على طريق الحكومة الجديدة

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

ظلّ السيناريو متوقعاً بأن توضع كل العقبات الممكنة أمام أيّ توجه لتشكيل حكومة جديدة تتولى مسؤولياتها كاملة الفصائل والقوى السياسية دون مواربة، فيتفتق ذهن أحدهم «على قاعدة أنه مستقل وحيادي!!!» أن خيارات منظمة التحرير محدودة جداً وستجد نفسها تعود إلى حيث كانت، ويتفتق ذهن آخر بشكل يعبّر عن تفكير غرفة عمليات، ويصر أنه غير متصل مع أيّ كان «هل بقي هناك فصائل وقوى»، وهناك من ينفخ في الكير ليخرج باستنتاج أن الأمور تظل على حالها ولا داعي للخروج منها.
وعندما يعتلي هؤلاء المنابر يتحدثون عن حكومة توافق وطني، والانتخابات، وعندما تجري انتخابات بلديات وغرف تجارية ومجالس طلبة يحجمون، حتى أنهم لا يدلون بدلوهم في شأن بلدية مدينتهم أو قريتهم، ويصرون أن يعقبوا ويحولوا الانتخابات إلى حالة دراسية وتحليل، ولا يروها ضمن مسار ديمقراطي متكامل ستقود حتماً إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ويطرحون تحليلاً أن الإحجام عن المشاركة نتيجة لانعدام الثقة ولكنهم يعفون أنفسهم من أنهم مشمولون بانعدام الثقة وأنهم جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل.
ومن يضعون العصا في دواليب تشكيل حكومة جديدة جزء منهم ظلّ لسنوات يركّز على قضايا الانتخابات والديمقراطية وضرورة تنظيمها، وفجأة نجدهم يقفون مشدوهين أمام مشهد انتخابات الغرف التجارية حيث فازت معظم الغرف بالتزكية وبصمت، وما جرى من انتخابات نجد أن جزءاً يسيراً من أعضاء الهيئة العامة يمتلكون حق الاقتراع.
فور البدء بالإعلان عن تشكيل حكومة جديدة، بدأت فوراً عملية التدخلات والواسطات لتقليل العزائم باتجاه أحقية فلسطين بحكومة جديدة تتجاوب مع تطورات الوضع الراهن ومهام المرحلة.
وتتوسع الدائرة في تعطيل الحكومة القادمة بهدف واحد هو إظهار حركة «فتح» والفصائل عاجزة عن حسم أمرها في تشكيل حكومة جديدة، وكأن التكنوقراط هم الخيار الأمثل لوطن تحت الاحتلال.
والمحزن في الموضوع بمجمله أن أحداً من هؤلاء الذين يطلون علينا بثوب أكاديمي وبلباس إطار للتفكير، وتارة الحرص على حال البلد ومرة بالحرص على الشعب الفلسطيني في أصقاع الأرض، إلا أنهم لم يظهروا في التضامن مع الحراك ضد الضمان الاجتماعي، لم يحركوا ساكناً في تفعيل وتعزيز مكانة الغرف التجارية باعتبار أن الانتخابات فيها نافذة مهمة للتأثير على الأقل، لم ينتصروا للناس في موجات الغلاء، ولا في دعم المنتجات الفلسطينية ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ولكنهم ذهبوا صوب المماحكة أن الفصائل مجتمعة لن تستطيع إخراج الشارع حول قضية بعينها.
شخصيا أرى أن الحكومة الفصائلية القادمة لا محالة يجب أن تكون استناداً لاتفاق القاهرة ٢٠١٧ بمشاركة كل الفصائل بهدف إنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات، وهنا أقول: إن أي تصريح بخصوص «اللي بلحق بلحق» لا يعتد به حتى لو كان من مسؤول قيادي ولست بصدد الترقيع من ورائه بل ما أريده هو أنني أقدر وأحترم كل فلسطيني ولا أرضى بالتقليل من شأن كائن من كان.
من حق المواطن أن يرى فرقاً في الحكومة القادمة على ألا يعاد تدوير ذات الوزراء تارة بحجة الحرص على الجغرافيا وحجم العشيرة أو تكريم آخرين لظرف ما. ومع حل المجلس التشريعي سينخفض منسوب الرقابة البرلمانية وبالتالي تظل لدينا الرقابة الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، ولكنها لاقت سابقاً عدم استماع والمطلوب من الحكومة القادمة أن تستمع لهذه الجهات وألا ترفض أي انتقاد من أجل التطوير وتحسين الأداء