بقلم: ثائر نوفل أبو عطيوي

بيرزيت تجربة وطنية في واحة الديمقراطية

ثائر نوفل أبو عطيوي
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

في رحاب حرية الفكر والتعددية الحزبية والقبول بالآخر، شهدت انتخابات مجلس الطلبة في جامعة بير زيت ، التي فازت بها حركة الشبيبة الفتحاوية رغم التقارب في عملية التنافس الديمقراطي بين كتلتي فتح وحماس، والذي يعطي مدلولات على إمكانية إيجاد مناخ وطني قادم من الممكن أن يعمل على تهيئة الأجواء لاستعادة الوحدة الغائبة وانهاء الانقسام الذي أضحى بمثابة حجر العثرة نحو تقدم ولو بسيط في طريق المشروع الفلسطيني المستقل.

من واقع المنظور الإيجابي للعملية الانتخابية الطلابية في جامعات الشق الثاني من الوطن في ضفتنا الغربية، نجد أن هناك تغير نوعي في الواقع الفلسطيني في ظل الانقسام، واقع يتطلع للديمقراطية بكافة أشكالها بمنظور شبابي واعد الذي يبقى الأمل في الرهان الوطني عليه قيد الاستمرارية لأنه جيل الوطن القادم وعماد المستقبل.

فوز حركة الشبيبة الفتحاوية في جامعة بير زيت ، يعتبر فوزاً نوعياً  لأنه يتم البناء عليه في قياس توجهات الرأي العام الفلسطيني بشكل عام ، نظراً لتنوع الثقافات وتعدد التركيبة الجغرافية والسياسية للطلبة ، فالفوز الفتحاوي هو انتصار لحركة فتح وارثها التاريخي العظيم ، وبمثابة  انتصار لشخص ومكانة وروح الخالد  الرمز ياسر عرفات ، وتعبير عن ضرورة استنهاض حركة فتح ، والبحث عن السبل والامكانيات من أجل استعادة وحدتها ومكانتها على كافة الصعد والمجالات ، لأن فتح هي المشروع الوطني المستقل ، برغم ما لحق بها من ظروف استثنائية طارئة نتيجة العديد من العوامل والأسباب ، والتي من أهمها الانقسام ومن ثم أصحاب الأجندات الخاصة والمتنفذة داخل أروقة حركة فتح

في المقابل يعتبر فوز حركة الشبيبة الفتحاوية في انتخابات جامعة بير زيت هو استحضار لروح الوحدة الوطنية التي عمدت بدماء الشهداء على مدار الثورة الفلسطينية، واستحضار لكافة القضايا الوطنية المصيرية المعلقة والمهمشة الغائبة بفعل ساسة الانقسام البغيض ومن يشرفون على ادارته.!

في ظل الحديث عن جولات وصولات من المصالحة بين طرفي الانقسام برعاية جمهورية مصر العربية الذي أثقل كاهلها المنقسمون على أنفسهم، تحتضن مصر العروبة مرة أخرى جولة جديدة من المباحثات على طريق أمل المصالحة واستعادة الوحدة ، وفي هذا التوقيت بالذات ، يجب النظر بعين الاعتبار والأهمية من طرفي الانقسام لإنجاز المصالحة والابتعاد عن سيل المناكفات والمحاصصة ، ووضع نصب أعينهم العرس الديمقراطي في انتخابات بير زيت ، الذي عبر عن واحة الفكر الحر وقبول الاخر في رحاب التعددية الحزبية القائمة على قاعدة " كلنا للوطن ".

من المهم والأكثر أهمية تعميم فكرة الانتخابات الطلابية في قطاع غزة الشق الجنوبي من الوطن، حتى يكون تعميم التجربة الديمقراطية خير برهان ودليل على صدق نوايا الساسة في طرفي الانقسام في جولاتهم التصالحية من جهة، ومن جهة أخرى بهدف استنهاض الروح الديمقراطية للمواطن الفلسطيني، وتحفيزه على الشعور باستعادة الأمل الوطني من جديد، الذي قتله وقضى عليه الانقسام البغيض وعوامله التي شملت كافة الصعد والمستويات.

 يجب أن تكون انتخابات جامعة بير زيت بمثابة خطوة تأسيسية فعلية، لملمة جموع الفتحاويين على مختلف توجهاتهم، ولملمة الشمل الفلسطيني من جديد الذي بعثرته المصالح الفئوية والنظرة بعين واحدة ذات الأفق الضيق، التي لا تعبر عن حال الوطن وهموم المواطن وتطلعاته في حياة كريمة على طريق الحرية والاستقلال.

وبعيدا عن التقارب في نسبة التصويت عبر صناديق الاقتراع لكتلي فتح وحماس ، ووفق المنظور الوطني المستقل فلا يوجد فائز ومهزوم في انتخابات جامعة بير زيت ، لأنها كسرت حاجز الصمت الوطني ورفض حالة الهوان والعجز في وجه الانقسام  وساسته ، من خلال التأكيد على الأهمية الديمقراطية لمناخ وطني جديد ،عنوانه الانفتاح على الاخر والقبول به في اطار وحدة الدم الفلسطيني والمصير المشترك ، ومجابهة كافة التحديات والتصدي لها ، ولا سيما في ظل أننا شعب محتل يبحث عن حرية يواجه محتلاً همجياً مدعوماً من الامبريالية العالمية لتصفية قضيتنا العادلة وتغييب معالمها وتمزيق جذورها ، بهدف القضاء على كل ما هو فلسطيني ، فلهذا لا بد من أخذ العظات والعبر ، والسير فلسطينياً على طريق الديمقراطية وتجديد الشرعيات عبر صناديق الاقتراع.