أطل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، على أنصاره في ذكرى ما يطلق عليه الحزب "النصر الإلهي"، في إشارة إلى انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز/ يوليو 2006.
وألقى نصر الله خطابه أمام آلاف من أنصاره الذين احتشدوا في منطقة وادي الحجير، الذي شهد معركة شرسة بين مقاتلي الحزب، وقوات الاحتلال الإسرائيلي إبان العدوان على لبنان، الذي انتهى في مثل هذا اليوم. وهاجم نصر الله السعودية في خطابه، واتهمها بأنها جزء من مخطط أمريكي إسرائيلي لتقسيم المنطقة، كما قارن نصر الله بين العملية العسكرية في اليمن والعدوانين الإسرائيليين على لبنان وغزة. من جهة أخرى، أكد نصر الله تمسكه بالزعيم المسيحي ميشال عون مرشحا للرئاسة في لبنان، وقال إن مفتاح أي حل في لبنان يمر عبر عون.
وبدأ نصر الله كلمته بتقديم التعازي "لشعبنا في العراق على ما يحل به، خصوصا بعد المجزرة التي ارتكبتها داعش في مدينة الصدر، في ظل هذه المعركة الطويلة مع هذا التهديد الطويل الذي يتهدد شعوبنا ومنطقتنا"، حسب تعبيره.
وكعادته، تطرق نصر الله في خطابه إلى عدة عناوين، لخصها بثلاثة، "الأول عنوان المقاومة لكل احتلال، والثاني عنوان رفض مشاريع التقسيم في المنطقة، والثالث عنوان الوحدة الوطنية، ومنه إلى آخر التطورات السياسية الأخيرة في لبنان".
واستعرض نصر الله في بداية خطابه محطات حرب تموز/ يوليو، معتبرا أن "المجاهدين قاتلوا حتى آخر رمق في حرب تموز 2006، ولا زالوا يقاتلون ويصنعون النصر والمعجزات في المعارك كلها"، وفق قوله.
وكان لافتا في حديث نصر الله مقارنته ما حصل في العدوانين الإسرائيليين على لبنان وغزة؛ بما يجري في اليمن، قائلا: "هناك تسليم إسرائيلي بأن سلاح الجو لم يعد قادرا على حسم المعركة، كما الحرب في غزة واليمن ولبنان، وأكدت أن النار والدمار والقتل والمجازر لا يلحق الهزيمة بالناس إذا كانت لهم الرغبة بالصمود والمقاومة والإيمان"، حسب تعبيره.
مشاريع التقسيم
وبعد الإنتهاء من حديثه عن حرب تموز، انتقل نصر الله للملفات الإقليمية، حيث جدد التحذير مما سماها "التقسيمات الجديدة، التي ستدخل المنطقة في حروب أهلية وعرقية طويلة لن يكون نتاجها إلا الدمار والخراب والتهجير".
وأضاف نصر الله: "اليوم علينا أن نرفض تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، وهذا ما تعمل عليه أمريكا وإسرائيل وبعض القوى الإقليمية من حيث تعلم أو لا تعلم، وفي مقدمتها السعودية"، داعيا إلى "موقف حاسم، وإذا سمح هذا الجيل بالتقسيم نحن جميعا سنحمل أمام الله كل الآثار والتبعات على كل الأجيال القادمة".
وقال إن المشروع الأمريكي الحقيقي هو تقسيم المنطقة، من العراق إلى سوريا، وحتى السعودية، لأن هذا يخدم واشنطن وإسرائيل، ويجب أن ننتبه لهذا الخدع الأمريكي"، كما قال.
استخدام "داعش"
واعتبر أن "أمريكا اليوم تستخدم داعش (تنظيم الدولة) من أجل تقسيم المنطقة، من حيث تعلم داعش أو لا تعلم"، مذكرا أنه "منذ ما يقارب السنة قلت أن أمريكا تريد إستغلال داعش من أجل تقسيم المنطقة وإعادة رسم خرائط جديدة".
واتهم نصر الله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالنفاق فيما يتعلق بمحاربة تنظيم الدولة، وقال: المعارضة السورية المعتدلة لا تستطيع محاربة داعش، كيري ينافق في الحديث عن هذا الأمر، وهذه الخديعة تحصل في أكثر من بلد"، حسب تعبيره.
وأضاف: "مما قيل للعراقيين غيروا حكومتكم ندعمكم لتهزموا داعش، وبعد تغيير الحكومة لأسباب عديدة، هل حصلوا على الدعم أم كانت داعش تتقدم إلا في المناطق حيث القوات المقاتلة الحقيقة؟". وفي اليمن، وفق نصر الله: "يقولون (الأمريكيون) نحن نقاتل الإرهاب ويتحالفون مع القاعدة وداعش، أمريكا وحلفاؤها في المنطقة يوظفون الإرهاب لخدمة مشاريعهم"، مجددا "إدانتا واستنكارنا لهذه الإستباحة الوحشية والإنسانية التي تؤسس لاستباحات أوسع من قبل إسرائيل في منطقتنا"، حسب قوله.
عون خط أحمر
وفيما يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني، أسهب نصر الله في حديثه عن الشراكة مع حليفه المسيحي الأبرز ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر، في رسالة تطمين بعد الحضور الضعيف للتيار العوني في تحركه الأخير وسط بيروت.
كما جدد نصر الله في حديثه تمسك حزبه بعون مرشحا للرئاسة، وقال: "العماد ميشال عون ممر إلزامي لانتخابات الرئاسة، ونحن ملتزمون بهذا الموقف"، محذرا مما قال إنها "محاولات البعض كسر أو عزل التيار الوطني الحر أو العماد عون".
وأضاف: "نحن في لبنان لا نقبل أن يكسر أي من حلفائنا أو يعزل أي من حلفائنا. وأقول للجميع هذا الموضوع كما هو موضوع سياسي هو موضوع أخلاقي يستحق التضحيات"، حسب قوله.
وفي رسالة لخصومه بشأن أي استحقاق سياسي، قال نصر الله: "لكي تكون الحكومة منتجة ممرها الإلزامي ميشال عون، وإذا حدا مفكر ممكن يدير البلد من دون مكونات أساسية في البلد هو واهم"، حسب تعبيره.
وختم نصر الله حديثه بتوجه الدعوة للقيادات المسيحية في لبنان "بأن تعيد موقفها والنظر بإعادة فتح المجلس النيابي لإعادة العمل ومعالجة قضايا اللبنانيين وفتح الأبواب للوصول إلى حل الأزمات الأخرى"، حسب قول نصر الله.