974م ( رفض قرار 242) واقرار اقامة السلطة على اي جزء محرر من الارض الفلسطينية ، ورجوعا الى قرار الجمعية العامة 3379 فتم الغاء هذا القرار الذي حاز بتصويت 72 دولة لصالح القرار مقابل 35 ضد وامتناع 32 عن التصويت ، تم الغاء هذا القرار بموجب القرار86\46 وبتاريخ 16\ ديسمبر 1991م اي بعد انعقاد مؤتمر مدريد للسلام بشهر ونصف والذي عقد بتاريخ من10اكتوبر الى 1\11\1991م باشراف امريكي والاتحاد السوفيتي وبوفد اردني فلسطيني مشترك وضم الاردن ولبنان وفلسطين وفي 28يناير1992م عقد اجتماع بين الفلسطينيين والاردنيين مع الاسرائيليين للبحث في التعاون الاقليمي وبدون سوريا ولبنان.

في هذه الاثناء اتت المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين على قدم وساق وفي عواصم مختلفة للوصول الى اعلان المباديء وغزة اريحا اولا والتي سميت بعد ذلك بالتفاقية اوسلو"1" واوسلو""2" والتي توجت بتاريخ 13 سبتمر عام 1993م. العالم لا يراقب بل يتابع عن كثب الاداء الفلسطيني السياسي بل يدقق في المشاوير والمغامرات السياسية التي يتبعها النشاط الفلسطيني في تعامله مع الصراع ولذلك نلاحظ ان مؤتمر مدريد قد فتح عملية التحول للدول ومواقفها في الجمعية العامة وتم الغاء قرار الجمعية العامة الذي يدين اسرائيل كحركة صهيونية عنصرية ، اما اي تحول في لغة العالم ومواقفه كما ينسجم بشكل متدرج مع التنازلات التي يقدمها الفلسطينيون والعرب وخاصة هذا الذي قدم في المبادرة العربية في 28مارس عام 2002 اما فلسطينيا فلقد كان لاثر الاعتراف رسميا من قبل منظمة التحرير بالقرارين الامميين 242 و 338 في الجزائر عام 88م هو الاعتراف المباشر باسرائيل والتعاون والتمثيل والاعتراف من امريكا بالمنظمة ، اما المرفقات الخطرة لتحول العالم نحو شرعنة اسرائيل وامنها في المنطقة فأتفاق اوسلو بين الفلسطينيين والاسرائيليين كان له العامل المهم في التطبيع وتغيير المواقف ، واصبح الاتجاه السائد استثناء او تجميد قرارات الشرعية الدولية الخاصة بفلسطين واهمها القرار 193 واعتبار ان مشكلة الفلسطينيين مع الاسرائيليين مشكلة داخلية امنية يجب حلها بالتفاوض المباشر .

اما الظرف الموضوعي فلم يكن لتغير موازين القوى في العالم وتغير منظومة الاقطاب لصالح قطبية واحدة هي امريكا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م والكتلة الشرقية وتحول دول شرقية داعمة للشعب الفلسطيني الى دول حليفة لاسرائيل اثر على السياسة الفلسطينية التي جنحت للمفاوضات والاتصال بالاسرائيليين منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي .

ولكن ايضا لعب الظرف الموضوعي بانهيار دول عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الافريقية بعد رحيل قادتها المؤسسين ناصر ونهرو وتيتو او ما حدث من ربيع عربي انهى النفوذ العربي في العمق الافريقي وانشغال الدول الوطنية والقومية لحماية نفسها من ثورات امبريالية غذتها دول الغرب ولكن اي مفاهيم ،ونقطة مراجعات عندما نجد رئيس موريتانيا في تل ابيب او رئيس تشاد او نتنياهو في عُمان او سقوط بعض النخب التي تدافع عن امن اسرائيل ولا تدافع عن امن الفلسطينيين وحقوقهم .

ولا ننسى هنا دولة ارتريا التي صوتت لصالح القرار الامريكي تلك الدولة التي امدتها حركة فتح بكل الامدادات المادية والعسكرية ابان حركة تحررها .

عندما صمت العالم على قرار ترامب في ديسمبر الماضي باعلان ان القدس عاصمة لاسرائيل ولم تكن هناك مواقف فعالة لا من العرب او اصدقاؤهم او من كانوا اصدقاء الفلسطينيين حتى الصين التي امتنعت عن التصويت ودول اخرى وهي من كانت صديقة للفلسطينيين وقضيتهم العادلة وتقيم مشاريع استراتيجية مع اسرائيل ، وبرغم الدبلوماسية النشطة التي يقوم بها الفلسطينيين .

وتنقُل رئيس السلطة من بلد لاخر لم يكن هذا ضمانة تساند الفلسطينيين في حقوقهم ، فكما قلت العالم لا يراقب بل يجمع معلومات ودوله تقرر بناء على تلك المعلومات ، برنامج سياسي فلسطيني جامد وتجمد زمنيا ولا يستطيع تكييف نفسه مع التحولات والمتغيرات في دول الاقليم والعالم ، وضع داخلي فلسطيني رث متهالك منقسم ، الضفة الغربية اصبحت لا تمثل شغل شاغل لاسرائيل او امريكا والعالم, و بسياسة الامر الواقع الذي يفرضها الاحتلال وبدون برامج فاعلة لمقاومة الاحتلال وبرامجه في الضفة.

بل ملتزم التزاما مطلقا بمعطيات وجودها كسلطة وان كانت ضلع في مربع الاحتلال وامريكا والاوربيين ودول اقليمية . اما غزة والتي استهدفها مشروع القرار الامريكي للجمعية العامة الذي يدين حماس وفصائل المقاومة لاطلاق الصواريخ والانفاق ومطالبين بنبذ الارهاب والعنف والاعتراف باسرائيل وتجريد الشعب الفلسطيني من حقه في مقاومة الاحتلال والتي كفلتها القوانيين الدولية وميثاق الامم المتحدة ، فهي باعتبارية تريد امريكا ان تنهي الذاكرة الوطنية وان تكون القضية الفلسطينية او ما تبقى منها ,والذي تمثله غزة ان تبقى في داخل تعريف بان قضية الفلسطينيين قضية داخلية اسرائيلية تحكمها مقتضيات الامن الاسرائيلي ، واذا ما نظرنا لنتائج التصويت فهي كارثية بكل المقاييس.

وان اوقف المشروع اجرائيا ولكن الدول التي كانت مع القرار هي الدول الفاعلة في القارات الثلاث ، والعالم مع امن اسرائيل والاعتراف بها وبقضاياها الامنية وهي نتائج تتناقض مع قرار الجمعية العامة 2012 والذي يعطي الفلسطينيين دولة مراقب ، ولكن لماذا يتناقض ، الاعتراف بدولة مراقب على قاعدة اهمال كل القرارات الدولية المتعلقة بعودة اللاجئين , وحفظ امن اسرائيل والارض مقابل السلام والذي تجاوزته الاحداث الان واصبح الغذاء مقابل السلام وتراجع القضية الفلسطينية باسوء تواريخها , حلول انسانية واقتصادية ما تحت الدولة واكثر من حكم ذاتي وبدون جغرافيا للدولة هل في غزة فقط ام ألحاق كانتونات ادارية في الضفة بغزة وبلوحة امنية تختلف عن اداء وتجوهات غزة .

الدول مصالح. ولا ثوابت. وانما المصالح تُحرك الرياح ولكن نحن كفلسطينين بدون سيادة ودولة اين تكمن مصالحنا؟ هل بالهجوم على هذه الدولة او تلك؟ ام نحضر مواقفنا بشكل موضوعي مدروس لتحقيق تلك المصالح، في عالم كل شيء فيه يتغير