الانزلاق إلى حرب واسعة.. المقامرة التي يخشاها نتنياهو!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

فيما أكدت التطورات الأخيرة، بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، إثر إطلاق الصاروخين على مدينة تل أبيب، أن إمكانية تدحرج التصعيد إلى حرب واسعة، باتت واردة في أي لحظة لا تتم السيطرة على الأوضاع المتوترة، أكدت في ذات الوقت، أكثر من أي وقت مضى، أن كلا الطرفين غير معني بمثل هذه الحرب، على الأقل في الوقت الراهن، ففي الوقت الذي عاش فيه سكان القطاع حالة من الترقُّب والتوتر والخوف، ليلة الخميس الجمعة الماضية، من نشوب حرب واسعة، حاول كل من الطرفين، التملص من إمكانية التصعيد إلى حرب واسعة من خلال تبادل مسوغات من شأنها تحقيق حدة التوتر، الأمر الذي أدى إلى تراجع واضح في إمكانية التدحرج إلى حرب واسعة، وأمكن للجانب الأمني المصري، تأمين العودة إلى ما قبل هذا التوتر واحتواء تداعياته الخطيرة.
ففي الوقت الذي أكدت فيه «حماس»، وبشهادة الوفد الأمني المصري، أن الصواريخ أطلقت بالخطأ، بعدما كانت قد أعلنت أنها ستلاحق مطلقيها، تبنّى الجيش الإسرائيلي هذا التأكيد، بعدما كان قد طالب حركة حماس بتحمل مسؤولية الحادث، وهكذا أظهر كلا الطرفين حرصاً واضحاً بعدم الانزلاق إلى حرب شاملة، يحاول نتنياهو عدم المقامرة بشنها باعتبارها مقامرة غير مضمونة النتائج، ما قد لا تودي فقط بفرص فوزه بالانتخابات القادمة، بل وربما بمستقبله السياسي، في الوقت الذي يريد أن يرسل رسالة للداخل الإسرائيلي، أنه «سيد آمن» والقادر على ردع حركة حماس، وبين الحالتين شعرة من السهل قطعها، خاصة وأن منطقة «غلاف غزة» باتت إحدى نقاط المنافسة في الحلبة الانتخابية. أما بالنسبة لحركة حماس، فإنها ومن خلال مسيرات العودة، تعتقد أن بإمكانها، في ظل خشية حكومة نتنياهو من تدهور الأوضاع والتدحرج إلى حرب لا تريدها، قد تحصل على تسهيلات إسرائيلية، تخفف من حدة الأزمات المالية والاقتصادية في قطاع غزة.
قبل أن يصل الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة ظهيرة الخميس الماضي، سرّبت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه يحمل ردوداً سلبية على مطالب حركة حماس، 30 مليون دولار شهرياً عبر المموّل القطري وتوسيع منطقة الصيد إلى 15 ميلاً على الأقل، وإصدار، وعلى الفور، خمسة آلاف تصريح لتجّار غزة وإقامة مناطق صناعية بالقرب من معبر بيت حانون، فيما يتوجب على الجانب المصري فتح معبر رفح بشكل مستمر وزيادة عدد المسافرين من القطاع، مطالب قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنها تتضمن عشرة بنود، هذه المطالب، ومرة أخرى حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، كان بالإمكان الموافقة عليها من قبل الجانب الإسرائيلي، إلاّ أن إدارة نتنياهو، وبعد أن تسربت هذه «الشروط» إلى وسائل الإعلام، فإن الاستجابة لها من قبل حكومة نتنياهو، من شأنها أن تزيد من حمّى الاتهامات لها من قبل المنافسين على خلفية الحملة الانتخابية، باعتبار أن ذلك يعتبر استسلاماً لابتزاز حركة حماس، خاصة وأن هذه البنود العشرة، لم تتضمن أي حديث عن الأسرى والمفقودين الإسرائيليين لدى حركة حماس.
كل ذلك حدث قبل ساعات من إطلاق الصاروخين، الأمر الذي أمكن معه تفسير هذا الإطلاق، برفض شروط ومطالب حركة حماس، وتبين في الساعات التالية للتصعيد أن الأمر يتعلق بفقدان السيطرة فحسب، ما مكن الجهود الأمنية المصرية من احتواء التصعيد، في الوقت الذي أبلغ فيه مئير بن شبات رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمقرب من نتنياهو، المبعوث الدولي نيكولاي ملادينوف والوفد الأمني المصري أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد، وهكذا أمطرت إسرائيل القطاع بوابل من قذائف الطائرات طالت مئات المواقع، دون أن تحدث أي ضحايا من الشهداء، رد مدروس لاحتواء إمكانيات التصعيد، ولا يوفر للمنافسين الحزبيين في إسرائيل، التشكيك بقدرة حكومة نتنياهو، على الرد على مصادر التصعيد، كل ذلك في سياق الحملة الانتخابية، ما يجعل التدحرج إلى حرب واسعة بعد الانتخابات إمكانية أكثر من محتملة!