تضبيب الصورة وتبطين الاستئصال .. الضفة الغربية إلى أين؟؟

549dfa53895c3908b16352e73edc2d26_M.jpg
حجم الخط

 

 

واندلعت المواجهات أخيرا في الضفة الغربية .. والسؤال الأهم:

1- هل نحن أمام ثورة على المحتل؟ أم

٢- هل نحن أمام ثورة شعب شاملة على الحكام والإحتلال في الضفة وغزة ؟ أم

٣- هل نحن أمام تضبيب الصورة وتبطين الإستئصال؟

نهوى الأولى، فهي وحدة شعب ضد المحتل، وفيها خلاص من الإحتلال، والسيء فيها هو بقاء الحكام الفاشلين.

ونتمنى الثانية، وفيها خلاص من الإحتلال والحكام الفاشلين مرة واحدة.
.
ونرفض الثالثة، رغم توفر البيئة الحاضنة لها وهي الأقرب لتوقعات الحدث الجاري لأن بها ما لا يسر عدو ولا صديق.


تضبيب الصورة وتبطين الاستئصال حالتان تتعمقان في الوعي الفلسطيني منذ زمن، وهما من أخطر نتائج الخلافات الفصائلية في الساحة الفلسطينية.

تضبيب الصورة هو جعلها ضبابية أو معتمة أو مشوهة وهي حالة نفسية تعبر عن ذات أو جماعة، والتضبيب هنا يختلف عن وصف التخوين أو الإتهام أو السب المباشر والفج العابر، حيث التضبيب هى حالة نفسية واعية، ومدركة للهدف الذي تريد من وراء إطلاق السحب والضباب على المستهدف أو صورة المستهدف لحجب رؤيتها بوضوح عن الآخرين وعندها يمكن التحدث والوصف للصورة الضبابية كما يريد المضبب أو حاجب الرؤية، وهذا الوضع ينطبق تماما على الحالة الخلافية في الساحة الفلسطينية يمارسه فريق مؤيد لحماس وفريق مؤيد لعباس أو فتح، أو السلطة، والمؤيدون هنا ليس المنتمين للحزب ولكن هم كل المتفقين بوجهة النظر مع حماس وضد عباس وسلطة رام الله أو كل المتفقين في وجهة النظر مع عباس وضد حماس حيث تظهر عملية التضبيب فاقعة بإتهام كل طرف ومؤيديه منهم للآخر بالتوافق مع صفقة القرن، وهنا فريق رام الله يضبب الصورة ويدعي أن حماس موافقة على الصفقة و تعمل على الإنفصال وتشارك به في سياق تطبيق الصفقة وإقامة دولة غزة في الوقت الذي يدعي فريق حماس ومؤيدوها بأن عباس هو الذي يعمل على فصل غزة تنفيذا لصفقة القرن التي يوافق هو عليها.

هل إنفجار الوضع في الضفة العربية يحدث في سياق حالة التضبيب ومنها إلى تبطين الإستئصال؟؟ ... دعونا نواصل الحديث لتوضيح الفكرة.

آخر عمليات التضبيب فيديو إعتداء الأمن على متظاهري حماس من نساء ورجال أشعل الدنيا وفرق الشمل ونقل وقفة عز مع الشهداء إلى حرب شعواء على أمن السلطة ومسؤوليهم ورئيسهم وبدأت حماس ومؤيدوها في فتح قريحتهم بالإنتقام لضرب الحرائر وفتاوي التحريم كما نقلت وكالات الأنباء والمواقع فتوى للشيخ محمد سليمان الفرا وبدأت الذاكرة تسترجع سريعا أيام ما قبل الإنقلاب الحمساوي في غزة، محافظ الخليل في طرف السلطة صرح أن الفيديو مجتزأ ولا ينقل صور إعتداء متظاهري ومتظاهرات حماس على عناصر الأمن، وقيل عن تحضير فعاليات تجمع الكل الوطني وتركت حماس القطيع لتنفرد كعادتها في عدم مشاركة الآخرين وذهبت لأجندة خاصة ومدبرة لتفجير الوضع في الصفة الغربية، وإلى هنا فقد تفجر الوضع إلا من معجزة لمنع الانفجار الكبير البيني الفلسطيني والذي لا يعرف مداه أحد، بدل توجه الجميع نحو جنود الإحتلال.

قس على ذلك من عمليات التضبيب والضبابية المستمرة منذ زمن الانقلاب في غزة كمحطة قريبة، أو ما قبل حتى نشوء السلطة بين حماس وفتح في صراع تمثيل الشعب الفلسطيني.

نضرب بعض الأمثلة البسيطة والقريبة الحدوث والمستمرة التي يطلق عليها العامة "المناكفات" وهي ليست مناكفات،
بل هي تضبيب الصورة لخطوة أخرى تتعمق في الوعي تسمى "تبطين الإستئصال" ، ورغم الأسف الشديد من سطحية استخدام كلمة مناكفات من قبل السياسيين والمثقفين أفقدها المعنى والهدف الأصلي الذي يقوم به الطرفان.

تشويه الصورة في مجال فلسطيني آخر كمثال: 
حين يقول فريق السلطة أنه يصرف أكثر من نصف الموازنة على قطاع غزة، و فريق حماس يقول بأن السلطة تسرق موازنة غزة وتكسب من الضرائب المضافة على غزة أكثر مما تصرف عليها، وفي كليهما ضبابية أو تضبيب رغم تقديم الأرقام من الطرفين، فإن الصورة أصبحت لدى المواطن مشوهة وبها ضبابية ويتم البناء والمراكمة عليها بأمثلة في مجالات أخرى من المضببين، والأخطر هو أن يحدد الجمهور مواقفه حسب الصورة الضبابية المقصودة لا عن وعيه وإطلاعه، وإدراكه، و في الغالب الأعم تتشوه الصورة ولم تعد نقية أو صافية كما نقول بالعامية.

مثال آخر حماس وفريقها يقولون السطة في رام الله لا تزود غزة بالدواء والعقاقير والأجهزة الطبية اللازمة وهم يجرمون بحق المرضى، أما فريق رام الله فيقول حماس تسرق العقاقير والأجهزة والمستلزمات الطبية لمستشفياتها الخاصة وهم يجرمون بحق المرضى وفي كلتا الحالتين هي عملية تضبيب وبث الضبابية للبناء عليها كما ذكرنا في رحلة الإستئصال من قبل أحد الطرفين للآخر .. هذه أمثلة بسيطة وهناك الكثير الأعقد..


أما "تبطين الاستئصال"

فهو حالة من الوعي المركز جدا وهو أحد عناصر التمويه الدال على خطة يرسمها الفرد أو تخطط لها جماعة من الأفراد"، وهذه الجماعة قد تكون واحدة من إثنتين فقط، إما حزبا سياسيا، أو، عصابة إجرامية، ولا يخرج المعنى لغيرهما، ففي الأول أي الحزب، فمكنون العمل سياسي، ولبلوغ الهدف تحتاج جماعة الحزب للتمويه والخداع، وفي الثاني أي العصابة، فمكنون العمل إجرامي، ولممارسة القتل أو الخطف أو السرقة وهنا أيضا تحتاج العصابة للتمويه والخداع.

المفروض أن الجميع يشاهد أو أصبح لديه خبرة بأن الطرفين لا يريدان المصالحة لأنهما يبطنان الإستئصال، ولا شيء غير ذلك وهما وكثيرين من الشعب الفلسطيني يفهم ذلك فلا مجال لتواجد الحزبين في خارطة سياسية واحدة أو من المستحيل أن يوافق أحدهما على قيادة الآخر للشعب الفلسطيني، حيث قاما على نفس الهدف أصلا وتلقيا الدعم لتلك المهمة أي قيادة الحالة الفلسطينية ولكن بفارق التوقيت في زمن وحيثيات التشيؤ والعرابين.

يبدو أن إثني عشر عاما من تضبيب الصورة تكفي لتنطلق عملية الإستئصال المضمر ، وبعد أن فشل عباس وفتح والسلطة بعقوباتهم ومن قبل في إستئصال حماس في مهدها حين كانت أضعف سواء بطلب مخادع من الولايات المتحدة حين أجبر عباس أو تآمر مع الولايات المتحدة لجلب حماس للمشاركة في الانتخابات التشريعية لتصبح حماس أقوى لاستئصال فتح ومنظمة التحرير لاحقا والتربع على عرش فلسطين، أو كما رأينا مؤخرا مع ظهور الصفقة وقد تغيرت الأجندات أو جرى عليها التعديلات.

الآن الجميع أخذ وقته الأصلي والوقت الإضافي لإنهاء مباراة الكأس أو الظفر بالحكم والتمثيل بعد إستئصال الآخر ، فهل نحن في دقائق المباراة الأخيرة وهجمة مرتدة من حماس في الضفة الغربية؟؟

هناك فرز واضح للإستئصال في عمق الحزبين وإجماع شعبي فلسطيني أيضا للخلاص من مأزق الإزدواجية، وهناك إحتقان كبير في مدرجات المشجعين من الطرفين، وحتى المستقلين والجمهور البسيط يرغبون في إنتهاء المباراة أيا كانت النتيجة ..
دعونا نرى تطور اللحظات الأخيرة من المباراة فقد تحدث مفاجآت.