طالب كاتب إسرائيلي البروفيسور "شموئيل ساندلر" في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، باستخدام طريقة جديدة للتعامل مع حركة حماس في قطاع غزّة من خلال التفاوض معها تحت النار ولكن دون الإطاحة بها.
وبحسب موقع عربي "21"، أوضح ساندلر اليوم السبت، "أن السياسة الإسرائيلية المتوقعة تجاه حماس في قطاع غزّة، يمكن لها أن تقوم على أساسين اثنين بالتوازي: المفاوضات السياسية والعمليات العسكرية، جنباً إلى جنب، في ظل الجدل الإسرائيلي الداخلي المتواصل، حول أي الطريقتين الأكثر ملاءمة لإدارة الوضع في القطاع: فهل نواصل القتال فقط، أم نتفاوض لنعطي ونأخذ؟".
وأضاف أن "الاستغراب الإسرائيلي من إدارة المفاوضات مع حماس بجانب تفعيل القوة العسكرية قد لا يكون مجدياً، لأن الطرفين ليس بينهما لغة حوار مشتركة، لكن الواقع القائم في القطاع قد يضطر إسرائيل للجمع بين زيادة الوتيرة العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى تفعيل أدواتها الدبلوماسية".
وأشار ساندلر الباحث بمعهد "بيغن-السادات" للدراسات الاستراتيجية بجامعة "بار-إيلان"، إلى أن "طرفي المواجهة في غزّة حماس وإسرائيل لا يعترفان بحق الآخر في الوجود، ولذلك فهما لا يديران مفاوضات مباشرة، لكن اليوم تجري المفاوضات بينهما من خلال مصر وسيطاً، وفي السابق تم الأمر من خلال تبادل رسائل عبر مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف".
وبيّن أنه في الوقت ذاته يتواصل سقوط القذائف الصاروخية من غزّة باتجاه مستوطنات الغلاف، وما بعدها، فيما يرد الجيش بقصف أهداف حماس والجهاد الإسلامي، مما يطرح السؤال: ما الرابط بين مواصلة مهاجمة حماس في غزّة، واستمرار الحصار عليها، والتسبب بإيذائها، وفي الوقت ذاته الموافقة على إرسال الأموال إليها، ونقل البضائع التجارية".
وشدد على أن الجمع بينهما ليس أمراً غريباً، ولا مستنكراً، لأن المفاضلة التقليدية بين القوة العسكرية البحتة والتفاوض الدبلوماسي سادت عند اندلاع الحروب التقليدية بين الدول في القرن التاسع عشر، لكن هذه المفاضلة الحدية تراجعت اليوم، ولم يعد لها رصيد في الواقع، وجاء محلها سياسة "المفاوضات بالعنف".
ولفت إلى أنه "لا يبدو اليوم أن إسقاط حماس، والإطاحة بها، تمثل هدفاً سياسياً متفقاً عليه داخل إسرائيل، لأن تحقيق ذلك يعني نقل السيطرة على غزة للسلطة الفلسطينية، أو تكفل إسرائيل بإدارة شؤون القطاع، والمسؤولية عنها".
وبيّن أن "الخيار الأول يعني تقوية فتح، مما سينجم عنه زيادة الضغط الدولي على إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل.
أما الخيار الثاني فأن يتكفل الجيش الإسرائيلي برعاية شئون مليوني فلسطيني في القطاع، وهذان الخياران يتعارضان مع السياسة الإسرائيلية القائمة، وحماس تدرك ذلك جيداً، ولذلك تسعى بين حين وآخر لتحدي تل أبيب، دون أن تتنازل عن استراتيجيتها المعلنة بمحاربة الدولة الصهيونية من خلال المواجهة المسلحة".
وتابع أنه "في حال بدأت تفقد الحركة شرعيتها من الدول العربية، لاسيما مصر والسعودية، وفي الوقت ذاته تواجه بضغوط من السلطة الفلسطينية التي تمنع إرسال الأموال للقطاع، فإنها تسعى للبقاء من خلال المقاومة، وطالما أن استئصال حماس ليس هدفاً سياسياً لإسرائيل فإن البديل هو شن عملية عسكرية محدودة، وخلال ذلك يتم إجراء حوار دبلوماسي".
وأكد على أن حماس باتت تفهم قواعد اللعبة جيداً، فهي لا توسع رقعة إطلاق الصواريخ خارج غلاف غزة كي لا تضطر إسرائيل لرفع مستوى ردودها العسكرية، وهو ما يحدث بالفعل، حين لا يتعمد الطيران الإسرائيلي إسقاط خسائر بشرية فلسطينية في هجماته الجوية على غزّة".
وأشار إلى أن السؤال الماثل هو: هل يمكن إجراء مفاوضات تحت النار لمدة طويلة؟ تعالوا ننظر إلى الوراء قليلاً، فإن هذه الآلية تم استخدامها لأكثر من عقد من الزمن منذ سيطرة حماس على القطاع في 2007 حتى اليوم، حيث وقعت في غزة ثلاثة حروب واسعة: الرصاص المصبوب 2008، عمود السحاب 2012، والجرف الصامد في 2014".
وأوضح أنه يمكن تصنيف هذه الحملات العسكرية ضمن إستراتيجية "المعركة بين الحروب" أو سياسة "جز العشب"، في ظل عدم وجود استعداد لإدارة مفاوضات سياسية مباشرة مع حماس، أو رغبة بالوصول معها إلى حرب الحسم والاستئصال، مشيراً إلى أن البديل الوحيد فيبقى المفاوضات تحت النار".