أصبح حلم تحرير فلسطين في ملفات الزمن وسقط خيار الكفاح المسلح و فكرته و تراجعت المقاومة لتدافع عن نفسها وعن حدود تواجدها فقط و اصبحت كل المناخات التي حول المقاومة تدفعها لمواقف المقايضة ما بين نظرية المفاوضات بتشابكاتها و نظريات التهدئة المتكررة بوسطاء مصريين و دوليين و قطريين ، اما المشروع الاخر و هو مشروع الكفاح المسلح السابق فقد انتهى بوجود النقاط العشر في عام 74 و اصبحت هناك تحولات في سلوك منظمة التحرير و انتهجت خط المفاوضات و الاعتراف بها ممثلة وحيد للشعب الفلسطيني ، و اصبحت فكرة الكفاح المسلح اغنية او نشيد او نوع من الذكريات مع بقايا التمسك بذيول الكفاح المسلح الى مناخات الخروج من بيروت الى المنافي ، فلم تعد الفكرة فكرة حل مرحلي او نقاط عشر بل ذهبوا بعيدا ضاربين بأقدامهم ايضا "ذيول الكفاح المسلح" اما الواقع العربي فقد تهاوى تماما تحت ضربات الصراعات الدولية التي هي جميعا تتفق على وجود اسرائيل و حدود اسرائيل التي لم تحدد بعد ، و اتى الربيع العربي ليقتلع اخر فكرة للقومية العربية من قوميين وبعثيين ، اما اليساريين في الساحة الفلسطينية بين حانة و مانه .
كما قلت سابقا بين خطين الكفاح المسلح و المقاومة ماا حدث ، و اخر المتعلقات في هذا الخط فكرة حل الدولتين و التشبث بها بدون اي خيارات اخرى الى ان وقعنا في فكرة التنسيق الامني المقدس في الشمال ، اما في الجنوب "التهدئة بالتهدئة" و ان عدتم عدنا اي صبحت فكرة المقاومة ايضا قد تم احتوائها تحت رياح وعواصف و حصار اصبحت ادلجة للحالة الانسانية التي يعاني منها قطاع غزة . المشهد الاخر ايضا ما قاله الرئيس عباس بأنه لا يستطيع دفع الرواتب في الشهور القادمة متنازلا عن بقية الاموال في المقاصة ايضا ، هل هذا القرار يقنع احدا ؟ الا اذا كان يأخذ منحى اخر في باطنية الرئيس عباس ، و كما قال اذا لم تتمكن السلطة من دفع الرواتب "السبب اسرائيل " عجبا و كل العجب ! سقطت كل محاولات المصالحة والجميع يتغنى بأنه يقف ضد صفقة القرن رغم ان صفقة القرن اصبحت في بيوتهم و كل يعمل بموجبها بشكل مباشر او غير مباشر .
ولكن ما هي صفقة القرن ؟ للمرة الرابعة اتحدث عنها ، انها اطروحات و مبادرة ايجان الون بسيطرة اسرائيل على معظم الضفة الغربية و حوض نهر الاردن "الاغوار" مع بعض التعديلات التي استغلت الانقسام و عدم التوافق الفلسطيني ، الكل يعمل بموجب صفقة القرن اي تحت تطبيق مبادرة ايجال الون . من الصعب ان نفهم سلوك القيادة الفلسطينية بالمنظور الوطني ، تلك القيادة التي اجهزت على الحركة الوطنية في الضفة الغربية و اضعفت حركة فتح و جعلتها مجرد ظاهرة لاستغلالها في خط سياسي يقود لانتهاء او او انهيار المشروع الوطني الوطني ، اما في غزة وبرغم مانشتات الانتصارات الا ان فصائل المقاومة في غزة اصبحت في تراجع نتيجة ازمات الحصار والحالة الانسانية و اصبحت هناك مقايضة على سلاح المقاومة الثقيل ايضا مقابل احياء الحالة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة وفتح المنافذ البرية والبحرية .
اذا اين مشروع التحرير اعني هنا تحرير فلسطين بالنسبة لمنطق فصائل المقاومة و هنا برهنة طبيعية لاي حركات التحرر او المقاومة التي هي بطبيعة الحال تبادر ولا تتلقى تصنع الحدث ولا تتلقاه لكي تحقق اهدافها وتزعج العدو و تربكه وتجعله يخضع في التوقيت و الزمن و التاريخ لارادة المقاومة كما هي فكرة الكفاح المسلح التي فقداناها في السابق و نفقدها الان بالمقاومة .
بالتأكيد ان اسرائيل و منذ نشوءها وللان لم يحدد لها جغرافيا و حدود بينما السلطة مازالت متمسكة بحل الدولتين بالمفاوضات و هذا ما اكده في اخر لقاء له رئيس السلطة مع طلبة جامعة امريكية يتحدث الرئيس عباس عن حل الدولتين ويبدو انه لا يرى ولا يعلم عيوب و مطبات و خطيئة اوسلو ولا يعلم كم المستوطنات وتعداد سكانها في الضفة الغربية والقدس واقع يتجاهله محمود عباس وهو واقع سرطان قد يأتي الية الى حدود المقاطعة و مدينة الروابي فخر السلطة الوطنية و عتاولتها و من يتغنون بأنهم ضد صفقة القرن .
لسنا بحاجة الى تصريح صائب عريقات "الحياة مفاوضات" لكي نفهم افضل الخيارات الاسرائيلية و هو ضم الضفة الغربية و هذا المحنك لم يفهم بعد خطة الاستيطان الاسرائيلي التي غزت الضفة بقوة ما بعد اوسلو ولم يفهم ذكاء الاسرائيليين امام غباء السلطة و موافقتها و كلاهما مُر .
اسرائيل لم تنفذ اي قرار من قرارات مجلس الامن بدءا من القرار 194 الى 181 ولم تعترف بقرار 242 ولا 338 الذي ينص على انسحابها من الارض العربية التي احتلت عام 67 ، ربما كانت اطماعها وترسيم حدودها لم يأتي الوقت اليه ولكن قد اتى بوجود ترامب الذي وص2فه وزير الخارجية بومبيو بأن الرب قد ارسله لحماية اسرائيل ، وليس غريبا ان يكون السفير الصهيوني في اسرائيل سفير امريكا ديفيد فريدمان هو المنظر لتطبيق صفقة القرن الذي نطق اخيرا مكرسا مقولة ناتنياهو بأن يهودا والسامرة هي الامن الاستراتيجي لاسرائيل . صفقة القرن ليس هناك حاجة لاعلانها الان و السيد ترامب يؤمن بقوة وضع اليد التي كانت تمارسها العصابات في غياب قوة الدولة والان في غياب انظمة عربية قادرة على مواجهة قرارات ترامب التي تؤمن بهذه النظرية سواءا وثيقة منحه القدس لاسرائيل والجولان و هنا قد نرجع للخلف و مهما قيل عن السادات فربما لو بقيت سيناء مع الاسرائيليين لاصبحت عرضة لقرارات ترامب و هداياه لاسرائيل ولولا المقاومة اللبنانية و التعريف الصحيح لها لمعادلات الصراع و قضاؤها على قوات لحد ف يالجنوب اللبناني و الوجود الاسرائيلي في الجنوب لاصبح جنوب لبنان ايضا هدية من ترامب لاسرائيل .
ترامب يعمل حثيثا لتحقيق مقولة اسرائيل من النيل الى الفرات و طريق مفتوح الى مكة كما قال موشي ديان ولكن ماذا عن الواقع الفلسطيني الذي يقع الان ضمن خريطة المتغيرات الاقليمية و الجغرفيات السياسية التي تكون لصالح اسرائيل وبعد هذا التفويض الامريكي فإن اسرائيل ترفض فككرة حل الدولتين وللاحزاب الاسرائيلية واهمها اليمين الاسرائيلي يعتبر وجود اي دولة فلسطينية هو تهديد زمني لوجودها اما حل الدولة الواحدة فهو ايضا فكرة تطعن بالفكرة الصهيونية على ارض فلسطين وهذا ما دفع اسرائيل لاتخاذ قرار القومية وقصة ترانسفير للفلسطينيين لم تعد فكرة قابلة للتطبيق الا اذا كانت فكرة ترانسفير داخلي بناءا على جغرافيا سياسية و امنية دفعت اسرائيل فيها الى عدم تحقيق المصالحة وتوحيد شطري ما تبقى من الوطن و بالتالي قد يكون هناك قرارا قريبا بضم غالبية الضفة والغور و اضعاف السلطة تدريجيا و قرار عباس بعدم اخذ اموال المقاصة يدفع الى هذا الاتجاه ليحل محلها الادارة المدنية وانهاء المنظومة السياسية لمنظمة التحرير والسلطة وهذا الخيار الافضل للاسرائيليين الان اما غزة في الفكر الصهيوني والسلوكي تدفع لتحويل غزة الى كيانية تحت شروط امنية و دولية لتكون ملجأ لكيان فلسطيني قد يدفع ثير من المحافظات الشمالية اليها مع توسعات فيها .
اذا هل يفهم الجميع هذا السيناريو و ان فهموا هل هناك ماهو يستطيع ايقاف هذا السيناريو الذي سينهي القضية الفلسطينية وحق العودة و تنتهي ة فلسطين التاريخية على الاقل لمئة عام قادمة ، و اخيرا المقاومة تدافع عن حدودها في غزة فقط وهذا ما تستغله امريكا واسرائيل اما محمود عباس و السلطة فليس لهم من اوراق القوة ان تتعرض الضفة للضم و تشكيل روتابط مدن وستبقى قصة عباس كقصة عموم فلسطين وهذا ما صنعت ايديهم و سياساتهم ونهجهم منذ اعلان استقلال الدولة في 88 على الاقل و هنا لا نريد ان نرجع للخلف لنتحدث اكثر .