يصادف اليوم الجمعة مرور "15" عامًا على اغتيال مؤسس حركة "حماس" الشيخ الشهيد أحمد ياسين.
وكانت طائرات الاحتلال قد اغتالت الشيخ ياسين، فجر الـ 22 مارس 2004، بعد خروجه من صلاة الفجر، في مسجد "المجمع الإسلامي" بحي الصبرة، في مدينة غزة القريب من منزله، حيث استشهد برفقة تسعة من المصلين.
وارتبط اسم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة "حماس"، منذ ستينيات القرن الماضي بالمقاومة والتحريض عليها، في كل مواقفه وأفكاره، ليصبح "الأب الروحي" لفكرة مقاومة الاحتلال؛ حتى قبل أن يُمارسها تنظيمه واقعًا على الأرض قبل بدء العقد الثامن من القرن الماضي.
ولعب منذ أن لمع نجمه في ستينيات القرن الماضي، دورًا كبيرًا في نشر ثقافة المقاومة قولًا وعملًا، وحرص على التحريض عليها، على الرغم من كونه مقعدًا إلا أنه كان دائمًا يحث الشباب ويحفزهم على مقاومة الاحتلال، ويدعمهم ماديًا ومعنويًا لتحقيق هذا الهدف.
كما أن عظمة التضحيات الذي قدمها الشيخ من اعتقال وملاحقة ومحاولات الاغتيال، ورغم ما يعانيه من أمراض وضعف وشلل كامل، جعلت منه رمزًا وطنيًا وإسلاميًا وعربيًا ملهمًا، وباتت رمزيته محط تأثير لدى الشباب، فأراد شارون القضاء على هذه الرمزية باغتيال الشيخ ياسين.
بعد ظهور دور حركة حماس جليًا في تصدر أعمال المقاومة المسلحة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، وعملها الدؤوب على تطوير أساليب المقاومة؛ أدرك الاحتلال الإسرائيلي خطورة الحركة الشديدة على أمنه، فحاول جاهدًا القضاء عليها عبر اغتيال رموزها، وعلى رأسهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين.
لم يكن الشيخ ياسين مجرد زعيم روحي للحركة، بل كان قائدًا حقيقيًا حتى لحظة استشهاده، وكان حاضرًا في ميادين العمل الدعوي والتنظيمي والجهادي وغيرها من الميادين على مدار الساعة، ويتابع أدق التفاصيل وأصغرها.
كما أن التركيبة التي عززها الشيخ عبر الجمع بين العمل الدعوي والجهادي وربطهما ببعضهما بعضًا أرست آثارًا على العقيدة القتالية لمجاهدي القسام بما تعجز كل منظومات الردع الإسرائيلية عن منعه من تنفيذ عملياته المقاومة.
وبدا أن نشاط الشيخ وقدرته على التأثير في المواطنين أزعج الاحتلال، فأمر عام 1982م باعتقاله، ووُجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة الأسلحة، والتحريض على إزالة الكيان "الإسرائيلي"، ليصدر عليه حكم بالسجن مدة 13 عامًا.
ولكن الاحتلال أطلق سراحه عام 1985، في إطار عملية تبادل الأسرى بين الاحتلال والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد أن أمضى 11 شهرًا في السجن.
اتفق الشيخ عام 1987، مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي في القطاع على تكوين تنظيم إسلامي لمقاومة الاحتلال وتحرير فلسطين أُطلق عليه اسم "حركة المقاومة الإسلامية"، وعرفت فيما بعد اختصارًا باسم حركة "حماس".
وبعدها أصبح الشيخ الأب الروحي للحركة والانتفاضة، وتكفل الشيخ منذ بداية الحركة بمهام متابعة الجهاز العسكري للحركة منذ بدايته في عام 1987م، وترسخ دوره في حشد الهمم، وتأكيد ضرورة مواصلة المقاومة لتحرير فلسطين.
ويقول الشيخ أحمد ياسين، "إنّ حماس حركة تحررية، تريد تحرير الأرض والإنسان، وإزالة الاحتلال عن أرضنا ومقدساتنا، وإقامة دولة فلسطينية تتبنى المفاهيم الإسلامية؛ ومستقبلها واعد".
وفي 16 أكتوبر 1991م، أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكمًا بسجنه مدى الحياة إضافة إلى "15" عامًا أخرى، وجاء في لائحة الاتهام أن هذه التهم بسبب التحريض على اختطاف وقتل الجنود، وتأسيس حركة حماس وجهازيها العسكري والأمني.
إلا أنه أُفرج عن الشيخ في عملية تبادل في الأول من أكتوبر 1997م، بين المملكة الأردنية والكيان "الإسرائيلي" في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل.
وفي عام 1998 بعد الإفراج عنه، بدأ الشيخ وللمرة الأولى جولة عربية التقى خلالها عددًا من رؤساء تلك الدول، وسط استقبال شعبي كبير.
ومع إصرار الشيخ على نهج المقاومة، الذي يتعارض مع نهج السلطة الفلسطينية، فُرضت على الشيخ الإقامة الجبرية مرتين، ورغم ذلك حافظ الشيخ على الخطاب الوحدوي الضامن لوحدة الشعب الفلسطيني.
وأما عن محاولات اغتياله، فقد تعرض الشيخ أحمد ياسين في 6 سبتمبر/أيلول 2003 لمحاولة اغتيال حين استهدفت مروحيات الاحتلال شقة في غزّة كان يتواجد فيها الشيخ أصيب خلالها بجروح طفيفة.
وختم الشيخ سجل حياته المكللة بالجهاد والمقاومة شهيدًا بعد أدائه صلاة الفجر في 22 مارس عام 2004م، ليرسم نهجًا أحيى به نضالات الشعب الفلسطيني، ويرسخ مبدأ "الحياة مقاومة".