الفرق بين كراكاس والقدس

22.PNG
حجم الخط

 

مسكين من يظن ان الأزمة في فنزويلا هي أزمة داخلية ، ومسكين المواطن العربي ، في أي من أقطاره الاثنين والعشرين ، والمرشحة للزيادة بين كل حقبة وأخرى ، حين يظن ان أزمة دولته ، هي أزمة داخلية .

وما يحدث في فنزويلا منذ فوز رئيسها الراحل هوغو شافيز قبل نحو عقدين من الزمن يؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك ان امريكا تتلاعب في هذه الدولة بعد أن شب قائدها على الطوق ، لكن تلاعب امريكا في القارة قديم ، منذ تسلم كاسترو السلطة في كوبا اواسط القرن الماضي .

مجيء ترامب ، جعل الامور تتكشف بوتائر أسرع ، وبأساليب اوضح ، فالتدخل في فنزويلا لا يتطلب الا "تغريدة تويتر" يستطيع ان يقرأها كل من يستطيع ان يفك الخط خلال دقائق ، بل يجعل كل متبصر حكيم ان يعيد النظر في الجرائم السابقة التي "سجلت ضد مجهول" ، ليكتشف بالقياس ان أصبع أمريكا كان خلفها ، بما فيها موت شافيز المفاجيء والمبكر .

هل صحيح أن اليمن تريد احتلال جيزان وعسير ؟ وهل صحيح ان السعودية والامارات ومصر تطمع في احتلالها؟ هل صحيح ان القذافي كان يضهد شعبه؟ وهل صحيح أن بشار الأسد جزار؟ وهل صحيح ان فلسطين لا تريد مقاومة من يحتلها ؟ وهل صحيح ان شعب جنوب السودان يريد الاستقلال عن الوطن الام؟ وهل صحيح ان اكراد العراق يريدون الانفصال وهم الذين تمتعوا بكل مقومات الحكم الذاتي في عهد الرئيس صدام حسين؟ وهل صحيح ان مصر ارادت توقيع اتفاقية سلام منفردة مع اسرائيل ؟ وشعبها حتى اليوم يرفض أي شكل من أشكال التطبيع؟

كل هذه الاسئلة وعشرات غيرها ، بما في ذلك الخطرين الشيوعي والشيعي ، جديرة بالبحث عن إجاباتها الحقيقية والصحيحة ، والتي بالضرورة تكتشف ان وراء كافة أزماتنا تقف بالباع والذراع امريكا ، التي اطلق عليها الراحل جورج حبش "رأس الحية" ، في حين أطلق عليها آية الله الخميني "الشيطان الأكبر" .

قبل سنة ، أقدم رئيسها العتيد دونالد ترامب ، على منح القدس كلها وبما تمثل للشعب الفلسطيني والامتين العربية والاسلامية ، عاصمة للكيان ، فهل القدس شأن امريكي لكي يمنحها لاسرائيل؟ وما الفرق بينها وبين عمان أو بيروت أو كراكاس لكي يمنحها لهذه الدولة أو تلك ، كما كان ينوي أن يمنح إدلب أو حلب لتركيا والجولان لإسرائيل؟! .

تبلغ مساحة فنزويلا حوالي عشرة أضعاف مساحة كوبا ، وعدد سكانها ثلاثة أضعاف سكان كوبا ، لكن خيراتها النفطية أكثر بما لا يقاس . ان الذي جعل كوبا تصمد وتقف شوكة في حلق امريكا ستين سنة ، قادر ان يجعل فنزويلا تصمد مئة سنة ، في حين يجعل وطننا العربي بما يمثل من مساحة كبيرة تمتد على مدى قارتين ، وعدد سكان بمئات الملايين ، وثروات هائلة ، مطية أمريكا أمد الدهر!! .