بالأمس تماهت الخطوط الحمراء التي رسمت حد حقوق ابناء شعبنا في لقمة عيشه مع كل الخطوط الباهتة، حيث تساقطت دمعات الرجال قهراً من قطع رواتبهم، فأثقال الحياة تفرض نفسها ولن تتقبل اي اعذار من هؤلاء المقهورين، فالديون المتراكمة ومتطلبات الحياة والاسرة التي لا غنى عنها ذهبت ادراج الرياح ، دون شفقة بالجوعى او المرضى او اصحاب الحاجة.
ما اقسى ظلم بني القربى، حين تضع نفسك جندياً لخدمة وطنك وشعبك وسلطتك التي اعتمدت عليك في تثبيت عضدها وتصليب قوامها، وفي لحظة خوارها وترنحها نحو المجهول ، تذهب بك في غياهب الحقد والطرد والاقصاء والتعذيب، حينها تتوارى خيوط الامل وينحسر التفكير حول اسئلة كبيرة، لماذا قوبل اخلاصي لوطني بقطع الراتب؟ لماذا قوبل انتمائي بإقصائي؟ ما ذنب اطفالي؟ الى اين يريدونني ان اذهب؟ اين مستقبلي ومستقبل ابنائي؟ الى اين يأخذنا السائسون؟، وغيرها من الاسئلة التي تجعل من العقل فضاء لا حدود له.
وفي خضم ثورة التناقضات الحاصلة يتوجب علينا ان ندرك ان ما تقوم به السلطة ليس مجرد عقوبات او ممارسة لحالة الانتقام من حركة حماس بعد سيطرتها على قطاع غزة، وانما الواضح بان ما تقوم به السلطة ما هي الا اجراءات تأتي ضمن مشروع متكامل يهدف النيل من وحدة شعبنا جغرافيا وسياسيا وحتى اجتماعياً، فقطع رواتب الموظفين من ابناء قطاع غزة هو جزء من مخطط له ما بعده ، حيث المطلوب ان تحدث ردات فعل تجاه السلطة او من يمثلها بقطاع غزة، وذلك تمهيداً لدخول غزة الى مرحلة اللا توازن واللا أمن، وان تختلط الاوراق حتى تكون القلة والحاجة لدى البعض سبباً لارتكاب الجرائم او السرقات او غير ذلك من الاحداث التي توجد الفعل الحقيقي على الارض بما يعزز حالة الانقسام الحالية وصولا الى حالة من الانفصال ، المطلوب ان يكره اهل غزة السلطة بكل اركانها، المطلوب ان يسكن الحقد في قلوب اهل غزة على اخوانهم في الضفة الغربية، المطلوب عدم التوافق بين غزة والضفة الغربية في اي عملية انتخابية قادمة، المطلوب اجراء انتخابات اقصائية تقتصر على الضفة الغربية دون قطاع غزة والقدس الشرقية، المطلوب اعادة تشكيل اللجنة الادارية في قطاع غزة او اي جسم حاكم يوازيها ليحل محل السلطة في ادارة المؤسسات العامة بقطاع غزة، المطلوب ان تتبنى حركة حماس وقد يكون معها عدد من الفصائل اجراء انتخابات في قطاع غزة ليصار الى وجود حكومتين واحدة في الضفة الغربية وواحدة في قطاع غزة. بذلك يكون المشروع الوطني الفلسطيني قد فت عضده وتشتت اركانه، امام ذلك يفترض ان تعمم باقي اجزاء المخطط المرسوم لانهاء القضية الفلسطينية والتي من المفترض ان يقبل به الفلسطينيون باي ثمن وباي صورة، خلاصاً من الواقع الاليم الذي يعيشوه خاصة في قطاع غزة، والذي من الممكن ان تحقق المنظومة الدولية والاقليمية كل التسهيلات الازمة، ولا يجب ان ننسى ان كل ذلك يصب في مصلحة امن الاحتلال.