بقلم: نضال خضرة
استمرت أوروبا أعواما طويلة معتمدة على معتقدات الكنيسة كدستور لايدع مجالاً للشك، ولايمكن تجاوزه، لكنها في نهاية المطاف استسلمت عندما اصطدمت تلك المعتقدات والأفكار مع نظرية المعرفة والحداثة، ورفعت الراية البيضاء، كما أقرت لاحقا أن مجمل هذه المعتقدات والأفكار كانت خاطئة، وتحتاج لترميم وإعادة صياغة من أجل مواجهة الحداثة والتطور والتنوير .
كذلك نهضت القارة العجوز بعد أن حيدت المؤسسة الدينية عن الحكم وأقرت ان افكار ارسطوا لا تصلح ، وقامت بإعادة إنتاج المعرفة والحداثة خصوصا بعد تراجع الدور الديني، حيث اصطدمت تلك المؤسسة مع الحداثة والتنوير فقامت بتجريمها وتكفيرها. لذا نهضت أوروبا بالعلمانية.
ورغم أن هذه كانت فرصة للحركات القومية في الشرق، خصوصا بعد سقوط الخلافة وتراجع الدور الديني بالعموم إلا أن المشروع القومي فشل في مواجهة الحداثة والتنوير وتحديداً في مواجهة الحرية والديمقراطية، مما ساهم بنشوء حركات وجماعات اسلامية متطرفة اعتقدت أنها الأقدر على قيادة الأمة.
والمؤلم أن الحركات الاسلامية لم تستخلص العبر ولم تتوافق مع مشروع الحداثة والتنوير الذي اعتبره يشكل بعبا، وواجهت نفس المشكلة التي واجهها المشروع القومي ، رغم أنه كان لديهم فرصة لمراجعة ما تركه ابن خلدون وابن رشد ومحمد عبدو وجمال الدين الأفغاني وَعَبَد الرحمن الكواكبي ومالك بن نبي،، والكثيرين الذين سبقوا القارة العجوز في مشروع الحداثة والتنوير مثل ديكارت ويليام جيمس وأخرون من الذين أعادوا إنتاج نظرية المعرفة.
ولم يستمعوا لهذه الافكار التي تعارضت مع البنية الفكرية للعقل الديني الرافض للحداثة والتنوير،، لذا لن تتقدم الحركات الاسلامية إلا إذا توافقت مع الحداثة والتنوير لاسيما في الحرية والديمقراطية.