بقلم: سميح خلف

احذروا من قطار الموت القادم

سميح خلف
حجم الخط

لم تستطع آلة الاحتلال الصهيونية وبكل ما أعدت من برامج الغزو العسكري والثقافي والاجتماعي، بل والاقتصادي أن تثني الشعب الفلسطيني عن تمسكه بإرادة الحق وإرادة الثورة وإرادة المطالبة بهذا الحق المسلوب ، واستخدم شعبنا في ذلك كل الوسائل الممكنة l.

وبكل المحاولات المدعومة دوليا بقيادة أمريكا لم تزد هذا الشعب الا إصرارا ومقاومة في صد كل المؤامرات والغزوات والإحتلالات المتقطعة والدائمة لأجزاء أرضنا الفلسطينية في الضفة وغزة.

ولقد تحدثنا في السابق وقبل الشروع في عملية الانتخابات والدمقرطة الأمريكية حيث كانت الانتخابات مطلبا أمريكيا أولا، وثانيا وثالثا صهيونيا ، حذرنا من هذا الفخ المنصوب لحركة النضال الوطني الفلسطيني بما يحتوي هذا الفخ بكلمة حق يراد بها باطل ، ودليل على أن هذا البطال اتضحت معالمه من نتائج الدمقرطة التي أقيمت في فلسطين والتي تغنى بها الجميع في بادئ الأمر ، إلا أن القضية تختلف عن ذلك ، فالدمقرطة الأمريكية تريد أن تعزز وتقوي قوى التشرذم المختلفة في الساحة الفلسطينية وتحول الصراع من فلسطيني إسرائيلي أو عربي إسرائيلي إلى فلسطيني فلسطيني ممول بقوى إقليمية ، هذا ما أرادت له أمريكا وإسرائيل في حين أن المنطق والعقل إذا أحتكم إليه أن الشعب الفلسطيني في حالة احتلال ، وليس هناك من النضوج لأي عمل ديمقراطي مؤسساتي دائم وبوضوح أن البنية التحتية التي بنتها السلطة في السابق دمرتها أدوات الاحتلال ومازالت تدمرها ، فكيف يكون عملا ديمقراطيا على مؤسسات مهتكة مصابة بأوجه وأمراض الفساد المختلفة في حين أن هذه الظواهر أدت إلى تراجع المساندة الدولية لعملية النضال الوطني الفلسطيني والمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني ، إذا عملية الانتخابات برمتها لم يكن لها من الوقت والتوقيت والنضوج من تطبيقها على الساحة الفلسطينية خاصة ، ناهيك عن التجربة الديمقراطية على المستوى الإقليمي التي لم تؤدي أغراضها في أكثر من دولة عربية ، بل المطلوب منها أيضا هو استكمل سيناريو المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية برمتها ، حيث تصاب بجميع الأمراض العصبوية والتشرذمية ، ليتسنى لأمريكا وإسرائيل عمليا من تنفيذ المشروع الصهيوني المتطور ، إقامة إسرائيل الكبرى ونفوذها على كانتونات عربية مجزءة ومريضة .

هذه المعادلة التي نوهنا عنها ولا مستمع ولا مجيب بل أن من يهمهم الأمر متمادين في الممارسات التي أوصلت الشعب الفلسطيني على محطة قطار الموت ، قطار الحرب الأهلية المدمرة ، تلك النتائج التي بنيت على مظاهر الفساد المنظم الذي مازال يعبث في شؤوننا الوطنية ، والفلتان السياسي أيضا بل التهاون السياسي وكلمات الحق التي يراد بها باطل أيضا .

فالشعب الفلسطيني ليس أسير أدوات التشرذم الذين يرتدون ملابس التاريخ ويفعلون عكسه ليلا نهارا سواء في حركة فتح في الضفة ورئيسها ولجنتها المركزية أو حماس ، ناهيك عن الحملة الإعلامية الشرسة التي تقودها جماعات في الفصيلين وتتجه مآربها نحو الصدام المحقق بين قوى الشعب ، هذا الشعب الذي عجزت إسرائيل مرة أخرى عن تدمير إرادته ووحدته ، ولقد حذرنا وحذر كثير من الكتاب عن مدى خطورة الشحن الإعلامي التي مارسها هؤلاء ، والتي إنحدرت من مستنقع التخريب للواقع الفلسطيني ، فإذا تمحصنا المطالب الوطنية الفلسطينية تدعو الجميع للتكاثف والتعاضد من أجل مواجهة المخططات الصهيونية وآخرها ما يفكر به نتنياهو وما هو بصدد تنفيذه بعد زيارته لواشنطن من تنفيذ خطط لاغتيال الضفة ارضا وشعبا وفرض معادلة الغذاء مقابل الهدوء في غزة وتدمير حُلم الكيانية الوطنية الفلسطينية المنشودة .

لقد بدأت الحلقة الثالثة في المؤامرة والتي كانت تخطط لها إسرائيل ، عملائها يعيثون في الأرض فسادا في الضفة الى مستنقات تجنيد العملاء في غزة ، ولقد طالبنا بفتح تلك الملفات أكثر من مرة ، ولكن يبدو أن القوى الوطنية عاجزة عن مواجهة هذه الظاهرة المستفحلة والتي يصعب علاجها بناء على الإمكانيات المطروحة وكما ان الاصرار والسير قدما نحو انتخابات تشريعية بعد قرار ورغبات الرئيس عباس بحل المجلس التشريعي وتغيير حكومي يقال انه فصائلي ،عباس يجرنا من عقدة تليها عقدة والان عقدة الانتخابات التي يمكن ان يتم اجراءها فقط في مدن الضفة بلا غزة والقدس وهناك تكريس انفصال غزة وتوثيق للقدس الموحدة لاسرائيل والتي تعني تكريسا لروابط مدن وتقاسم وظيفي عبر سلطة هشة بين اسرائيل والاردن وهنا نهاية حلم دولة موحدة جغرافيا وسياسيا وثقافيا بين غزة والضفة،قبل ايام معدودة كانت الدبابات الاسرائيلية تتجول في محيط منزل ابو مازن وعبثت في مقر الوكالة الرسمية للسلطة واليوم يتباحثون عن تشكيل حكومة جديدة فصائلية والسؤال هنا ما هي مهام تلك الحكومة الفصائلية ..... من اجل تحرير فلسطين ..؟؟ وهي الذريعة التي انطلقت من اجلها ..؟؟!! الانتخابات..؟؟؟!! كيف وعلى اي ارض ولمن السيادة الان ..... اكذوبة وخدع تمرر وتدجين وعملاء ياخذون الارض باعا وطولا والفقير ازداد فقرا والعميل يتمخطر بسيارة ما رسيدس اقل تعديل ووطن منهوب لفئة 1% .

ومن هنا إنني أناشد الجميع الاحتكام للعقل الوطني وعدم الانجرار لكل دعاة التشرذم والتدمير في الساحة الفلسطينية ، ومن هم يهمهم الفتنة في الساحة أيضا ، فمطالبنا الوطنية لا تقبل للتأويل وليست السلطة غايتنا بقدر ما هي غايتنا دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية ، وعنئذ يرفع الشعار القائل ،والذي رفعته حركة فتح في 68 أمام التناقض الفصائلي في ذاك الوقت (" الأرض للسواعد التي تحررها ") شعار واضح يدعو إلى وحدة الصف الفلسطيني في مرحلة التحرير ، ونحن لم نحرر بعد فيجب لقاء كل البنادق نحو مواجهة العدو الصهيوني ونحو ملاحقة الفاسدين والعملاء ودعاة التشرذم ، وعلى الشعب الفلسطيني أن يقطع الطريق أمام كل تلك المحاولات و لتخرج المسيرات في كل أجزاء الوطن في غزة والضفة لتتوه أصوات المشترذمين أمام صرخة الجماهير ومطالبها بالحرية والانعتاق من الظلم والاحتلال ورفض مبدأ التناحر على السلطة ، تلك التي هي مهددة بالإنهيار نتيجة فعل العابثين وقوى التآمر الإقليمي والدولي . الدم الفلسطيني محجوز لمواجهة إسرائيل وعملائها وليس دفاعا عن دائرة المصالح لهذا الطرف أو ذاك ، ولذلك ونكرر ندعو الشعب الفلسطيني أن يخرج بمظاهرات ملتزمة وإضرابات في شوارع غزة والضفة والرافع من قدرات مسيرة العودة وفك الحصار ورفض كل محاولات التدجين .. المرحلة الثالثة من التآمر على الشعب الفلسطيني يجب أن توقف ، فلا يمكن أن تمر مخططات نتنياهو ترامب في ظل الانقسام الفلسطيني وتدمير حركة فتح وتدمير شعائرها وادبياتها وبنيتها الداخلية ، بل يجب على الشعب الفلسطيني أن يتحد بقواه المختلفة فتح الموحدة على قاعدة الاصلاح والمراجعات لمسيرة وتجربة، و لمواجهة هذا المخطط المرعب.