لا بد للسلطة الوطنية ان تصارح شعبنا، الذي ناضل وصمد وصبر، بكل جديد وبكافة التطورات والتحديات الخاصة بالقضية الفلسطينية وبالخطط والبرامج لمواجهة التحديات التي يفرضها
الاحتلال وحليفته الإدارة الأميركية، ومن الواضح ان شعبنا على استعداد كامل لتقبل أي قرار أو خطة أو برامج عمل تقترحها أو تقرها القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس محمود عباس وان ينفذ جميع ما يطلب منه دفاعا عن حقوقنا الثابتة والمشروعة ووفاء لتضحيات شهدائنا وأسرانا وجرحانا، وهي الحقوق والثوابت التي تتمسك بها القيادة الفلسطينية، وتطرحها في كل محفل دولي أو إقليمي.
وأكبر دليل على ذلك مؤخرا قرار الرئيس بعدم استلام أي من مبالغ مالية من احتلال لم يترك قانونا أو اتفاقا إلا وداس عليه، ولم يترك أي نوع من الأخلاق والمبادىء الإنسانية إلا وضربه عرض الحائط. وقبل ذلك سلسلة المواقف الشجاعة في مواجهة ترامب وصفقته ومواقفه الموالية للصهيونية والاحتلال والمواقف الثابتة في مواجهة الاحتلال.
في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير ، كان الرئيس واضحا وفضح كذب أوباما والكذاب الأكبر الداعم للصهيونية والاحتلال ترامب، وبانت الحقيقة وهي أن عدوتنا الحقيقية الأولى هي اميركا بسياستها الداعمة والممولة والمسلحة والحامية للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي.
تحاول الإدارة الأمريكية الحالية تمرير بعض تفاصيل صفقة ترامب كي نبلع السم على جرعات ، ولا ندري لماذا لا يزال البعض ينتظر هذه الصفقة طالما أن ترامب ألغى قضايا القدس الشريف وعودة اللاجئين والاستيطان وحل الدولتين وازالهما من على طاولة المفاوضات، ملوحا بحفنة من الدولارات على لساني كوشنر وغرينبيلات، متجاهلا أن شعبنا وقيادته لا يمكن أن يساوما على الحرية والاستقلال والحقوق المشروعة بكل أموال الدنيا. وإذا صحت التسريبات الخاصة بمبادىء الصفقة التي سربتها أوساط إسرائيلية وأميركية، بأن الذي سيدفع ثمن هذه الصفقة القذرة هي دول الخليج العربي فإن ذلك يعني إعفاء الاحتلال الإسرائيلي من كل ما ارتكبه ، وكأن دول الخليج هي التي شردت الشعب الفلسطيني من وطنه فلسطين قسرا أو كأن الشعب الفلسطيني ينتظر مشاريع اقتصادية للعيش تحت حكم اقذر استعمار في العالم.
في مقابلة تلفزيونية سمعت من وزير الخارجية، رياض المالكي، يقول بأن السعودية هي البلد العربي الوحيد الذي أوفى بالتزاماته المالية كاملة وحتى الالتزامات المالية التي تشكل شبكة الأمان، وهذا يعني أن الكثير من الدول العربية لم تف بالتزاماتها وهو غير مقبول عربيا أو إنسانيا ، وعلى الدول العربية إن تقوم بواجبها حسب ما وقعت عليه في جميع القمم العربية. وعلى الأمين العام للجامعة العربية إن يقوم شخصيا بمتابعة الوفاء بهذا الواجب القومي، لان الشعب الفلسطيني يقف وحيدا وبصدور عارية يدافع عن مقدسات العرب جميعهم من مسلمين ومسيحيين، ومقدسات الأمة الإسلامية، ويقف في الخندق الأول دفاعا عن الأمتين العربية والإسلامية. ولهذا فإن الخلل واضح لدى الدول العربية التي لم تف بواجباتها المالية وعليها إن تسرع بما يترتب عليها ماليا وسياسيا أسوة بما قامت به السعودية.
الجميع يعلم بان مأساتنا تكمن في استمرار الانقسام وإصرار حماس على مواصلة السيطرة على قطاع غزة ولا ندري متى سيتم الاستماع إلى لغة العقل والمنطق وقبل ذلك إلى أوامر الله سبحانه وتعالى بقوله "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".
كما إن على حكام غزة الذين تدعمهم ايران أن يلتفتوا إلى المآسي والحياة القاسية التي يعيشها أهلنا في غزة جراء الحصار و الفقر وظلم الضرائب وقطع الرواتب، خصوصا المستقلين منهم. وزيادة على كل هذا ما يرتكبه الاحتلال من قتل ودمار وترويع بأسلحة وذخائر من أميركا، التي قدمت القدس هدية مجانية للمحتل والى قطعان المستعمرين الذين ينتهكون حرمة مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وكأن القدس ملك لترامب أو لأميركا!
كما إن الجاهل تاريخيا ترامب أهدى الكذاب نتنياهو جميع ما يريده من إلغاء لقضية اللاجئين قبل إيجاد حل لهم وأخيرا وليس آخرا إهداء هضبة الجولان والاعتراف بسيادة الاحتلال الإسرائيلي عليها وكأننا نعيش في القرون قبل الوسطى أو في عالم الغاب.
في ظل هذا الوضع الفلسطيني والعربي، أصدر الأخ الرئيس محمود عباس قرارا شجاعاً بأن يلغي دور الوسيط الأمريكي بقرار لا رجعة عنه وقطع جميع محادثاته السياسية والمالية والاقتصادية مع عدوتنا أمريكا.
وفي ظل هذا الوضع القاتم على إخواننا العرب تقديم الدعم السياسي والمالي لفلسطين لمواجهة الذين يتعمدون إهانة العرب وخصوصا في مقدساتهم كي يشعر الفلسطيني بان له إخوة يحافظون على مقدسات العرب والمسلمين. وطبعا نحن لا نطلب من العرب الشيء المستحيل، ولكن نقول إن عليهم على أقل تقدير أن ينفذوا ما وقعوا عليه في القمم العربية.
ولا بد هنا من الإشارة إلى انه في اليوم الثاني من شهر رمضان تبرعت قطر مشكورة بمبلغ ٤٨٠ مليون دولار للضفة والقطاع، وهذا يعتبر واجبا على جميع الإخوة العرب.
إن على الأخ الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه الأخ د. محمد أشتية واجب وطني وهو مصارحة أبناء شعبنا الصابر بالوضع الفلسطيني وبمواقف الأوروبيين والروس والصين، وخصوصا إخواننا العرب وضع النقاط على الحروف ، وما يتوجب على شعبنا فعله، خصوصا المقاومة الشعبية اليومية والعصيان المدني المتواصل، والكشف عمن يسرب العقارات للمستعمرين وتعرية المتآمرين.
نعود ونقول بأنه لا بد أن يكون لدينا خطة لدحر الاحتلال ومواجهة كل المؤامرات التي تستهدف شعبنا الذي صبر ومازال يقاوم الاحتلال لتحرير وطنه الذي احتلته حفنة من صهاينة لا حق لهم في وطننا، الذي هو وقف فلسطيني إسلامي مسيحي، بدعم الاستعمار الغربي.
إن الآتي أصعب بكثير من الماضي والحاضر، ويجب أن نتفق على الأمور التي من الممكن الاتفاق عليها بين طرفي الانقسام كي نجابه هذا العدو من يهود وأمريكان ، بوحدة هذا الشعب الواثق من قيادته الحكيمة التي جابهت أقوى دولة في العالم. والله المستعان.
