نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الأربعاء، مقالاً كشفت فيه تفاصيل منع إدارة الرئيس دونالد ترمب لمدير حملة (BDS) من دخول أمريكا.
وقالت الصحافية ميشيل غولدبيرغ في مقالها، إنه "كان من المفترض أن يقوم الناشط الفلسطيني عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة المقاطعة (BDS)، بجولة محاضرات هذا الأسبوع في أمريكا، حيث كان يفترض أن يتحدث في جامعة نيويورك فرع واشنطن وفي هارفارد، وكان سيحضر عرس ابنته في تكساس، وكنت أخطط لأقابله، في برنامج (ذي أرغيومنت)، الذي أشارك في تقديمه ويبث على الإنترنت، حول منظمة (BDS)، الحملة المثيرة للجدل، التي تسعى لجعل إسرائيل تدفع ثمن معاملتها للفلسطينيين".
وبيّنت غولدبيرغ، أنه عندما حاول البرغوثي، الذي يحمل إقامة دائمة في "إسرائيل"، السفر بالطائرة من مطار بن غورون الأسبوع الماضي، تم إخباره بأن أمريكا حرمته من الدخول، وعندما تحدثت معه يوم الأحد، لم يكن يعرف بعد لماذا تمنعه البلد التي درس وعاش فيها لعدة سنوات من دخولها، لكنه يفترض أن الأمر يتعلق بآرائه السياسية.
وأضافت: إنه "في السنوات الأخيرة، قدم اليمين الأمريكي نفسه على أنه مدافع عن حرية التعبير، ويشكو المحافظون دومًا من أجواء الجامعات الناقدة بقسوة، التي تندد بأفكارهم؛ وقام دونالد ترامب الشهر الماضي بتوقيع أمر تنفيذي حول حرية التعبير في الجامعات، لام فيه الأشخاص الذين يمنعون الأمريكيين من (تحدي الأيديولوجية المتحجرة لليسار المتطرف.. فالأشخاص الواثقون من معتقداتهم لا يمارسون الرقابة على الآخرين)".
وتعلق الكاتبة قائلة: "إن كانت العبارة الأخيرة صحيحة -وهي على غير طبيعة ترامب، صحيحة في نظري- فإنها تقول شيئًا عن عدم الشعور بالثقة لدى المدافعين عن إسرائيل، صحيح أنه كانت هناك محاولات غير ليبرالية لإسكات أصوات محافظة في الجامعات، لكنها تظهر ضئيلة أمام الهجمة على الخطاب المؤيد للفلسطينيين، وبالذات الخطاب الداعي إلى المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وهناك أكثر من 20 ولاية لديها قوانين تشجب، وفي كثير من الأحيان تجرم، أنشطة (BDS)، وصادق مجلس الشيوخ حديثا على مشروع قانون يدعم هذه الإجراءات. وبحسب الاتحاد الأمريكي لأساتذة الجامعات، فإن بعض الجامعات العامة في أمريكا بهذه القوانين تطلب من المتحدثين والمتعاقدين أن (يوقعوا بيانا يتعهدون فيه بأنهم لن يصادقوا الآن أو في المستقبل على BDS) من الصعب التفكير في أي موضوع آخر في ظل وجود فرض قيود على التعبير عنه".
وتساءلت: "ما الذي يخيف القوى الموالية لإسرائيل؟ لا تشجع حركة (BDS) العنف ولا تنخرط فيه، ويحاول قادتها قدر إمكانهم التمييز بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، وطالبت اللجنة الوطنية الفلسطينية لـ(BDS) مؤخرا من مجموعة مغربية التوقف عن استخدام اسم (BDS) في اسمها بسبب إبرازها لرسم كاريكاتوري معاد للسامية على صفحتها على (فيسبوك)".
وأشارت الكاتبة إلى أن البرغوثي يقوم بالتعبير عن معارضته للصهيونية بلغة الشمولية الإنسانية، ويقول إن الموقف الرسمي لحركة (BDS) هو "أن أي دولة إقصائية متفوقة في فلسطين التاريخية -سواء كانت دولة يهودية أو دولة إسلامية أو دولة مسيحية- ستتناقض بحكم تعريفها مع القانون الدولي وقواعد حقوق الإنسان الأساسية".
ولفتت غولدبيرغ إلى أن "الحركة محايدة في مسألة الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنها تدعم حق اللاجئين الفلسطينيين، الذين نزحوا بسبب قيام إسرائيل وذريتهم، بالعودة إلى البلدات التي هجروا منها، وهو ما سينهي الأكثرية اليهودية لإسرائيل، وقال لي البرغوثي إنه يعتقد شخصيا بإنشاء دولة واحدة يكون فيها اليهود أفرادا ولهم حقوق مدنية، لكن اليهود كشعب ليست لهم حقوق قومية".
وأردفت: "كنت قد خططت لأناقش معه هذا الرأي، الذي يعد رافضاً للادعاءات اليهودية بأحقيتهم بإسرائيل، وستؤدي إلى قمع اليهود الإسرائيليين أو أسوأ من ذلك، وأعتقد أن الكثير من اليهود، إن لم يكن أكثرهم، يجدون هذا الموقف عدوانيا، ويبعث على الخوف".
واستدركت: إنه "لسنوات عديدة الآن، حاضرنا اليمين عن الحاجة للاستماع ولمناقشة الأفكار التي قد نعدها خطيرة، والبرغوثي يريد هذا النوع من الحوار، وقال لي: (لقد سعينا بجدية كبيرة لنحاور أحدا من الجانب الآخر.. نحن مستعدون لحوار أي شخص عدا المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين ومحترفي الضغط السياسي)، فحكومة تحاول منع الأمريكيين من التفاعل مع آرائه لا تستطيع الادعاء بأنها تدعم حرية التعبير".
وتابعت: "يمكنك القول إن شرعية إسرائيل بصفتها دولة يهودية يجب ألا تكون موضع نقاش، وإن كنت تفعل، فيجب أن تدرك بأن هذه هي الحجة ذاتها التي يستخدمها اليساريون في بعض الجامعات لرفض الحوار مع أشخاص يعدونهم عنصريين أو يميزون بناء على الجنس، أو متعصبين بشكل أو بآخر، أحيانا يكون الرفض مبررا، لأن بعض الأفكار يجب ألا تعطى الاحترام لتناقش، لكنها أحيانًا تجعل الأشخاص غير المستعدين لتجريب أفكارهم على الملأ يظهرون أنهم خائفون".
ورأت غولدبيرغ أنه "في المحصلة، فإن البرغوثي يهدد المدافعين الأمريكيين عن إسرائيل؛ ليس لأنه مليء بالكراهية، بل لأنه ليس كذلك، لقد اصطفت إسرائيل مع اليمين العالمي، ويريد بنيامين نتنياهو، الذي أعيد انتخابه مؤخرًا أن يضم الضفة الغربية، وهو ما سيخلق دولة واحدة يحكم فيها اليهود العرب، وهذا الاحتمال يجعل من الأصعب على المدافعين الأمريكيين عن إسرائيل أن يكون لديهم نقاش متماسك ضد حل الدولة الواحدة الذي ينادي به البرغوثي".
ونقلت الكاتبة عن البرغوثي، قوله خلال نشاط جامعة نيويورك الأسبوع الماضي، حيث قام بمقابلته الصحافي بيتر بينارت عن طريق "سكايب": "إسرائيل تكسب اليمين المتطرف في العالم.. لكنها تخسر مكانتها الأخلاقية في أنحاء العالم".
واختتمت مقالها قائلةً: إن "السلطات الأمريكية قد تستطيع أن تسحق هذه الرسالة في بعض الجامعات، لكن هذا لن يمنع الرسالة أن تكون صحيحة".
بدوره، قال البرغوثي: إن "كانت هذه هي الحال فإنها المرة الأولى التي يمنع فيها شخص من دخول أمريكا بسبب تأييده لحركة المقاطعة"، وقام البرغوثي بإلقاء كلماته، لكن من خلال (سكايب).