هل توجد مفاوضات مع «حماس» أم لا؟ هل سيكون هناك ميناء في غزة أم أن هذا حلم؟ تقول تركيا: «نحن ذاهبون الى الاتفاق الشامل».
تتحدث «حماس» عن نقاشات مكثفة، تتهم السلطة الفلسطينية «حماس» بمحاولة اقامة دولة مستقلة في غزة بتشجيع من اسرائيل، واسرائيل؟ هي كالعادة تنفي تماما. «لا توجد مباحثات مباشرة، لا توجد مباحثات بوساطة دول اخرى، ولا توجد مباحثات بوساطة وسطاء»، هذا ما أعلنه مكتب رئيس الحكومة.
يجب ألا نتأثر بهذا النفي. لأنه اذا لم تكن هناك اتصالات في هذه اللحظة، فهذا لا يعني أنه لم تكن اتصالات، أو أنه لن تكون اتصالات. نفي كهذا سمعناه اثناء المفاوضات خول اطلاق سراح جلعاد شاليت، ايضا التهدئة على أنواعها، ويشمل ذلك السائدة الآن، لم تهبط من اللامكان.
بشكل ظاهري ليس فقط أنه لا حاجة الى انكار المفاوضات مع «حماس»، بل المطلوب الانبهار من وجودها والعمل على تقدمها.
مفاوضات تشمل وقفا لاطلاق النار على المدى البعيد ستخدم مصلحة وسياسة الحكومة الحالية. بناء الميناء في غزة لا يلزم بالانسحاب من «المناطق»، والاعتراف بالدولة الفلسطينية أو منح الحقوق لـ 1.8 مليون من سكان القطاع.
الاصلاح الاقتصادي في القطاع يناقض «السلام الاقتصادي» الذي تؤيده الحكومة بالاجماع، ولا سيما وزير المالية، موشيه كحلون.
يدفع الجيش الاسرائيلي منذ زمن باتجاه تخفيف الحصار عن غزة وزيادة كمية البضائع التي تدخل الى القطاع، ورأيه مقبول.
وقد نجحت «حماس» في امتحان الارهاب، فقد أثبتت قدرتها على كبح قصف اسرائيل.
وعندما تم اطلاق الصواريخ من التنظيمات المتمردة عملت فورا على القضاء على «أوكار الارهاب» الداخلي لديها.
تجد حركة المقاومة الاسلامية نفسها في وضع سيئ من الناحية الايديولوجية أيضا، فهي تضطر للحفاظ على الهدوء في الحدود بينها وبين اسرائيل والسعي وراء مصر، التي تحارب الحركة الأم، الاخوان المسلمين.
أمام أعين اسرائيل وجدت فرصة تاريخية، صفقة مجنونة ثمنها صفر، يجب أن نجري ونخطف.
لا توجد حدود للسخرية، ففي حين أن محمود عباس توصل الى استنتاج أنه لا فائدة من تحريك العملية السياسية مع حكومة نتنياهو، تبدو «حماس» فجأة شريكاً جدياً.
واذا كانت الأنباء حول نوايا عباس زيارة ايران في تشرين الاول صحيحة، فان اسرائيل تستطيع التلويح بهذه الزيارة كبرهان نهائي – وكأنها كانت بحاجة الى ذلك – على أن عباس ليس شريكا، وسيكون تأبينه سياسيا أمراً مضموناً. حينها ستبدو «حماس» كالصديقة، بالتحديد على خلفية انفصالها عن ايران وتقربها من السعودية.
أين الشّرك، إذاً؟ من غير المعقول أن حظنا تحسن الى درجة حصولنا على شريك كما نريده. تبقى مشكلة صغيرة هي أن «حماس» لا تمثل الشعب الفلسطيني.
وحتى لو أرادت «حماس» – وهي تعارض ذلك بشدة – التوقيع على اتفاق سياسي مع اسرائيل فليس لها أية صلاحية جماهيرية أو سياسية لذلك. اتفاق مباشر أو غير مباشر أو منحرف مع «حماس» لن يحل المشكلة الفلسطينية، ولن يكون بديلا عن الانسحاب من «المناطق» أو الحل لمكانة القدس، وهو الى حد كبير سيكون شبيها بقرار الانسحاب من غزة. لأن الانسحاب الذي كان ضروريا ومبررا أمنيا، كان يرمي الى إبعاد مستقبل الضفة الغربية والقدس عن طاولة المفاوضات. «غزة مقابل الضفة والقدس»، قال شارون في حينه.
إعمار غزة واقامة الميناء مقابل المستوطنات الدائمة، هذا ما يؤمن به الآن مؤيدو التفاوض مع «حماس».
الخدعة تتكرر. فالاتفاق مع «حماس» جيد لحكومة اسرائيل، لكنه لا يعني بالضرورة مصلحة اسرائيلية.
عن «هآرتس»