قال مقربون من الرئيس محمود عباس، أنه يعدّ للاستقالة في الأشهر القليلة المقبلة، لكنّ كثراً من المعارضين شكّكوا في جدية هذه الخطوة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الحياة» اللندنية، أن عباس يعدّ للاستقالة ومغادرة الحياة السياسية في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وأنه بدأ بإعداد المؤسسات الفلسطينية وترتيبها لمواصلة إدارة السلطة ومنظّمة التحرير بعد مغادرته.
وعزت سبب الاستقالة الى فشل العملية السياسية وعدم وجود بديل لها. وقالت: «هذه استقالة احتجاجية على كل الأطراف التي أفشلت العملية السياسية، من الإدارة الأميركية التي فشلت في حمل إسرائيل على تنفيذ أبسط التزاماتها تجاه العملية السياسية، مثل وقف الاستيطان وإطلاق الأسرى القدامى، الى إسرائيل التي أفشلت العملية السلمية لتواصل مشروعها الاستيطاني على نحو لا يترك أي مقومات لحل الدولتين، الى الدول العربية التي وضعت أولويات جديدة لها بعيداً من القضية الفلسطينية».
وأوضحت أن عباس يرى أن المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحركة «حماس» برعاية قوى إقليمية، تشكّل الضربة الأخيرة القاضية للمشروع الوطني، لأن أي اتفاق للتهدئة في غزة بين «حماس» وإسرائيل يعني تكريس الانقسام الى الأبد. وتابعت أن إسرائيل تقدّم مغريات لحركة «حماس» للانفصال في قطاع غزة، لتقوم بدورها بمواصلة مشروعها الرامي الى ضمّ الجزء الأكبر من الضفة الغربية.
وشكّل الرئيس عباس أخيراً، لجنة لعقد المجلس الوطني الفلسطيني بهدف انتخاب قيادة جديدة لمنظمة التحرير. كما أبعد ياسر عبد ربه الذي يعدّ أحد الأصوات الانتقادية داخل المنظمة، من المنصب الأهم وهو أمين سر منظمة التحرير، ومنحه الى الدكتور صائب عريقات المقرّب منه. وقالت المصادر أن عباس يعد عريقات ليكون خليفته، لافتة الى أنه يعدّ لمغادرة متدرجة يضمن خلالها انتقالاً سلساً للقيادة.
وأثار اختيار عباس عريقات أميناً لسر منظمة التحرير احتجاجات في اللجنة المركزية لحركة «فتح»، خصوصاً من جانب قادة الأمن السابقين، مثل جبريل رجوب وتوفيق الطيراوي وغيرهما.
لكنّ معارضين له يشكّكون في جدية هذه الخطوة، ويرى البعض فيها محاولة من عباس للضغط على الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي للتحرك واتخاذ خطوات جدية لإحياء العملية السياسية وحماية حل الدولتين عبر وقف الاستيطان.
ويرى آخرون أن الرئيس عباس يعد لاستقالة شبيهة باستقالة الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر عقب النكسة عام 1967، استقالة يعقبها تحرك جماهيري واسع لمطالبته بالبقاء في المنصب.
وقالت إحدى الشخصيات المعارضة: «الرئيس عباس سيعلن استقالته، لكن سنرى في اليوم التالي أعداداً كبيرة من موظفي السلطة، خصوصاً الأجهزة الأمنية، تسيّر تظاهرات في الشوارع لمطالبته بالعدول عن استقالته». وأضافت: «سيصل الأمر الى إعلان قادة وضباط الأجهزة الأمنية استقالتهم الجماعية ورهن عودتهم عنها بعدول الرئيس عن الاستقالة». وتابعت: «الرئيس عباس يعد لتكريس نفسه رئيساً بسلطات مطلقة.
وتدلّل على ذلك بقيام الرئيس أخيراً بإقصاء الأصوات النقدية داخل السلطة والمنظمة، مثل عبد ربه، ورئيس الحكومة السابق سلام فياض، والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان وغيره، واستبدالها بشخصيات موالية.