حاخاما إسرائيل الرئيسيان: سقوط في اختبار أخلاقي

اسرائيليات
حجم الخط

الحاخامية الرئيسية اقامها الحاخام ابراهام اسحق هكوهن كوك، والذي تتمسك الصهيونية الدينية بكتاباته وكأنها كتب مقدسة. ومنذ وقت مضى سقطت هذه المؤسسة في ايدي الاصوليين، ولكن في نظر معتمري القبعات الدينية المحبوكة – ولاسيما في نظر ايديولوجيي حركة الاستيطان – فانه لا يزال يرمز الى المعنى المسيحاني ومعجزة الدولة اليهودية.
في الاسبوع الماضي اختبر الوزن الديني والاخلاقي للحاخامين الرئيسيين. ففي بيان بارز نشر في الصحافة ذكر الشرقي والاشكنازي بان التوراة تمنع العنف تجاه كل من خلق في صورة الرب. وبالطبع ليست هذه هي الحقيقة: ففي ظروف معينة تأمر التوراة بقتل الكافرين بها. مهما يكن من أمر، لم يشرح الرجلان لماذا خرجا عن طوريهما، وعليه فان النص جميل لكل زمن ومناسب لكل جريمة عنف، من القول منفلت العقال وحتى سلسلة اعمال القتل في العالم السفلي.
غير ان الجرائم التي بسببها هرعا ليست من نوع أعمال العنف التي تبتلع في اليوم وتنسى في الغداة. فهي جرائم ذات طابع مميز وقعت في هذا الوقت لسبب معروف: اصولية دينية وقومية متطرفة ظلماء تنتشر في داخلنا كما تنتشر النار في حقل من الهشيم. والحاخامان الرئيسيان لا يتجرآن على الاشارة الى الجذور العميقة لهذه الجرائم ويقولان بالفم المليء بانها مغروسة في دوائر تتماثل، تتأثر بفكر حاخامين معروفين ومصابين بحمى مسيحانية تفعل بنا العجائب.
لقد ضرب الفكر الاصولي نموذجا له في بحث اجري الاسبوع الماضي في احدى المدارس الدينية. فالمشاركون، وبينهم بنتسي غوفشتاين، زعيم عصبة المشاغبين الذين يحملون اسم "لهفاه"، فكروا بتمعن اذا كان ينبغي احراق الكنائس في البلاد المقدسة. واوصى غوفشتاين وحظي بالتصفيق. حاخام آخر، عارض، تلقى هتافات التحقير واتهم بانه واشٍ بعد أن لاحظ الجمهور بانه ينشر مضمون البحث من خلال هاتفه الخلوي.
وفي الغداة أوضح مشعل النار بان ليس الافراد هم من يؤمرون بالاحراق، بل الدولة. فتصوروا بحثا معمقا يجريه مفكرون اوروبيون تحت عنوان "جوانب حيوية وسلبية في ليل البلور". في ضوء هذه الظواهر، أي قيمة هناك للبيان المزايد اخلاقيا والذي نشره الحاخامان الرئيسيان؟
البروفيسور جرشوم شالوم، من آباء حكمة اسرائيل في زماننا، وصف في مقال واحد من هو التلميذ الحكيم الجدير باسمه وغايته: "هو ايضا محلل، عليه أن يحرص على ان تكون الاقوال عملية، ان يكون ممكنا التصرف بموجبها هنا والآن، وان يقرر صيغة متفقا عليها يمكن لها أن تنتقل الى الاجيال القادمة". لو تجرأ الحاخامان الرئيسيان على العمل بالطريقة التي اقترحها شالوم، لقالا ان اللوطية ليست خطيئة، إذ ان الوعد الذي اعطي لابراهيم لا يسمح لنا بالتنكيل باغيار البلاد وان الكنيسة المسيحية هي مقدسة للرب تماما مثل الكنيس.
لا يمكن مكافحة الخوف من المثلية دون الاعتراف بان اللوطية هي احد الاشكال الكثيرة للتعبير عن جنسية الانسان. لا ينبغي تصنيفها كانحراف مريض او التعاطي مع الميالين اليها بتعال وشفقة. لا ينبغي الحرمان من الحقوق للناس الذين ينجذبون الى ابناء جنسهم وضمن ذلك لا ينبغي اقصاؤهم عن كامل الحقوق التي تنطوي عليها اقامة عائلة. مشكوك أن يكون بيننا حاخامون ارثوذكسيون يمكنهم ان يقولوا ذلك لانفسهم، أو علنا – فما بالك ان يقولوه. هم لا يمكنهم أن يقولوا ان الاحتمال بان يكون النبي الياهو صعد بعصف الى السماء وتلميذه اليشع بث الحياة في ولد ميت، مثل الاحتمال في أن يكون يسوع نزل عن الصليب أو سار على مياه بحيرة طبريا في مكان قريب من المكان الذي اقيمت عليه الكنيسة التي احرقت.
وملاحظة عن جملة النهاية: البيان ينهيه الحاخامان الرئيسيان "بالصلاة لوحدة الشعب". خير لو انهما اسبقا صلاتهما بتصريح بأنه من اجل وحدة الشعب يفضل ان يكون هناك حاخام رئيس واحد. بالطبع لا معنى للحديث عن امكانية أن يوصيا بالغاء الحاخامية الرئيسية الرسمية. المؤسسة التي صفر تأثيرها الروحي يتجسد في البيان نفسه.
ستستخدم ضده ايضا وضد باقي "اليسار غير المتطرف"، وسيكون هذا نداء لنهوض متأخر.

عن "يديعوت احرونوت"