حماس والجهاد يتجاوزان لغة المجاملة تجاه الأخوة.. هل على إيران شكر السعودية؟

thumb (7).jpg
حجم الخط

كمال خلف

المهرجان الكبير الذي نظمته الفصائل الفلسطينية في غزة، عشية يوم القدس العالمي، قد يوصف بأنه نقطة بداية لمرحلة جديدة في الخطاب الفلسطيني، وخاصة التيار الاسلامي الفلسطيني المتمثل في حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، فرضه وقاحة طرح صفقة القرن، والتجاوز على قضية شعب قدم تضحيات على مدى سبعين عاما من أجل تحرير أرضه ومقدسات العرب والمسلمين .

 رغم كل السياسات الخليجية المتجه نحو التطبيع مع إسرائيل، والمنبطحة للولايات المتحدة الامريكية ، ورغم الجهود التي بذلتها دول خليجية لتحول بوصلة العرب والمسلمين ، من العداء لإسرائيل إلى العداء لإيران . ورغم مسار ممنهج إعلامي وثقافي وسياسي اتبعته هذه الدول لتشويه القضية الفلسطينية و كيل الاتهامات للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تأجير مرتزقه  لإقناع الرأي العام العربي ، بأن الفلسطيني باع أرضه ، وأن الأقصى ليس من المقدسات الإسلامية ، وأن اليهود أصحاب الأرض . رغم كل هذا حاولت القيادات الفلسطينية في التيار الإسلامي طول سنوات من هذا المسار  تجنب الرد المباشر على هذه الدول ، وتحديدا السعودية لاعتبارات كثيرة ، تتداخل فيها العوامل العروبية والإسلامية .
 لكن المواقف أمس في مهرجان غزة كسرت الجرة ، وقلبت الطاولة ، ومن الواضح أن قيادات الفصائل الفلسطينية  ادركوا أن سكين الأخوة وصلت إلى العظم ، وان الخطر القادم من الخليج ، عطل اللغة الدبلوماسية  وقضى على المجاملات و المدارات.  وهي مرونة بكل الأحوال  لم تنفع بل ووجهت باعتبار حركة حماس والجهاد حركات إرهابية .
يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة ، ألقى خطبة عصماء،  قال فيها للاخوة في الخليج أن الحفاظ على عروشكم مرتبط بالحفاظ على القدس . و أكد فيها تحالف حركة حماس مع إيران ، بل وشكر طهران على دعمها للمقاومة الفلسطينية في غزة . مكررا ذلك عدة مرات ،  في رسالة واضحة للمملكة العربية السعودية ومن معها في الخليج .
حماس حاولت عبر السنوات الماضية موازنة علاقتها مع إيران وبقية الدول العربية وخاصة السعودية . لكن السنوار في خطابه أعلن انحياز الحركة لإيران ، وحمل وزر تصفية القضية الفلسطينية للسعودية والإمارات والبحرين ، وحدد قائمة الاصدقاء والاعداء ، وبل زاد السنوار بالثناء على شعب البحرين مطالبا اياه بإعلان الحداد يومي 25 و 26 من الشهر المقبل موعد انعقاد القمة الاقتصادية في إطار صفقة القرن .
 السنوار تحدث عن معركة الوعي العربي في إشارة إلى الحملة التي تشنها وسائل إعلام خليجية على الشعب الفلسطيني  ، وجزم السنوار أن هذه المعركة خاسرة ، لأنها كما قال تحتاج كي تنجح إلى حرق كل المصاحف وهدم كل المساجد .
أما لأمين العام لحركة الجهاد زياد نخالة  فقد هاجم قمة مكة بالقول “يعقدون قمة من أجل أنابيب النفط المدمرة ، ويتجاهلون مجازرهم بحق الشعب اليمني المظلوم والشجاع” .
موقف نخالة هو أول موقف لحركة الجهاد بل أو موقف فلسطيني تجاه الحرب في اليمن . وهو بلا شك موجه للسعودية وحلف تصفية القضية و الصداقة مع إسرائيل .
هذه المواقف تعلن فيها الحركتان الإسلاميتان بوضوح وقوفهما مع إيران ضد السعودية والحلف الأمريكي الإسرائيلي الخليجي . ونعتقد أن هذه المواقف سوف تكون شارة إطلاق محركات الهجوم المعاكس لقوى عربية وإسلامية ضد حلف صفقة القرن . إنها بداية المعركة الشرسة . ولا نشك أن موقف الحركتين سوف يكون له بالغ التأثير على مجمل الحركات الاسلامية في العالم ، وسوف يؤثر كذلك في بعض النخب الإسلامية التي ما زالت منشغلة بخطاب اتهام إيران على خلفية مذهبية ، واتهام حزب الله على خلفية الحرب في سوريا ، و اتهام القيادة السورية وتمجيد المعارضة السورية التي خلقتها دول الخليج كما قالوا هم أنفسهم   وتتباها اسرائيل اليوم علنا أنها دعمتها عسكريا .
لا نعرف أن كانت مصر التي أعطت قيادة القرار العربي طوعا  لانظمة الخليج  واستقالت من دورها ، سوف تستجيب لهذه الأنظمة  وتعاقب الفصائل الفلسطينية  في غزة على هذه المواقف ، بالحصار والتضييق على أهل القطاع ، نرجوا ان لا تفعل ذلك ، ومازال لدينا الكثير من الأمل بمصر العروبة .
السياسات السعودية و الاقتراب الخليجي من إسرائيل و الاستقواء بالولايات المتحدة ، كل هذا دفع إلى وحدة الموقف الفلسطيني لأول مرة ربما في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة ، ودفع الفصائل الفلسطينية كلها إلى توثيق علاقتها مع إيران وحزب الله ، والعمل معهما لإسقاط صفقة القرن . كما دفعت الشعب الفلسطيني والقوى الحية في الأمة العربية إلى الاستيقاظ و الاستنفار والاستعداد للتحرك والتنسيق .
 وبتنا نشعر أن الرأي العام العربي بدأت تزول عنه غمامة التضليل و التجهيل و حرف أنظاره . ربما على إيران أن تشكر السعودية لانها قدمت لها خدمة كبيرة ، أصبحت معها اليوم إيران  قلعة الأحرار الرافضين للغطرسة الأمريكية ، ووقاحة ترامب وصهره في العبث في حقوق الأمة ومقدساتها ، باتت إيران الدولة الوحيدة القادرة على ردع إسرائيل في المنطقة ، بعد أن قبل عرب الخليج بالتحالف مع عدوهم وعدو الأمة  على حساب اخوتهم وكرامتهم  وامنهم .
إننا أمام مرحلة فرز واستقطاب جديدة في المنطقة ، تنقسم فيها الامة إلى فسطاطين ، أما أن تقف مع صفقة القرن و رعاتها وسماسرتها ومروجيها  أو تقف مع حلف المقاومة الذي بلا شك سوف يسقطها . وهذا السقوط سيكون له تبعات كبيرة ، وكبيرة جدا ستغير شكل الشرق الأوسط برمته . و لا غالب إلا الله .