آمال ومخاوف الرئيس أبو مازن في 2019

التقاط.PNG
حجم الخط

 

استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمقر إقامته في القاهرة عددا من المفكرين والكتاب والصحفيين المهتمين بالشئون الإسرائيلية والفلسطينية لشرح الموقف الفلسطيني، وذلك قبل توجهه لنيويورك لرئاسة مجموعة (77 + الصين) خلفاً لمصر، حيث ركز أبومازن على أن القضية الفلسطينية تمر الآن بمرحلة تاريخية بالغة الصعوبة، وأن الإدارة الأمريكية بقراراتها المنحازة لإسرائيل المتمثلة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها، وإلغاء حقوق اللاجئين بقطع المساعدات عن وكالة الأونروا، وإغلاق مكاتب منظمة التحرير بدعوى تصنيفها من الكونغرس الأمريكي كمنظمة إرهابية، قد أخرجت نفسها كوسيط وحيد للعملية السياسية بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.

إضافة الى الإجراءات والسياسات الاستيطانية الإسرائيلية، والاعتداءات سواء على المسجد الأقصى المبارك، أو منطقة الخان الأحمر، التي مثلت صمود الفلسطينيين في مواجهة مخططات الاحتلال، مؤكدا حرص القيادة الفلسطينية على تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام على أساس تنفيذ اتفاق القاهرة في 17/10/2017، والذي ينص على تمكين حكومة الوفاق الوطني من أداء مهامها بشكل كامل في قطاع غزة، حيث استجاب الرئيس لطلب المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي الفلسطيني، واتخاذه قراراً بانسحاب السلطة الوطنية الفلسطينية والشئون المدنية من معبر رفح يوم 6/1/2019، إضافة إلى وقف العمل بإتفاق باريس الاقتصادي، وتهديده بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، مع التلويح بالتخلي عن اتفاق أوسلو نهائيا.

وقد ارتبطت مخاوف الرئيس الفلسطيني، بإدراكه لإنسداد الأفق السياسي لعملية السلام، وضعف الموقف العربي الداعم له، وانشغال القوى الدولية بقضايا داخلية وإقليمية أسهمت في إبعاد القضية الفلسطينية عن دائرة الضوء، الأمر الذي دفعني لسؤاله عن مدى اتساق قرارات التصعيد التي يعتزم اتخاذها مع معطيات الأوضاع السائدة داخليا وإقليميا ودوليا، ومدى تحقيقها للمصالح القومية الفلسطينية، حيث اتسمت إجابات سيادته بالطابع الدبلوماسي، ولذا سأناقش إجراءات الرئيس الفلسطيني من منظور الأمن القومي الفلسطيني والمصري والعربي، وأورد الحقائق التالية:

- إسقاط اتفاق أوسلو سيعني سقوط شرعية السلطة الفلسطينية، كما سيرتب تداعيات سلبية على علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحتى الأمم المتحدة، في حين يمثل فرصة لحكومة الليكود والأحزاب اليمينية التي كثيرا ما رفضته ونددت به، خاصة أنه سيعفي إسرائيل من حرج التنصل من الاتفاق، ومن ناحية أخرى سيصب داخليا في مصلحة حركة حماس والمنظمات الفلسطينية الرافضة لنهج التسوية السلمية للصراع مع إسرائيل.

- قرار وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، حال تنفيذه لن يصمد كثيرا، لقيامه على المناورات أكثر من اعتماده على رؤية استراتيجية، في ظل قيام حركة حماس بتنفيذ عمليات محدودة من داخل الضفة، وربما يدفع الوضع الأمني في الضفة نحو مزيد من التصعيد. - استمرار الضغوط الاقتصادية على قطاع غزة وحرمانه من الاستفادة من نحو 96 مليون دولار شهرياً للضغط على حماس لإجبارها على إنهاء الانقسام لن يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة، في ظل تدخل قطر وإيران وتركيا في القطاع، من خلال التمويل المادي لرواتب موظفي «حماس»، والذي يفتح المجال أمام استمرار محاولات بعض القوى الدولية لتمرير «فكرة غزة أولًا».

- استبعاد إجراء انتخابات للمجلس التشريعي خلال العام الحالي في ظل ترجيح رفض إسرائيل تنفيذها بالقدس الشرقية، وامتناع حركتي حماس والجهاد عن المشاركة بها أو تسهيل إجرائها بالقطاع، لاسيما مع استعداد القوى والأحزاب الاسرائيلية لخوض انتخابات إسرائيلية مبكرة في نيسان، وتوقع أن تكون الغلبة فيها لليمين الإسرائيلي.

- حرص مصر على مواصلة جهودها فى محاولة لإنجاز المصالحة الفلسطيني على أساس وثيقة المصالحة الموقعة في القاهرة عام 2011، ثم اتفاق أكتوبر عام 2017، مع العمل لتثبيت التهدئة بالقطاع للحيلولة دون انفجار الأوضاع في غزة، أوالترويج لفكرة دويلة غزة، بما يؤثر سلبا على الأمن القومي المصري، مع ربط فتح معبر رفح بشكل دائم بعودة السلطة الفلسطينية.

ولاشك أن استغلال الرئيس الفلسطيني لفترة الرئاسة الدورية لمجموعة الـــ 77 خلال عام 2019 سواء لإحياء القضية الفلسطينية على أساس استعادة الشعب الفلسطيني لكل حقوقه المشروعة والتاريخية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أو للمساعدة في التغلب على العقبات التي تواجهها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أملا في الوصول إلى معادلة جديدة تسمح باستئناف المفاوضات السياسية، ونقل قضيته العادلة للمجتمع الدولي، والضغط على جميع الأطراف باستخدام سلاح المقاومة السلمية بالتوازي مع التحرك السياسي على الساحة الإسرائيلية لتعزيز قدرة القوى المؤيدة للسلام، لصالح تحريك الرأي العام لممارسة ضغوطه على اليمين الإسرائيلي.

... عن "الأهرام" المصرية