يبدو أن المباحثات الأخيرة لإنهاء الحرب الأهلية الدامية في جنوب السودان فشلت، حتى قبل أن تبدأ، رغم الضغوط الدولية الكبيرة، وتحذيرات الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
فقد أعلنت حكومة جنوب السودان الجمعة انسحابها من محادثات السلام، الهادفة إلى إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 20 شهرا، بسبب انقسام في صفوف المتمردين، على الرغم من التهديدات الدولية بفرض عقوبات على جوبا.
وأعلن المسؤول البارز في الحكومة لويس لوبونغ، عقب اجتماع الرئيس سلفا كير مع حكام الولايات العشر في البلاد: "قررنا تعليق محادثات السلام حتى ينهي الفصيلان المتمردان خلافاتهما".
ومطلع الأسبوع، أعلن زعماء حرب متمردون، بينهم زعيم الحرب بيتر قاديت الذي طالته مطلع تموز/ يوليو عقوبات دولية، انشقاقه عن التمرد بقيادة نائب الرئيس السابق، رياك مشار، الذي يقاتل منذ كانون الأول/ ديسمبر 2013 قوات الرئيس سلفا كير.
وقال لوبونغ لتبرير هذه الخطوة: "لسنا حتى متأكدين من المكلف التفاوض (عن التمرد) إذا كان ريك مشار أو بيتر قاديت. يجب أن ننتظر لمعرفة من هو محاورنا".
أما الوفد الحكومي في أديس أبابا فلم يعلن بوضوح الجمعة ما إذا كان سيواصل المحادثات.
وفي إطار الضغوط الدبلوماسية، أعربت مصادر مطلعة عدة على المحادثات الجمعة، أنها لا تزال تأمل التوصل إلى اتفاق.
واندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان في كانون الأول/ ديسمبر 2013، في العاصمة جوبا، عندما اتهم كير من الدينكا نائبه السابق رياك مشار من النوير بالتخطيط لانقلاب.
وأوقعت أعمال العنف مذاك عشرات آلاف القتلى مع فظاعات بحق المدنيين، وأدت إلى نزوح أكثر من مليوني شخص في بلد فقير جدا.
وهذه المفاوضات التي تنظم في فنادق فخمة في أديس أبابا، تتناقض مع المعاناة التي يعيشها 12 مليون شخص في جنوب السودان.
وفي نيروبي بكينيا يتجول العديد من هؤلاء المسؤولين في سيارات رباعية وساعات ذهبية في تناقض تام مع الحرمان الذي يعيشه شعبهم.
وقال الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية، بروق مسفين: "منذ أربعة أشهر نهددهم بعقوبات.. ألا تعتقدون أنه كان لديهم الوقت الكافي للاستعداد وإخفاء أموالهم؟".
وأضاف: "لم ألتق أي زعيم من جنوب السوادن كان لديه رؤيا لبلاده على الأجل الطويل. كان منحهم الاستقلال سابقا لأوانه. ليسوا مستعدين لحكم هذا البلد الشاسع النامي، وهم عاجزون عن إرساء السلام".