حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، من تصاعد مظاهر العنصرية تجاه اللاجئين النازحين إلى لبنان خصوصًا من سوريا، وإطلاق حملات إعلامية موجهة لحرمانهم من حقهم بالعيش بالكرامة ومن فرص العمل.
ونبّه المرصد الحقوقي الدولي -مقره جنيف- في بيان صحفي اليوم، إلى تداعيات خطيرة محتملة لما يشهده لبنان من تكريس لسياسة عنصرية متصاعدة تجاه اللاجئين في البلاد بما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة تزيد من التدهور الحاصل أصلًا في أوضاع اللاجئين السوريين.
وقال: إن "الهجمات التي تستهدف السوريين ومعظمهم من اللاجئين في لبنان تُنفذ في جو من اللامبالاة والتمييز على المستوى الرسمي، وتستهدف على ما يبدو طرد السوريين من مناطق معينة".
وأعرب عن بالغ قلقه إزاء إطلاق حزب (التيار الوطني الحر) في لبنان حملة قبل أيام ضد توظيف اللاجئين الأجانب في الأراضي اللبنانية بدعوى الحرص على توظيف اللبنانيين وتقليل معدلات البطالة في صفوف الشباب منهم، بحسب البيان.
وأعلن القائمون على الحملة التي حملت شعار (بتحب لبنان وظف لبناني)، أنها توعية تأتي على ضوء ارتفاع معدلات البطالة بسبب ما اعتبروه "مزاحمة العمالة الأجنبية غير الشرعية".
وأطّلع المرصد الأورومتوسطي على مقاطع فيديو ضمن فعاليات الحملة تضمنت سلوكًا عنصريًا فظًا تجاه لاجئين سوريين بإهانتهم والطلب منهم العودة إلى بلدانهم. كما رصد رفع شعارات عنصرية ضد اللاجئين السوريين ومن جنسيات مختلفة في لبنان من بينها (لبنان لم يعد يحتمل)، إضافة إلى عرض مقابلات تلفزيونية موجّهة مع تجار ومواطنين يحرّضون على طرد اللاجئين السوريين من البلاد ومنعهم من العمل.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي: إنّ "إطلاق هذه الحملة يعد امتدادًا لسلسة من الممارسات العنصرية صدرت في الفترة الأخيرة من جهات رسمية وشعبية لبنانية استهدفت اللاجئين السوريين في البلاد، وشملت ترحيلهم وطردهم من أماكن سكنهم بناء على قرارات من أكثر من 13 بلدية لبنانية، ومنعهم من التجوال بعد ساعات معينة في أماكن سكنهم، فضلًا عن تصريحات لكبار المسؤولين اللبنانيين بشأن ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".
وبيّن أنّ الحملات الميدانية والقرارات العنصرية رافقها أيضًا حملات إعلامية عنصرية لقنوات تلفزيونية لبنانية من بينها قناة (OTV) للتحريض ضد توظيف اللاجئين السوريين في أي من مجالات العمل في لبنان، وقناة (MTV) التي نشرت على موقعها مقالاً قالت فيه نقلًا عن طبيب إن اللاجئين السوريين يقفون وراء ارتفاع نسبة السرطان في البلاد.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّ قضية اللاجئين السوريين في لبنان -يقدّر عددهم بأكثر من مليون ونصف شخص- يجب ألّا تتحول إلى مصدر للتشنّجات المتعددة ومحل توظيف للصراعات السياسية الداخلية.
وجدّد الأورومتوسطي دعوته إلى ضرورة إعادة النظر في الأطر التنظيمية المعمول بها في لبنان بشأن شروط الإقامة وتصاريح العمل لضمان عدم استغلال ذلك في حملات عنصرية تحاول النيل من توظيف هؤلاء اللاجئين بحجة مخالفة القانون.
وذكر أن استمرار القيود الحكومية في لبنان على منح الإقامات وتصاريح العمل يحدّ من قدرة اللاجئين السوريين على الحركة بحرية والحصول على فرص عمل، فضلًا عن منعهم من الحصول على التعليم والرعاية الصحية وهو ما يمثل انتهاكًا لأبسط حقوقهم المكفولة دوليا.
وشدد المرصد الحقوقي الدولي على وجوب مراعاة الأوضاع الإنسانية شديدة التدهور التي يعانيها اللاجئون السوريون في لبنان بالنظر إلى أن 74% منهم لا يملكون إقامة قانونية، وأكثر من 76% منهم تحت خط الفقر في وقت يجبر نحو 50% منهم على دفع رسم إقامة سنوي يبلغ ألفي دولار أمريكي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في ختام بيانه، مسئولية السلطات اللبنانية في اتخاذ الإجراءات المناسبة مع الامتثال للالتزامات الدولية خلال التعامل مع اللاجئين وفقًا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والالتزام بمبدأ "العودة الآمنة والمحترمة والطوعية" للاجئين السوريين وفقًا للمبادئ الدولية بشأن عدم الإعادة القسرية.