دائماً ما يُقلد الطفل والديه في كل ما يراه من تصرفات أو هوايات، ليبدأ بعد ذلك مشوار حياته وقد ترعرع على ما عايشه وأبصره لتنمو معه حتى الكبر، وتصبح إما هواية أو حرفة.
الشاب رعد صقر، البالغ من العمر 27 عاماً، اعتاد أنّ يتفقد شوارع مدينته لالتقاط ما بها من أخشاب، حيث استمر على هذا الحال منذ الصغر حتى أصبح شاباً في مقتبل العمر، وفي كل يوم يصل منزله محملاً بأشكالٍ مختلفة من الخشب.
وبدأ "صقر" منذ أنّ بلغ من العمر 10 أعوام، في جمع الأخشاب ووضعها بغرفة خصصها لنحت التحف الخشبية، مستخدماً بذلك معدات بسيطة كالـ"المقدح والمنشار"، حتى أصبحت غرفته ورشة لممارسة هوايته.
"صقر" المولود في العام 1991م في مدينة أبو ظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة، قال لمراسل وكالة "خبر": إنّ "والدته كانت تمارس هواية الرسم بين الحين والآخر، أثناء إقامة عائلته في أبو ظبي".
وبيّن أنّه منذ ذلك الحين اعتاد على تقليد والدته، إلى حين أنّ قرر والده العودة من مدينة أبو ظبي إلى مسقط رأسه في محافظة خانيونس جنوب قطاع غزّة.
وأشار إلى أنّه "أكمل دراسته في مدارس اللاجئين بغزّة، بعد العودة إلى أرض الوطن، واستمر في الداراسة حتى حصل على شهادة البكالوريوس عام 2014م، بتخصص الترجمة واللغات فرع اللغة الإنجليزية من جامعة غزة".
وأضاف لمراسل "خبر": أنّه بعد أنّ أنهى دراسته الجامعية، دون أنّ يتمكن من الحصول على فرصة عمل كغيره من أقرانه الخريجين، قرر أنّ يمتهن حرفة الجبس ودهان المنازل.
ولفت إلى أنّ الأوضاع الاقتصادية في القطاع ازدادت سوءًا بشكلٍ تدريجي، حتى تراجع الإقبال على البناء وتشطيب المباني، تزامناً مع ولادة زوجته وأصبح معيلاً لأسرة تضم بين أفرادها طفلته "ورد"، فالتجأ إلى استثمار موهبته بنحت الأخشاب وبيعها.
وأوضح أنّ الموهبة تحولت إلى مصدر لكسب الرزق والعمل بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية وقلة العمل بمهنة الجبس ودهان المنازل، مُشيراً إلى أنّه بدأ بالفعل في نحت الأخشاب وتحويلها إلى أشكال فنية.
وقال: إنّ من بين المنحوتات التي تصنعها يديه باستخدام معدات بسيطة، أشكال جمالية وفنية مثل "الأواني، وساعات الحائط، والرسم على جذوع الخشب، والميداليات"، لبيعها بأسعار تتراوح ما بين 5 إلى 50 شيقلاً.
الشاب "صقر" تحدى بهوايته صعوبة الأوضاع كغيره من الشباب في قطاع غزّة، وحوّل الموهبة إلى مصدر يعاش منه وأسرته، في ظل أوضاع اقتصادية تزداد سوءًا يوماً بعد يوم في القطاع المحاصر.