أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" على أن الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، تواصل انتهاكاتها بحق المشاركين بالحراك السلمي في قطاع غزة "بدنا نعيش"، والذي انطلق الخميس الماضي رفضًا لغلاء الأسعار وفرض الضرائب.
وقالت الهيئة في بيان صحفي تلقت وكالة "خبر" مساء اليوم الاثنين نسخة عنه إنها: "تتابع وتوثق وترصد تداعيات الحراك السلمي في قطاع غزة "بدنا نعيش"، الذي بدأت فعالياته بتاريخ 14/3/2019 ولا زالت متواصلة في مختلف محافظات القطاع، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وأنها توثق الانتهاكات التي تقوم بها حماس في قطاع غزة لفض التجمعات، عبر استخدام القوة المفرطة دون مراعاة للمعايير والضوابط القانونية التي تنظم الحق في ممارسة التجمع السلمي، ودور الأجهزة الأمنية في حمايتها".
وأردفت: "أنها وثقت منذ بدء الحراك جملةً من الانتهاكات طالت العديد من الحقوق والحريات جراء عمليات الفض بالقوة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، وطالت الحق في الحرية والأمن الشخصي (الاحتجازات التعسفية)، إضافة إلى الاعتداء على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان".
وتابعت: "اعتدت عناصر كبيرة يتجاوز عددها سبعين عنصراً في بعض التجمعات بالزي المدني، والزي الشُرطي الأزرق والأزرق المموج، المدججين بالسلاح والهراوات والعصي وكان منهم ملثمين، تساندهم عناصر مدنية محسوبة على حماس، والعديد منهم كان يحمل السلاح، واستخدموا في قمعهم للتجمعات القوة وإطلاق الرصاص لإرهابهم وتفريقهم، وغاز الفلفل، ما أدى لوقوع إصابات مختلفة للمعتدى عليهم وكسور في الأطراف والأرجل، وسجلت إصابة لأحد المتظاهرين في رفح بعيار ناري في الساق، ولم تفصح الجهات الصحية عن أية معلومات تتعلق بما وصل إلى المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، ولا عن المصابين نتيجة تلك الاعتداءات، كما لم يتسنّ للهيئة الحصول على معلومات موثقة رسمياً بهذا الشأن".
وشددت على أن أبرز أنماط الانتهاكات منذ تاريخ 14/3/2019 وحتى تاريخ 17/3/201، الاستخدام المفرط للقوة في فض التجمعات التي تجاوز عددها 25 تجمعاً خلال الأيام الماضية في مختلف محافظات قطاع غزة، والاعتداء على المشاركين فيها.
وتحدث البيان عن: "احتجاز مئات المواطنين سواء من المشاركين في التجمعات أثناء فض التجمعات أو من خلال ملاحقات سابقة أو لاحقة للمظاهرات عبر مداهمة منازل المواطنين واحتجاز العديد منهم على خلفية المشاركة فيها، واحتجزت حماس المئات، ووفقاً لمعلومات الهيئة زاد عددهم عن 1000 مواطن على خلفية علاقتهم بالحراك، بشكل ينتهك الحق في المشاركة بالتجمعات السلمية والحماية من الاحتجاز التعسفي، كما رافق تلك الانتهاكات أثناء دخول ومداهمة المنازل، ترويع قاطنيها من النساء والأطفال وكبار السن، وكسر الأبواب وتكسير محتويات المنزل من الأثاث والعبث فيها، ومصادرة الهواتف المحمولة المستخدمة في تصوير ما يحدث من قمع وفض للتجمعات واعتداء على المتظاهرين".
وأوضح البيان أن: "المحتجزين المدنيين الذين يتم توقيفهم ونقلهم لمركز احتجاز الشرطة العسكرية يتم توقيفهم، وتمديد توقيفهم بناءً على قرارات صادرة منها، وبلغ عدد من عرضوا على الأقل وفق معلومات الهيئة أكثر من 200 محتجزاً في مخالفة قانونية لمعايير المحاكمة العادلة وحق التقاضي.
ولفت إلى أن "المحتجزين منهم من قضى مدة احتجاز لساعات، ومنهم ما زال معتقلا حتى لحظة اصدار هذا البيان. وبعض من يتم توقيفه ينقل إلى أماكن احتجاز غير معلنة كمركز احتجاز وتوقيف، بما يشكل انتهاكاً للمعايير القانونية التي تحدد أماكن الاحتجاز المعلن عنها من قبل وزارة الداخلية، وعلمت الهيئة أن عدداً من المحتجزين تم اقتيادهم إلى مركز يتبع الشرطة العسكرية يقع في شمال قطاع غزة ويقدر عدد المحتجزين المتبقين فيه حسب تقدير الهيئة أكثر من 300 معتقل من جميع المحافظات".
ونوهت الهيئة في بيانها، إلى أنها "طالبت بزيارة المحتجزين كان آخرها صباح هذا اليوم، إلا أنها لم تتلق رداً من الجهات المختصة، ولم تتمكن من زيارتهم حتى اللحظة".
وذكر البيان: "وفي تطور غير مسبوق امتدت انتهاكات حماس لتطال المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يتمتعون بحماية قانونية خاصة تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لتمكينهم من ممارسة عملهم، وتعرض نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامي جميل سرحان، ومنسق التحقيقات في الهيئة المحامي بكر التركماني للضرب المبرح، ما استدعى نقلهم للمستشفى، إضافة إلى توقيف واحتجاز والتحقيق مع 5 باحثين ميدانيين من مراكز ومؤسسات حقوقية (المركز الفلسطيني والميزان والضمير)".
وأكدت الهيئة، على أن "ما تم رصده يعد مخالفة واضحة لمعايير الاحتجاز والتوقيف المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001، وتحديداً المواد (21)، و(29) التي تحدد جهات الضبط القضائي، والمعايير الواجب توافرها أثناء الاحتجاز والتوقيف. إضافة إلى نصوص قانون الإجراءات الجزائية التي تحدد المعايير القانونية لإجراءات الاحتجاز والقبض والتوقيف وتحديد الجهات المختصة بذلك".
وأردف البيان: "أن ذلك يشكل انتهاكاً لنصوص القانون الأساسي، خاصة المواد (11، 12، 13، 17، 26/5)، والمادة (2،4/ه) من قانون رقم (95) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير للمواطنين، والمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي كفلت الحق في حرية الرأي والتعبير، والمادة (2) من قانون رقم (12) لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة الذي لا يشترط الحصول على ترخيص لتنظيم الاجتماعات العامة، والمادة (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي كفلت الحق في التجمع السلمي".
وأكد البيان، ضرورة تعامل "حماس في قطاع غزة مع مطالب المحتجين من منظور حقوقي قانوني، ينأى بهم عن المناكفات السياسية والمعالجات الأمنية، بما يضمن تعزيز لغة الحوار ونبذ خطاب الكراهية وتقبل الآخر، صوناً للسلم الأهلي وعدم انتهاك الحقوق والحريات في قطاع غزة".
ودعت الجهات الصحية إلى "القيام بالدور القانوني المناط بها، والإفصاح عن معلومات المصابين الذين تلقوا الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، إثر إصاباتهم نتيجة فض التجمعات السلمية بالقوة ونشر البيانات المتعلقة. ومنح المصابين تقارير طبية توثيق حالتهم الصحية، وتمكين الهيئة من القيام بدورها القانوني المناط بها، باعتبارها المؤسسة الوطنية المختصة بالرقابة على أوضاع حقوق الانسان، بما فيها تمكينها من زيارة المحتجزين على خلفية الحراك السلمي".
كما دعت الهيئة إلى" تمكين الصحفيين من ممارسة عملهم بحرية، والتزام الأجهزة الامنية بالضوابط القانونية في متابعة العمل الصحفي، والتوقف عن ممارسة أي تهديد أو ترهيب من شأنه تقويض حقهم في حرية العمل الصحفي، وتمكين المدافعين عن حقوق الإنسان من مهامهم في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية، وفي مقدمها إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وضرورة تشكيل لجنة وطنية حقوقية مستقلة للتحقيق بجمل الاحداث والانتهاكات التي وقعت خلالها وتقديم التوصيات بمحاسبة ومساءلة كل من اعطى تعليمات بالاعتداء على المواطنين".