إعتبر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إنه هناك صفر احتمال لحل الدولتين، في أكثر تصريحاته ظلامية بخصوص الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني والركود في العملية السياسية والمفاوضات والتي خصص لها جهودا كثيرة في فترته الرئاسية، بل وأكثر من ذلك بعد رئاسته.
وقال كارتر في مقابلة إن "هذه هي أسوأ الطروحات للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين منذ سنين" مضيفا إنه لا يعتقد أنه لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي نية بالتقدم نحو الهدف المنشود، وهو دفع الجهود الدولية منذ عقود، بإقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب إسرائيل. وأكد أنه بعد انهيار جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للوساطة في المفاوضات التي تمت العام المنصرم "انسحبت الولايات المتحدة من حل المشكلة".
وقال كارتر الذي ترأس الولايات المتحدة بين الأعوام 1977 و 1981 خلال مأدبة عشاء بمناسبة إصدار كتابه الجديد "حياة كاملة: تأملات بالـ90"، إنه لا تزال هناك مشاكل عالقة في الصراع الحالي، مفصلا ما كان قد قاله في كتابه السابق عام 2006 "فلسطين: سلام وليس فصل عنصري"، حيث أكد أن استمرار احتلال الأراضي الفلسطينيين هو أحد أكبر العقبات بوجه تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مؤكدا أنه بالرغم من ذلك المقارنة بين جنوب إفريقيا وفلسطين صعبة. وأكد كارتر أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يؤمن اليوم ولم يؤمن أبدا بحق بحل الدولتين اسرائيل وفلسطين".
وقال إن حكومة نتنياهو قررت بسرعة تبني حل الدولة الواحدة، مؤكدا أنها اختارت مواصلة احتلال الضفة الغربية "ولكن دون منحهم (أي الفلسطينيين) أي حقوق عادلة". واعتبر كارتر مطالبة بعد المواطنين الفلسطينيين بالحصول على حق التصويت ضمن "الدولة الواحدة" هو أمر طبيعي في ظل استنتاجه بأن حل الدولتين قد مات ولم يعد قابلا للتطبيق رغم أنه لا يزال الهدف الدولي المفضل. وأكد "لن يحصلوا أبدا على حقوق متساوية"، مؤكدا أنه كان يتمنى أن يحصلوا على المزيد من الحقوق المتساوية.
وعندما سُئل عن مسألة توجه إسرائيل نحو دولة أبارتهايد (فصل عنصري) قال كارتر "أتحفظ عن استخدام هذه الكلمة في مقال إخباري"، لكنه أقر بأن العرب والفلسطينيين سيصبحون أكثرية سكانية من حيث العدد مستقبلا في الأراضي التي تحتلها إسرائيل (يشمل الضفة الغربية والقدس والجولان). مضيفا "إما أن يحصل الفلسطينيون على الأكثرية في الحكومة" وهذا أمر لن تسمح به النخبة اليهودية الحاكمة ولا دولة إسرائيل "أو ان تمنع عنهم المساواة في الحقوق".
ولعب كارتر دورا بارزا في التوصل الى اتفاق السلام بين مصر واسرائيل، والذي يعرف كمعاهدة كامب دافيد بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغين. وهذا الاتفاق يعتبر من أبرز المعالم في ولايته الرئاسية.
وفي الكتاب الـ29 الذي يصدر لكارتر يصف حياته في صباه، وخدمته العسكرية في سلاح البحرية الأمريكي وحياته الزوجية وكذلك عودته للعمل كمزارع للفستق في مزرعة والده بولاية جورجيا، قبل أن يدخل مجال السياسة ويصبح حاكما لولاية جورجيا المحافظة، ويهزم جيرالد فورد لاحقا في الانتخابات الرئاسية ليصبح رئيسا للولايات المتحدة لولاية واحدة فقط، وبعدها خسر عام 1981 للرئيس رونالد ريغان. كما يتحدث في الكتاب الجديد عن صراعاته وخلافاته مع الكونغرس الأمريكي الذي كان بسيطرة الديمقراطيين. ومن بين قراراته المثيرة للجدل والتي يتحدث عنها منعه تقديم الكحول في البيت الأبيض.
كما يتطرق كارتر في الكتاب الذي يمكن اعتباره نوع من السيرة الذاتية الى مسألة الثورة الإسلامية في إيران والانقلاب على نظام الشاه، وقيام الإسلاميين في إيران باتخاذ الموظفين في السفارة الأمريكية بإيران رهائن وإطلاق سراحهم بعد ساعات فقط من مغادرته البيت الأبيض في ما اعتبر إهانة شخصية له كرئيس للولايات المتحدة.
ولكن مذ ذاك الحين عمل كارتر عبر مؤسسته مركز كارتر للسلام جاهدا لأجل دفع حقوق الإنسان ودفع العملية السلمية في الشرق الأوسط على وجه الخصوص، ولذلك حصل عام 2002 على جائزة نوبل للسلام.
ويأمل كارتر بخصوص الاتفاق النووي مع إيران، إنه سيعمل على تقويد برنامجها النووي، واصفا إياه بأنه "ممتاز" وأنه "أفضل ما يمكننا فعله والبديل للصراع مع ايران"، معبرا عن ثقته الكاملة بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري وأن الديمقراطيين سيدعمون هذا الاتفاق في الكونغرس، مؤكدا أن حتى الجمهوريين لن يشكلوا عقبة أمام هذا الاتفاق.
كما عبر عن أمله بأن تتحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية. مشددا أن الاتفاق يمنع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، حيث أنه لدى إسرائيل "على الأقل بين 150 -200 قنبلة ذرية" وهو الرقم الذي كان قد كشف عنه لأول مرة في أيار/ مايو 2008، منوها الى أن السعودية أيضا قد تسعى للحصول على أسلحة ذرية في حال نجحت إيران بتطوير قنبلة ذرية أولى.
ويرى الرئيس الأمريكي الأسبق أن قوة الولايات المتحدة تبقى على ما هي ثابتة ولكن روسيا والصين تعززان قوتهما وتزيدان تأثيرهما في الأمم المتحدة والاقتصاد العالمي.
وبما يخص الانتخابات الرئاسية الأمريكية أكد كارتر أنه في عهده لم يتلق تبرعات بتاتا، بينما اليوم لأجل الترشح لمنصب حاكم أو سيناتور أو حتى الرئيس يحتاج المرشح تجدنيد بين 200 و 300 مليون دولار من أشخاص أو شركات، والتي تطالب لاحقا بمردود ما. وشدد على أن قرار المحكمة العليا بالسماح بتلقي تبرعات من أفراد وشركات "إحدى أكبر اخطاءها".
وبالطبع انتقد كارتر اجتياح العراق وأفغانستان عام 2003 و 2001، مؤكدا أن اجتياح العراق "كان خطأ واضحا، خطأ فظيعا"، وتابع "فقد دمّر العراق كبلد وفتحها أمام التأثير الايراني". اما بخصوص أفغانستان أكد أنه مستمر منذ 13 عاما رغم كونه أقل إثارة للجدل لكنه دون شك يستنفذ الطاقات العسكرية الأمريكية ويكلف خزينة الدولة غاليا.
وأكد كارتر أنه يعتبر الرئيس باراك أوباما ناجحا بدرجات متفاوتة، بخصوص إيران والإصلاحات ببرنامج التأمين الصحي، ولكن دون شك أنجح مشاريعه كان المصالحة مع كوبا، مؤكدا دعمه الكامل لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، الأمر الذي حاول كارتر إنجازه عندما كان في البيت الأبيض.