دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء إلى دعم فكرة المؤتمر الدولي لرعاية عملية السلام والمشاركة فيه، وكذلك في إرسال مراقبين للانتخابات العامة التي ستجرى قريبًا في فلسطين.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها أمام القمة العادية الـ32 للاتحاد الأفريقي والمنعقدة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، اليوم الأحد.
وحذر الرئيس عباس من محاولات "إسرائيل" تغيير طابع وهوية مدينة القدس، وفي دعوتها لبعض الدول لنقل سفاراتها إليها، الأمر الذي يخالف القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن، وتحديدا قرار 478 لعام 1980.
وأكد أن من يشجع "إسرائيل" على التصرف كدولة فوق القانون الدولي هي الإدارة الأميركية، التي لم تعد مؤهلة لرعاية المفاوضات وحدها، لأنها أثبتت تحيزها للإسرائيليين.
طالع نص كلمة الرئيس عباس كما وصلت وكالة "خبر"..
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس بول كاغامي،
أصحاب الفخامة والمعالي، رؤساء الوفود،
دولة الأخ آبي أحمد، رئيس وزراء أثيوبيا
معالي الأخ موسى فقي،
الحضور الكريم،
يسعدني أن ألتقي بكم مجددا، شاكرا لكم دعوتكم الكريمة لحضور هذه القمة، التي نتمنى لها النجاح لتحقيق أهدافها. وأقدم الشكر والتهنئة لفخامة الرئيس بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا على نجاح مهمته في رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام 2018، وعلى ما تحقق من إنجازات هامة خلال فترة ولايته؛
متمنين للرئاسة المصرية القادمة، ولفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي التوفيق في ولايته للعام 2019، ونحن على ثقة من نجاحه وحكمته في قيادة الاتحاد الأفريقي نحو مزيد من التنمية والازدهار.
وكذلك نقدم التهنئة الى جميع رؤساء الدول الأفريقية الصديقة الذين تم انتخابهم خلال عام 2018 متمنيا لهم النجاح في خدمة بلدانهم.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أعبر عن الشكر الجزيل لاثيوبيا الصديقة على دورها في مجلس الأمن خلال العامين الماضيين، والشكر موصول لغينيا الاستوائية والكوت دفوار على مواقفهما التضامنية، ونهنئ جنوب أفريقيا على انضمامها لمجلس الأمن لهذا العام، ونحن على ثقة من الدور الإيجابي الذي ستلعبه دعما للقضية الفلسطينية وجميع قضايا الحق والعدل في أفريقيا والعالم.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
إننا نشيد بتسارع إنجازات الدول الأفريقية، برفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحقيق الرفاه الاجتماعي لشعوبكم، وتمكين المرأة والشباب، إلى جانب جهودكم في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وتركيز الجهود لتطوير البنى التحتية والنهوض العمراني في دول القارة.
وإننا نراقب بكل سرور التحولات الديمقراطية، وتسارع وتيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان القارة الأفريقية، وسيادة أسلوب الحوار على النزاع والخصام، والانتقال السلمي والسلس للسلطة.
وفي هذا الصدد نتقدم بأحر التهاني والتبريكات لفخامة الرئيسة الأثيوبية السيدة سهلة ورق زودي لمناسبة توليها رئاسة الجمهورية، ولدولة رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد الذي يقود، ومن خلال الحوار وبالشراكة مع الجميع، حركة إصلاحات شاملة تشمل جميع القطاعات، ومنها تمكين المرأة في الحياة السياسية، الأمر الذي ينبئ بمستقبل واعد ومشرق لاثيوبيا وشعبها الصديق.
ولا يغيب عنا هنا الإشادة بالتجربة الرواندية في تمكين المرأة، حيث تستحوذ المرأة على أكثر من نصف مقاعد البرلمان الرواندي، وتشارك بنسبة فاعلة في القطاع الاقتصادي وعالم الأعمال.
كما نثمن عاليا ما تحقق مؤخرا من إنهاء للخلاف الاثيوبي- الأريتيري من خلال منهج المبادرة والحوار والتسامح، وكذلك الإنجاز الهام لاتفاق السلام في دولة جنوب السودان.
وبهذه المناسبة فإننا نرفض وندين كل أشكال الإرهاب والتطرف باسم الدين الذي يستهدف بعض العواصم الأفريقية، كالذي وقع في العاصمة الكينية، نيروبي، الشهر الماضي. ونحن على استعداد دائم للتعاون مع دولكم الصديقة في مكافحة كل أشكال الإرهاب والتطرف، من خلال نقل الخبرة والتعاون الفعال والمباشر.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
نود أن نؤكد لكم عزم دولة فلسطين تقديم كل إمكاناتها وخبراتها ليس فقط على الصعيد الثنائي، بل بصفتها رئيسا لمجموعة الـ77 والصين التي تضم 134 دولة ومنها دول اتحادكم العتيد. وإننا سنعمل خلال فترة رئاستنا لهذه المجموعة للدفاع عن مصالح أعضائها، وعلى رأسهم الدول الأفريقية، وبقية المجموعات الإقليمية أو القطاعية والجغرافية وفق أجندة عملنا لعام 2019.
كما سنعمل في إطار التضامن والشراكة والعمل مع دول الجنوب والشمال، وفي إطار التعاون الثلاثي على تطبيق خطة وبرامج التنمية المستدامة لعام 2030، وهي البرامج التي تنسجم مع أولويات المجموعة الأفريقية، وعلى رأسها القضاء على الفقر والأمراض، وحق الوصول للمياه، وضمان جودة التعليم والصحة، والمساواة بين الجنسين، وزيادة مناعة المجتمعات، والتصدي لتغير المناخ، ونشر إنتاج الطاقة المستدامة؛ وكذلك التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد والتنمية، خاصة تلك المتعلقة باللاجئين، والمهاجرين، والنازحين، والمشردين تعسفا، باعتبار ان البشر هم أساس التنمية ومحورها، ضمن شعار التضامن من أجل التنمية.
السيد الرئيس، السيدات والسادة رؤساء الوفود،
أود أن أجدد التقدير لاتحادكم ودوله الأعضاء على مواقفكم الداعمة والمتضامنة مع قضيتنا العادلة، وبخاصة في المحافل الدولية.
فلقد كانت دول أفريقيا واتحادها العتيد -وما زالت- نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة، ونحن في نضالنا اليوم من أجل التحرر والاستقلال، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم، والمزيد من الدعم لقضيتنا الفلسطينية في الفترة المقبلة من أجل الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والحماية الدولية لشعبنا، ونبذ الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وإدانة سياساته وممارساته العنصرية الاستعمارية، وإرهاب المستوطنين والاقتحامات للأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية، خاصة ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات يومية، وكنيسة القيامة في القدس من تهديد مستمر.
وهي الممارسات التي تمنعنا من تحقيق استقلالنا، بالرغم من أننا نعمل على بناء مؤسساتنا وفق سيادة القانون، وننشر ثقافة السلام ونحارب الإرهاب في منطقتنا والعالم، ونؤمن بالسلام وفق قرارات الشرعية الدولية، ووفق حل الدولتين، دولة فلسطين ذات السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل لتعيشا في أمن وسلام وحسن جوار.
وإن من يشجع إسرائيل على التصرف كدولة فوق القانون الدولي هي الإدارة الأمريكية التي لم تعد مؤهلة لرعاية المفاوضات وحدها، بعد ان أثبتت انحيازها للاسرائيليين، وبعد الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها بحقنا، بنقل سفارتها واعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع مساعداتها عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، والتزاما منا بالمفاوضات سبيلا وحيدا للسلام بيننا وبين الإسرائيليين، ومع الانحياز الأميركي الكامل لجهة دولة الاحتلال، على حساب حقوقنا المشروعة، فإننا ندعو لعقد مؤتمر دولي وتشكيل آلية متعددة الأطراف لرعاية أية مفاوضات مستقبلية.
وهنا أود أن أؤكد رفضنا لأي تدخل أميركي في شؤون أي دولة، كما يحدث الآن في فنزويلا.
وفي هذا الصدد، فإننا ندعو الاتحاد الأفريقي ودوله الأعضاء بأن يدعموا فكرة المؤتمر الدولي ويشاركوا فيه لرعاية عملية السلام. وكذلك في إرسال مراقبين للانتخابات العامة التي نعمل على تنظيمها قريبا في فلسطين، وبمشاركة شعبنا في مدينة القدس الشرقية عاصمة دولتنا الفلسطينية أولا ثم في قطاع غزة ثم في الضفة الغربية، تلك العاصمة التي نريدها أن تكون مفتوحة أمام جميع المؤمنين، وأتباع الديانات السماوية.
وإننا نعود ونحذر من محاولات إسرائيل تغيير طابع وهوية مدينة القدس، وفي دعوتها لبعض الدول لنقل سفاراتها إليها، وهو الأمر الذي يخالف القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن، وتحديدا قرار 478 لعام 1980.
السيد الرئيس، السيدات والسادة،
إننا نعتز بعمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تربط فلسطين وشعبها بأفريقيا وشعوبها، وإن مواجهة الاستعمار والعنصرية والظلم والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، هي قضايا مشتركة بين فلسطين وبين شعوب القارة الأفريقية، ونحن نعول على ثباتكم على مواقفكم النبيلة تجاه قضية فلسطين، ودفاعكم عن تلك القيم والمبادئ، وبخاصة في ظل تعرض القضية الفلسطينية لمؤامرات تهدف للقفز عن حقوق شعبنا وتصفية قضيته العادلة.
وفي الختام، أشكركم على مواقفكم الصادقة والمخلصة لتمكين شعبنا من نيل حريته واستقلاله على ترابه الوطني، راجين لأفريقيا الصديقة ودولها وشعوبها كافة، وللاتحاد الأفريقي تحقيق المزيد من الرخاء والتقدم والازدهار.
فافريقيا القوية، هي قوة لكل أصدقائها،
عاشت افريقيا، وعاشت فلسطين.
والسلام عليكم