نشر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، الذي يديره مسؤول شعبة الاستخبارات الأسبق في الجيش "عاموس يدلين"، تقرير أمني إسرائيلي سلّط الضوء على التحديات التي تمثلها الصواريخ بعيدة المدى لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، والتي ضربت العمق الإسرائيلي في ثلاث مرات منذ شهر أكتوبر العام الماضي.
وأكد التقرير على أنّ الصواريخ الأخيرة سواءً على "تل أبيب" أو على "هشارون" شمالها، شكلت تحديًا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، "وهي عيّنة بسيطة من الوضع الذي سيكون حال اندلاع مواجهة شاملة".
واستعرض المرات التي أُطلقت فيها الصواريخ على العمق "الإسرائيلي" منذ شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 2018 وحتى الآن، إذ بدأت بإطلاق صاروخ باتجاه بئر السبع في 17 أكتوبر، وأصابت منزلاً بشكل مباشر وتسببت بدمار كبير وحالات هلع بين المستوطنين، الذين نجوا بفضل تواجدهم في الغرفة الآمنة.
أما الحالة الثانية فحصلت في 14 مارس/ آذار من العام الجاري بعد إطلاق صاروخين باتجاه تل ابيب وضواحيها، ولم تتسبب بضرر.
وفي 25 من نفس الشهر؛ سقطت قذيفة صاروخية بعيدة المدى على منزل في كيبوتس "مشميرت" بمنطقة "هشارون" شمالي تل أبيب وأصابت ستة من المستوطنين بجراح، وتسببت بدمار هائل في المبنى.
وركز التقرير في البداية على التحديات التي تمثلها هكذا صواريخ على العمق الإسرائيلي وليس على المناطق القريبة من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن حركة حماس ترسل رسائل عبر هذه الصواريخ أنها مستعدة للمس بشكل عنيف بالعمق الإسرائيلي حتى دون وجود مواجهة شاملة؛ بهدف إحداث ضغط على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على طلبات الحركة.
وشدّد على ضرورة الأخذ في الحسبان أنّ أسلوبًا كهذا سيتكرر مستقبلًا، ومن الممكن أن تكون نتائجه خطيرة، ويُلزم برد عنيف حال وجود قتلى، على الرغم من أن دقة الصواريخ التي تمتلكها حماس ضعيفة.
ودعا التقرير إلى التركيز على أهمية التحصين الداخلي للمنازل لمواجهة هكذا تحدٍ من قبيل وجود الغرف الآمنة المحصنة "والتي أثبتت أنها تنقذ الحياة"، إلا أن جل التحصينات موجودة بمنطقة غلاف غزة والمناطق الحدودية، ويتوجب نقل هذه التجربة إلى مناطق أخرى ومنها مناطق الوسط.
وأوضح أنّ سقوط هكذا صواريخ بمناطق مكتظة ودون حماية ستشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية وتقلص من القدرة على المناورة السياسية أمام مطلقي هذه الصواريخ سواءً على يد حماس أو حزب الله.
وتطرق التقرير إلى منظومة القبة الحديدية وقدرتها على مواجهة هكذا تحديات، مشيرًا لوجود ضعف المنظومة كونها لا تُغطي جميع المناطق، ولا تحتمل مواجهة دفعات كبيرة من الصواريخ.
وأفاد بأنه في حال وجود مواجهة شاملة، فهنالك حاجة لأن تغطي المنظومة وغيرها منشئات عسكرية وبنى تحتية حيوية بالإضافة لحماية "المدنيين".
ونوّه إلى أن غطاء الحماية الذي تمثله هكذا منظومات لا يكفي، وأن العبر المستخلصة واضحة، وهي ضرورة زيادة بطاريات المنظومة لتشمل غالبية المناطق، بالإضافة للردود الأخرى.
كما أظهر التقرير وجود إرباك في الجهة المسؤولة عن الجبهة الداخلية ساعة الطوارئ، ولوحظ ذلك جليًا خلال التصعيد الأخير إذ اتخذت كل هيئة محلية قرارًا منفصلاً بانتظام الدراسة وغيرها دون وجود جهة مسؤولة تعطي التعليمات بهذا الخصوص.
وأضاف: "هكذا فراغ سيكون له بالغ الأثر حال وجود مواجهة شاملة وستتضرر الجبهة الداخلية من تنازع الصلاحيات بين وزارة الجيش وهيئة الطوارئ".
ونبّه التقرير إلى ضرورة توعية المستوطنين وبخاصة سكان المدن الكبيرة المكتظة إلى مخاطر الصواريخ، والتحدي الذي ستشكله حال تم تركيز رشقات نارية كبيرة على مناطق بعينها، مشيرًا إلى أن غالبية السكان غير واعين بمخاطر وتحديات هذا تهديد.
وأردف: "الجبهة الداخلية "المدنية" ستشهد تحديات كبيرة في حال وجود مواجهة عسكرية سواءً مع حركة حماس في الجنوب أو حزب الله في الشمال، وأن الأحداث الأخيرة في العمق الإسرائيلي تدلل على الخطر الكبير الذي تمثله هكذا صواريخ بـ"المناطق المدنية".
وبيّن أن معالجة هكذا إخفاقات يقلل الضغط على الحكومة الإسرائيلية، ويمنحها المجال لاتخاذ القرار المناسب دون ضغوطات داخلية أو خارجية صعبة.
وأشار إلى أن المشكلة التي ظهرت خلال جولات القتال في الماضي تمثلت بوجود ثغرات كبيرة في مدى الاستعداد لمواجهة هكذا سيناريوهات، وهو ما تم الوقوف عليه في تقرير مراقب الدولة الأخير، الذي ركز على وجود إخفاقات كبيرة في منظومة الإنقاذ من الجيش والهيئات الأخرى ساعة الطوارئ.